Kurd Day
Kurd Day Team

حكام الهذبانيين الأكراد ودولتهم
1- الأمير محمد الهذباني بن الأمير بجال: وكما يظهر من سياق التاريخ الإسلامي .فإن الشعب الكردي لم يعتنق جميعه الإسلام , بل قاد الأكراد ثورات وتمردات مستمرة في وجه ما كانوا يعتبرونه إله الإسلام والدين الإسلامي في أنحاء عديدة من كردستان، كما ظهر بين هذا الشعب رجال عظماء، أمثال أبو مسلم الخراساني، وجعفر محمد بن بلال الهذباني، وشداد الكردي، تمردوا جميعاً على الخلفاء العباسيين في بغداد، وعلى الرغم من أن الكثيرين منهم لم يحققوا نجاحات كبيرة فيما سعوا إليه، ولكنهم تركوا لنا أسماءهم باقتدار على صفحات التاريخ ومنهم الأمير محمد بن بلال الهذباني، الذي سنحاول الآن إعطاء وتقديم نبذة عن حياته وسيرته. هاجم الأمير محمد مدينة الموصل عام 293 هـ في نفس الوقت الذي كان كان أبو الهيجا الأمير عبد الله الحمداني التغلبي والي الموصل يهاجم فيه أكراد الهذبانيين، وبعد معارك ضارية بين الطرفين تم دحر الجيش الحمداني الذي تراجع إلى الوراء، ولكن لم ييأس أبو الهيجا من جراء الهزيمة التي لحقت به، فجمع مرة أخرى جيشاً كبيراً ونزل به إلى ميدان الحرب, وكان الأمير محمد الهذباني الكردي يخيم مع ألف بيت من أتباعه حول ضفاف نهر خأبور الحسينية، وبدأ القتال في هذه المرة في قرية ( ماروبا )، ولكن لما وجد الأمير محمد أنه لا يستطيع الاستمرار في القتال، وأنه عاجز عن مقاومة خصمه، حاول التفاوض معه وإنقاذ نفسه منه بالخديعة والمكر، وبذلك تمكن من التسلل ليلاً حاطا رحاله في أذربيجان، ولكنه تصالح مع خصمه أخيراً وعاد إلى بلاده، فانضم إليه أكراد هكاري وعشائر الحميدية والداسنية والمهرانية قد أدى هذا الصلح إلى استقرار الأوضاع في الموصل وبين سكان الجبال أيضاً، كما تم إخماد المشاكل والفتن، أصاب البلاد جرائها خيرا عميما، حتى أنه في عام 337 هـ عندما زحف ناصر الدولة حسن بن أبو الهيجا الحمداني بجيشه نحو بلاد أذربيجان، كانت تنضم إليه العشيرة الهذبانية الكردية, وأسفي أننا لم نعرف حتى الآن اسم زعيم هذه العشيرة الذي خاض تلك الحرب الضروس إلى جانب ناصر الدولة الحمداني في أذربيجان .
2-الأمير ربيب الدولة: رغم الاستقصاء والبحث الدؤوب من جانبي لمعرفة اسم ربيب الدولة فلم أفلح في تحقيق أية نتيجة، ولكني تعرفت على اسم هذا الأمير من خلال سيرة حياة والده، حيث ورد في بعض المصادر التاريخية اسم أبو الهيجا بن ربيب الدولة, علمنا من خلالها أنه من أكراد الهدبانيين، وكان حاكماً على أربيل ( هولير ) ويعتقد أن هذا كان في أوائل القرن الرابع، أو الخامس الهجري ويتطلب التأكيد منا على ذلك أبحاثاً إضافية حول هذا الموضوع .
