بعض قصائد نزار قباني

الضفائر السود


ياشعرها على يدي
شلالٌ ضوء أسود
ألمّه سنابلاً
سنابلاً لم تُحصدِ
لاتربطيه واجعلي
عل المساء مقعدي
من عمرنا على مخدات الشذا
لم نرقدِ
وحرَّرَته من شريطٍ
أصفرٍ مغردِ
واستغرقتْ أصابعي
في ملعبٍ حرٍ ندي
وفرّ نهر عتمةٍ
على الرخام الأجعدِ
تُقِلُّني أرجوحةٌ سوداء
حيرى المقصدِ
توزع الليل على
صباح جيد أجيدِ
هناك طاشت خصلة
كثيرة التمردِ
تسرّ لي أشواق صدرٍ
أهوج التنهدِ
قد نلتقي في نجمةٍ
زرقاء لاتستبعدي
تصوري ماذا يكون العمر
لو لم توجدي
 
إين أذهب؟


لم أعد دارياً إلى أين أذهب..
كل يوم.. يصير وجهك أقرب..
كل يوم.. يصير وجهك جزءاً..
من حياتي.. ويصبح العمر أخصب..
وتصير الأشكال أجمل شكلاً..
وتصير الأشياء أحنى وأطيب..
قد تسربتِ في مسامات جسمي..
مثلما قطرة الندى.. تتسرب..
اعتيادي على غيابكِ صعب..
واعتيادي على حضوركِ أصعب..
كم أنا.. كم أنا أحبكِ.. حتى..
أن نفسي من نفسها.. تتعجب..
يسكن الشِعر في حدائق عينيكِ..
فلولا عيناكِ.. لاشعر يكتب..
منذ أحببتك الشموس استدارت..
والسماوات.. صرن أنقى وأرحب..
منذ أحببتكِ.. البحار جميعاً..
أصبحت من مياه عينيكِ تشرب..
.....
.....
خطأي.. أنني تصورت نفسي..
ملكاً ياصديقتي ليس يغلب..
وتصرفتُ مثل طفل صغير..
يشتهي أن يطول أبعد كوكب..
سامحيني.. إذا تماديت في الحلم..
وألبستكِ الحرير المقصب..
أتمنى.. لو كنتِ بؤبؤ عيني..
أتراني طلبتُ ماليس يطلب؟..
أخبريني من أنت؟ إن شعوري..
كشعور الذي يطارد أرنب..
أنت أحلى خرافة في حياتي..
والذي يلحق الخرافات يتعب..
 
اندفاع


أريدكِ..
أعرف أني أريد المحال..
وأنكِ فوق ادّعاء الخيال..
وفوق الحيازة.. فوق النوال..
وأطيب مافي الطيوب..
وأجمل مافي الجمال..

أريدكِ..
أعرف أنك لاشئ غير احتمال..
وغير افتراض..
وغير سؤال.. ينادي سؤال..
ووعد ببال العناقيد..
بال الدوال..

أريدكِ..
أعلم أن النجوم..
أروم..
ودون هوانا تقوم..
تخوم..
طوالٌ.. طوال..
كلون المحال..
كرجع المواويل بين الجبال..
ولكن على الرغم مما هوَ..
وأسطورة الجاه والمستوى..
أجوب عليكِ الذرى والتلال..
وأفتح عنكِ عيون الكُوى..
وأمشي..
لعليَ ذات زوال..
أراكِ.. على شقرة الملتوى..
ويوم تلوحين لي..
على لوحة المغرب المخملي..
تباشير شال..
يجرّ نجوماً..
يجرّ كروماً..
يجرّ غلال..
سأعرف أنك أصبحت لي..
وأني لمست حدود المحال..
 
قصة خلافاتنا

برغم.. برغم خلافاتنا..
برغم جميع قراراتنا..
بأن لانعود..
برغم العداء.. برغم الجفاء..
برغم البرود..
برغم انطفاء ابتساماتنا..
برغم انقطاع خطاباتنا..
فثمة سر خفي..
يوحد مابين أقدارنا..
ويدني مواطئ أقدامنا..
ويفنيكِ فيّ..
ويصهر نار يديكِ بنار يديّ..

برغم جميع خلافاتنا..
برغم اختلاف مناخاتنا..
برغم سقوط المطر..
برغم استعادة كل الهدايا.. وكل الصور..
برغم الإناء الجميل ..
الذي قلت عنه.. انكسر..
برغم رتابة ساعاتنا..
برغم الضجر..
فلازلت أؤمن أن القدر..
يصر على جمع أجزائنا..
ويرفض كل اتهاماتنا..

برغم خريف علاقاتنا..
برغم النزيف بأعماقنا..
وإصرارنا..
على وضع حد لمأساتنا..
بأي ثمن..
برغم جميع ادعاءاتنا..
بأنيَ لن..
وأنكِ لن..
فإني أشك بإمكاننا..
فنحن برغم خلافاتنا..
ضعيفان في وجه أقدارنا..
شبيهان في كل أطوارنا..
دفاترنا.. لون أوراقنا..
وشكل يدينا.. وأفكارنا..
فحتى نقوش ستاراتنا..
وحتى اختيار اسطواناتنا..
دليل عميق..
على أننا..
رفيقا مصير.. رفيقا طريق..
برغم جميع حماقاتنا..
 
عبثاً ماأكتب ياسيدتي


عبثاً ماأكتب ياسيدتي..

إحساسي أكبر من لغتي..

وشعوري نحوك يتخطى..

صوتي .. يتخطى حنجرتي..

عبثاً أكتب مادامت..

كلماتي أوسع من شفتي..

أكرهها كل كتاباتي..

مشكلتي أنك مشكلتي..
 
يلذ لـي


يلذ لي .. يلذ لي .. أن أرى..

خضرة عينيك على دفتري..

وارتعشت جزيرة في مدى..

مزغرد.. معطر.. أنور..

خضراء بين الغيم مزروعة..

في خاطر العبير لم تخطر..

ياعين.. ياخضراء.. ياواحة..

خضراء ترتاح على المرمر
 
عودة
أعلى