انتفاضة بهدينان الكردية ضد الاستعمار البريطاني
تعتبر انتفاضة منطقة بهدينان ضد قوات الاحتلال البريطانية احدى المآثر الخالدة التي سطرها الثوار الكرد في سنة 1919م دفاعا عن كردستان بعد غزوها من قبل القوات البريطانية وهي في حقيقة الأمر إحدى الإرهاصات التي مهدت فيما بعد للثورة العراقية الكبرى (ثورة العشرين) .
هذه الانتفاضة لم تلق عناية الباحثين والمؤرخين العراقيين بعربهم وكردهم الا ما كان من امر المؤرخ عبد المنعم الغلامي الذي بحث فيها بشكل تفصيلي في كتابه (ثورتنا في شمال العراق) ومؤرخين آخرين اشاروا اليها بصورة مقتضبة في معرض حديثهم عن ثورة العشرين وان كان قادة الاحتلال البريطاني تطرقوا اليها في مذكراتهم وتقاريرهم بصورة تخدم وجهة نظر بلادهم المستعمرة باعتبارها مجرد تمرد قبلي او انتفاضة عشائرية قادها الزعماء القبليون الكرد نتيجة الأضرار التي لحقت بمصالحهم من جراء السيطرة البريطانية على العراق وكردستان .
ومما يجدر ذكره ان الباحثين قد ركزوا بحثهم على الانتفاضة التي قادها الشيخ محمود الحفيد البرزنجي ضد قوات الاحتلال البريطاني اعتبارا من 19 مايس 1919م باعتبارها من الحوادث المهمة التي لو قدر لها النجاح لتغير الوضع في عموم الساحة الكردستانية ولكن هذا لا يدعو الى الغاء البحث في الانتفاضات والثورات التي عمت الاجزاء الاخرى من كردستان وتسليط الضوء عليها لمعرفة الدوافع الحقيقية لقيامها بعيدا عن وجهة النظر البريطانية ومما ترتب عليها من نتائج كان لها الاثر الكبير فيما بعد في تغيير الخارطة الجيوسياسية للدولتين الجارتين تركيا والعراق وفشل مشروع الوطن القومي المسيحي (الآثوري) في كردستان من جهة اخرى .
في 31 تشرين الاول عام 1918م عقدت هدنة مودرس بين الدولة العثمانية المغلوبة على امرها وبريطانية العظمى المستعمرة وكانت القوات البريطانية آنذاك تقف في جنوب مدينة الموصل عند مشارف مدينة القيارة ولكنها تحركت شمالا واستغلت الهدنة حيث احتلت الموصل مركز الولاية العثمانية واستقرت فيها الفرقة البريطانية 18 التي يقودها الجنرال جورج ماكمن وتم تعيين الكولونيل ليجمن حاكما سياسيا عليها وارسلت مفارز عسكرية بريطانية الى شمال العراق الى الاقضية الكردية دهوك – زاخو – العمادية حيث استقرت قوة بريطانية في قرية بيداد الواقعة على بعد خمسة كيلومترات غرب العمادية .