3-أبو الهيجاء بن ربيب الدولة الهذباني الأول :
عقد هذا الأمير معاهدة مع حاكم أذربيجان واهوزان الروادي الكردي عام 420 هـ وحاربا جنباً إلى جنب ضد الغز الأتراك مصاصي دماء الشعوب، وكانت بلاد أربيل وأورميا تنضويان في هذا الوقت تحت حكم أبو الهيجاء بن ربيب الدولة, وفي عام 420 هـ قتل مسعود شاه بن محمود شاه الغزنوي أعداداً لا تحصى من هؤلاء الغز الأتراك وشتت شملهم وأبعدهم عن بلاده وهنا انقسم الغز على أنفسهم فتوجه قسم منهم نحو كردستان أو( جيا ) وقسم آخر توزع بين كردستان وأذربيجان وهؤلاء كان يتزعمهم عدد من وجهائهم وهم ( كوكتاش ) و ( بوقا) و ( المنصور ) و( دانا )، فأكرم واهوزان الكردي وفادتهم في بلاده أذربيجان, وتمت مصاهرة بالزواج بين الطرفين، وكان واهوزان يرمي من وراء ذلك تمتين مركزه والحفاظ على بلاده من غارات مسعود شاه يمساعدة هؤلاء الغز الرحل, ولكن خاب فأل الحاكم الكردي، لأن الغز بدأوا يثيرون الفوضى والقلاقل في البلاد ويقومون بالسلب والنهب فيها، ودخلوا مدينة (مراغة) عاصمة كردستان أذربيجان عام 429 هـ، فأحرقوا المساجد وقتلوا العديد من الأكراد الهذبانيين, ونهبوا أموالهم، ولهذا اضطر أبو الهيجا بن ربيب الدولة الهذباني – الذي كان مقره في أورمية في ذلك الوقت – إلى عقد تحالف مع واهوزان الروادي ملك أذربيجان والذي كان يستقر – كما قلنا – في عاصمته مراغة ونتيجة هذا التحالف قاما بمهاجمة الغز السفاحين ومصاصي دماء الشعوب, واستطاعا إلحاق الهزيمة بهم فانقسم الغز بسبب ذلك إلى قسمين :
آ- القسم الأول منهم توجه بقيادة ( بوقا ) نحو الري – طهران – الحالية .
ب- القسم الثاني توجه بقيادة ( المنصور ) و ( كوكتاش ) نحو مدينة همدان عاصمة أبو كاليجار بن علاء الدولة وبدأ بينهما قتال عنيف قتل خلاله عدد كبير من الطرفين، وعندما وجد أبو كاليجار أنه لا يستطيع الاستمرار في المقاومة لجأ إلى عقد صلح معهم ثم تقرب الطرفان ن بعضها بالزواج والمصاهرة .
أما الغز الذين توجهوا إلى الري – طهران – التي كان يحكمها علاء الدولة الذي استنجد لخوفه من الغز بـ فناخسرو بن مجد الدولة البويهي وبـ (ﮔامر) حاكم ساوا الديلمي، ولكن ترك لهم علاء الدولة المدينة بعد عدة معارك ضارية، والتجأ إلى مدينة أصفهان فاقتحم الغز الدمويون طهران أيضا، وابادوا النساء والأطفال بوحشية متناهية وقاموا بسلب المدينة ونهبها وارتكبوا فيها الفظائع من مذابح وسلب ونهب وخطف للنساء وإحراق للدور والبيوت، ويقال بأن النساء كن يلجأن من شدة خوفهن إلى الاعتصام بالمساجد ولكنهم كانوا يغتصبوهن حتى داخل المساجد، ويرتكبون أعمالاً منافية للدين والأخلاق، ثم بدأ البعض من الغز بتعقب أثر علاء الدولة، ولكنهم عجزوا عن اللحاق به فنهبوا في طريقهم مدينة (كرج ) الكردستانية، كما توجه بعضهم بقيادة ( ناصغلي ) نحو مدينة قزوين فاضطر سكان المدينة إلى أن يدفعوا لهم رشوة مقدارها سبعة آلاف دينار، وارتضوهم حكاماً وأسياداً لهم، واستقرت جموعهم في المدينة، ثم توجه قسم منهم إلى أرمنيستان منطلقين من مدينة أورمية وبدأوا بعمليات السلب والنهب والقتل والتدمير وقاموا بسبي النساء وكانوا يبيعون الفتاة العزباء إلى بعضهم بخمسين ديناراً، ولهذا يكون هؤلاء الغز قد قاموا بأعمال فظيعة لايمكن حصرها, وأخيراً وصلت طلائعهم إلى بلاد أبو الهيجاء بن ربيب الدولة الهذباني حاكم أربيل وأورمية، ودارت بين الطرفين حروب دموية إلى أن تمكن الغز – فيما بعد – من دخول المدن الكردية والقيام بفصل مريع من القتل والتدمير والسلب والنهب، وارتكبوا فظائع يندى لها جبين الإنسانية خجلاً مما اقترفته أياديهم الآثمة وفي عام 430 هـ هاجم الغز مرة أخرى مدينة همدان ن وفي هذه المرة أيضاً هرب من أمامهم أبو كاليجار بن علاء الدولة والتجأ إلى مدينة ( كنغور ) في كردستان فقام الغز بنهب مدينة همدان، وأراقوا فيها الدماء بدون حساب، ثم توجهوا نحو بلاد ( الدينور ) في كردستان أيضاً ولكن تصدى لهم الملك الكردي أبو الفتح بن أبي شوك, الذي كان يقيم في مدينة (حلوان) فتمكن منهم وقتل عدداً غفيراً منهم وأسر آخرين، ولكنه تصالح معهم أخيراً وأطلق أسراهم كما قتل علاء الدولة في أصفهان عدداً كبيراً منهم واستولى على المدينة أيضاً، وفي عام 432 هـ دعا واهوزان ملك أذربيجان الغز إلى وليمة خاصة في عاصمته مراغة, واثناء اجتماعهم على الوليمة بادر إلى اعتقال واسر عدد كبير من زعمائهم، وثلاثين من قادة جيشهم، فشعر الغز الباقون بالذعر ولاذوا بالفرار من مناطق أورمية إلى بلاد الهكاريين ولكن قتل الأكراد الهكاريون عدداً كبيراً منهم، إلا أن الدائرة دارت على الأكراد في النهاية وهربوا من أمام أعدائهم الغز الذين أعملوا فيهم السيف والسلب والنهب، وخطفوا نساءهم وأولادهم، فكان لابد للكرد من اعتلاء قمم الجبال والتحصن بالشعاب والوهاد الجبلية, ولكن لم يتركهم الغز وشأنهم، بل بدؤوا يتعقبونهم إلى رؤوس الجبال ويشتبكون معهم في كل مكان، إلا أن الأكراد الهكاريين تمكنوا من حشد قواهم وإعادة تجميع صفوفهم مرة أخرى ثم حملوا على الغز حملة رجل واحد، وألحقوا بهم هزيمة ماحقة، فقتلوا ألفاً وخمسمائة من فرسانهم، كما أسروا أعداداً لا تحصى من رجالهم، ومن بين الأسرى كان سبعة من القادة الكبار، وسبعة من حكامهم وزعمائهم. وفي الحقيقة, فقد بلغ عدد أسرى الغز من الزعماء والقادة والحكام، إلى مئة فرد ويعتبرهؤلاء من خيرة رجالهم, ممن لهم مكانة اجتماعية مرموقة بين قومهم، واستطاع بذلك الكرد من رد نسائهم وأطفالهم وأموالهم وأسلحتهم وتشتيت شمل الباقين من الغز الذين لاذوا بالفرار إلى البوادي والجبال المجاورة, لايلوون على شيء. وعندما سمع أبو الهيجاء بن ربيب الدولة الهذباني الكردي ذلك، قام بتعقب فلولهم حتى ظفر بهم وأبادهم عن آخرهم .
2- الأمير موسى الهذباني: يعتقد أن موسى الهذباني هذا، هو والد ( موسك ) الذي لا نعلم عنه وعن تاريخه إلا القليل، وجل ما نعلمه عنه هو ورود اسمه في التاريخ في معرض ذكر إ سمي ولديه ؛ أبو الحسن، وأبو علي، وذلك عندما ينتسبان إليه فقط. ولكن نعلم بالمقابل بأن موسك كان له ثلاثة أبناء وهم: أبو الحسن – وأبو علي – وسالار.
3- أبو الحسن بن موسك الهذباني: كان أبو الحسن هذا حاكماً على أكراد الهذبانيين ومدينة أربيل، وعلى جميع المناطق المحيطة بها حتىعام 440 هـ، وكان أخوه أبو علي في حالة تمرد دائم ضده، مطالباً بالعرش وبحكم البلاد، وفي هذه الأثناء كان أبو الحسن بن عيسكان الحميدي حاكم عقرة وشوش ( شش ) حليفاً لأبي علي بن موسك، في نفس الوقت الذي كان فيه قرواش حاكم الموصل حليفاً لأبي الحسن بن موسك الهذباني، إلا أن أبو علي تمكن من الانتصار على أخيه في إحدى المعارك بمساعدة أبو الحسن بن عيسكان الحميدي، ثم أودع أخاه السجن، واستقل هو بحكم الهذبانيين وأربيل، عندها شعر قرواش بالامتعاض مما حدث، ولكنه لم يكن ليستطيع أن يحرك ساكناً .
4- الأمير أبو علي بن موسك الهذباني: ذكرنا آنفاً بأن أبو علي تمكن - وبمساعدة حاكم عقرة – من الإطاحة بأخيه وإيداعه السجن، الأمر الذي أقلق قرواشاً حاكم الموصل، الذي كان يلقى الكيد والعداء من ملك آمد وفارقين الكردي، وعندما حشد الملكان قواتهما في جبهات القتال، طلب قرواش النجدة من الأميرين الكرديين ؛ أمير الهذبانيين، وأمير الحميديين، فلبى الأميران طلبه وقاما بنجدته، ولكن لم يحدث صدام بين جيشي الدولتين، فسحب كل منهما جيوشه إلى مواقعها، وهنا انتهز قرواش الفرصة وقام باعتقال الأميرين الكرديين وهددهما, بأنه سيزجهما في السجن, وسوف, لن يريا النور بعداليوم أبداً، إذا لم يبادرا إلى إطلاق سراح أبو الحسن بن موسك الهذباني وإعادته إلى حكم البلاد من جديد، فكان لابد للأميرين الكرديين – الكبيري -الرأس من الرضوخ لأوامر قرواش، فتركا ولدي الأمير أبو الحسن الحميدي رهينتين لدى قرواش وذهبا معاً إلى أربيل، وفي الطريق اتفقا على إطلاق سراح أبي الحسن الهذباني والإتيان به إلى قرواش لإنقاذ ولدي أبو الحسن الحميدي وليفعلا بعد ذلك ما يريدان, فعادا إلىقرواش وقالا له: ها نحن أطلقنا سراح أبي الحسن الهذباني وأعدناه حاكماً على أربيل كما كان، ونريد الآن أن تحرر ولدي الأمير من الأسر، فاستجاب لهما قرواش وأطلق سراح الرهينتين، ثم عاد الأميران إلى أربيل ومعهما أبي الحسن الهذباني ليسلماه قلاعه ومدنه الأخرى، وفي الطريق أسر أبو الحسن الحميدي لأبي علي قائلاً له :ها.. إني قد حررت ولدي من اسر قرواش، وعلينا أن نبادر إلى اعتقال أبي الحسن وإلقائه في السجن مرة أخرى، ولكن شعر أبو الحسن الهذباني بما يدبران له في الخفاء، فتخلى عنهما وعاد أدراجه إلى الموصل، بعدما أرسل معهما بعضاً من جنوده وذويه ليستلموا القلاع منهما وكذلك الأماكن الاستراتيجية التي بقيت بحوذتهما، إلا أن الحليفان عمدا إلى أسر جنود أبو الحسن الهذباني، وأصبح أبو علي حاكماً على أربيل مرة أخرى، بينما استقر أبو الحسن الهذباني وأخوه سالار لدى قرواش في الموصل .
5- أبو الهيجاء الهذباني: في الحقيقة تصادف المرء صعوبات جمة في تتبعه لتاريخ هذا الرجل وسيرة حياته. لأن هناك من ( 3- 4 ) أشخاص مثله يحملون نفس الاسم الذي يرد مرات عديدة في تاريخ هذه العائلة الكردية مثل أبو الهيجاء بن ربيب الدولة الهذباني وأبو الهيجاء الروادي الذي كان يستقر في فارقين، وأبو الهيجاء الهذباني، وأبو الهيجاء البدين، ولكن يظهر أن أبو الهيجاء الهذباني هذا, كان من الشخصيات البارزة في كردستان, ويتمتع بسمعة كبيرة في هذه العائلة, وقد حارب في عام 499 هـ إلى جانب (جكرمش ) حاكم الموصل، ضد المدعو ( جاولي سقا ) الذي تمكن من قتل جكرمش عام 500 هـ وأسر الأمير فضل بن الهيجاء، إلا أن أبو الهيجاء تمكن من إطلاق سراح ابنه وعقد صلحاً مع جاولي سقا, الذي كان قائداً لجيش محمد شاه بن ملك شاه السلجوقي, وكان الأخير قد أرسله إلى الموصل وكان أبو الهيجا بالإضافة إلى الأمير نصر بن أبي الشوك اثنان من حكام الكرد اللذان قدما من بلاد حلوان ضمن قوام جيش مسعود شاه السلجوقي للهجوم على الموصل عام 502 هـ، وفي عام5 50 هـ كان أبو الهيجاء والأمير أحمد يل بن سالار بن واهوزان ينضمان بجيشهما الكرديين إلى جيش محمد شاه بن ملك شاه السلجوقي و يهاجمان معه بلاد السريان بينما كان جيوش بك حاكم الموصل يهاجم في عام 512 هـ بلاد دبيس بن صدقة حاكم بلاد الحلة، وكان الجيش الكردي منضماً في هذه المعركة إلى جيش جيوش بك بقيادة أبو الهيجاء الهذباني حاكم أربيل .
6- الأمير فضل والأمير أبو علي ابني أبو الهيجاء: قتل (البرسقي) حاكم الموصل على يد الباطنية، عام 502 هـ فخلفه ابنه عز الدين مسعود، الذي تمكن من إنقاذ أربيل من أيدي الأجانب، وأسند حكمها مرة أخرى إلى الأميرين, فضل وأبو علي ابناء أبو الهيجاء، وفيما عدا هذه لا نملك في أيدينا المزيد عن أخبار هذين الأميرين حتى الآن، ونعلم أن أربيل خرجت في عام 17 هـ من تحت سيطرة هذه العائلة الكردية ولكن لانعلم هوية الذين قاموا بانتزاعها منها، ويذهب ابن الأثير إلى أن عز الدين مسعود بن البرسقي حاكم الموصل، أسند حكم أربيل مرة أخرى عام 527 هـ إلى ولدي أبو الهيجاء الأمير فضل والأمير أبو علي-كما مر معنا في السابق- .
7- الأمير أبو الهيجاء البدين: مع مزيد من الأسف لم يتم التعرف حتى الآن على اسم هذا الأمير الكبير، ولا على اسم أبيه، وقد ظهر ذكره فقط في تاريخ الدولة الأيوبية الكردية ومن خلال ذكر ملوك مصر والشام وكردستان تبين بأنه كان قائداً للجيش في مصر عام 564 هـ – حيث سيمر معنا ذلك لاحقاً – ومن المرجح أن يكون هذا الرجل أحد أبناء أبو علي أو الفضل، ولدا أبي الهيجاء الأول الكبير، وأن يكون اسمه (سالار) ويلقب بـ(حسام الدين)، ففي عام 564 هـ قامت ثورة العبيد في مصر ضد الدولة الأيوبية بقيادة المدعو(مؤتمن الدولة ) عندها سارع صلاح الدين الأيوبي إلى تعيين حسام الدين هذا, قائداً للجيش وأرسله لقمع ثورة عبيد السودان الذين عرفوا بـ ( عبيد القصور ) فأبادهم عن آخرهم، وأحرق محلتهم بعدما قتل أحد أخوته خلال سير المعارك، وبقي هو قائداً للجيش الأيوبي حتى عام 568 هـ وكان يعتبر أحد وجهاء الكرد وزعمائهم، أصبح حاكماً على عكا ومؤازراً للجيش الذي كان يدافع عن المدينة وكان يجاهد الفرنجة بشجاعة نادرة المثال، ولكنه – وبعد فترة – خرج من قلعة عكا ومعه ستين من قادة الجيش، فحل محله الأمير سيف الدين علي بن المشتبي الهكاري مع عشرين من قادة الكرد، وفي عام 588 هـ جمع يوسف صلاح الدين شاه قادة جيشه وولاته وخاطبهم بقوله:إننانرغب الآن القيام بتحصين مدينة القدس,والدفاع عنهاحتى النهايةوألا نسلمهاللأعداء بسهولة. وبعد انفضاض الاجتماع التقى القادة في بيت أبو الهيجاء وقالوا لا يمكننا أن نترك أمورنا هكذا ليحدث لنا هنا مثلما حدث لغيرنا في عكا، فنلقي بأنفسناألىالأسرلدى الأعداء، ولكن إذا وافق الشاه أن يبقى هو نفسه معنا، أو إذا ترك أحد أبنائه هنا، عندئذ يمكن أن نفعل ما يريد ونستجيب لرغباته، وبناء على طلب من هؤلاء القادة، كتب أبو الهيجاء رسالة إلى الشاه يقول فيها: بعد خروج القادة والولاة من عندك، جاؤوا إلي يقولون كذا وكذا. ولذلك أرى أن يقوم الجيش الكردي بمحاربة عدوه خارج المدينة، فإذا ما قيض الله لنا النصر على العدو، فبها ونعمت، أما إذا انتصر العدو علينا، ففي هذه الحالة يجب أن نحاذر من وقوع الجنود الكرد اسرى بايدي الأعداء، ويجب أن ندخرهم لحرب أخرى قادمة فأصغى يوسف صلاح الدين لكلامه ووافق عليه، وفي عهد عادل شاه لجأ بعض من قادة الجيش والحكام الأكراد إلى ترك صفوف جيش عثمان شاه بن صلاح الدين بقيادة أبو الهيجاء البدين, وانضموا إلى جنود عادل شاه كمااصبح حسام الدين أبو الهيجاء حاكماً على القدس، ولكن عندما تصالح الشاهان وعاد عثمان شاه إلى القدس، سلمه حسام الدين المدينة دون حرب ثم توجه نحو بغداد عند الخليفة العباسي، وأصبح قائداً لجيشه، فأرسله الخليفة ليحارب في بلاد كردستان، وإيران، ولكنه عزل أخيراً عن قيادة الجيش ومسؤوليات الحكم، فشد الرحال إلى مدينة ( ده دوقا ) واستقر فيها ثم توفي في هذه المدينة عام 592 هـ، ويمتدحه المؤرخون – حتى اليوم – بكثير من الإثارة والإعجاب .
8- قطب الدين خسرو بن تليلة الهذباني: كان هذا القائد العسكري الكبير واحداً من أولئك الذين ذهبوا مع ( شيركوه ) إلى مصر وآزروا يوسف شاه صلاح الدين ليحكم فيها, كما أصبح- فيما بعد – واحدا من الذين كانوا يتطلعون لاحتلال مكانة شيركوه والاستحواذ على منصبه في الدولة، ولكنهم جميعاً أعلنوا خضوعهم لصلاح الدين بتدخل من الفقيه ضياء الدين عيسى الهكاري الذي سنأتي على ذكر ذلك لاحقاً,- وكما أشرنا سابقاً-, فإن قطب الدين خسرو، هو ابن أخ أبو الهيجاء الهذباني، ووالده يدعى ( تليلة، طليلة ). ويضيف المؤرخون على ذلك بقولهم: إن هذه العائلة كانت تحكم أربيل منذ أمد طويل توارث أفراد العائلة حكم المدينة أباً عن جد، أي بما معناه أن هذه البلاد كانت ملكية وراثية، فحصر حكمها في يد عائلة أبو الهيجاء الهذباني، وقد ذكرنا سابقاً أن أحد أخوة أبو الهيجاء قتل في إحدى المعارك ضد عبيد السوداني، ولكن يغفل التاريخ عن ذكر اسمه، ولهذا نرجح أن يكون ( تليلة) هو والد قطب الدين خسرو .
9- الأمير حسام الدين بن الأمير أبو علي: كان الأمير حسام الدين بن أبو علي الهذباني يحتل مكانة مرموقة في جيش الشاه صلاح الدين الأيوبي ،وواحد من أصدقائه المشهورين في التاريخ وخاصة في عام 637 هـ الذي ذاع فيه صيته، وعندما وقع صالح شاه أسيراً في الكرك بيد ابن عمه، عاد الأمير حسام الدين محمد إلى دمشق واستقر لدى الملك إسماعيل ، إلا أن إسماعيلاًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًً أودعه السجن، ثم أطلق سراحه وخرج من سجنه عام 640 هـ كما سجن ابنه الأمير سيف الدين أبو علي بن الأمير حسام الدين محمد في مدينة حمص عام 646 هـ ويذهب البعض إلى أنه بقي سجيناً حتى عام 640 هـ ثم أطلق سراحه فيما بعد، ويقول آخرون عنه أنه توفي في سجنه، والأمير سيف الدين أبو علي هو ابن الأمير حسام الدين محمد بن أبو علي بن موسك الهذباني، وفي عام 646 هـ ذهب الأمير حسام الدين محمد بن الأمير أبو علي إلى دمشق وبنى قريته في شمال مدينة دمشق تحت سفح جبل قاسيون أسماها الصالحية ويطلق عليها اليوم اسم حي الأكراد ثم جعل الأمير حسام الدين القرية مقراً له ومركزاً لجنده، وكانت القرية قبل ذلك عبارة عن بضعة بيوت ومبان وخيام تعود إلى صالح شاه، ثم أصبح حاكماً على بلاد الشام، وبعد بضع سنوات عاد إلى مصر من جديد وأصبح حاكماً لدينة القاهرة، وهناك قام بتدبير مؤامرة كبرى ضد حكام مصر بعد وفاة نجم الدين صالح شاه، ولكن تم إزاحته عن الحكم عام 651 هـ، وهرب إلى دمشق ثانية، فخصص له الحاكم الكردي ناصر شاه الموجاكي مئة فارس لحراسته، وتوفي أخيراً في مدينة دمشق .