مذكرات كريم نائل _ الحلقة 2


مذكرات كريم نائل _ الحلقة 2



كنتُ أعرف الطريق إلى المبنى الأمني وكم يبعد عن المكان الذي أخذوني منهُ ، ولكن السيارة استمرت في السير أكثر من ربع ساعة فعلمتُ أنهم يأخذوني إلى مكان آخر ،والله أعلم إلى أين ، بعدها بفترة زمنية لا أعرف مدتها سمعتُ صوتاً لبابٍ يُفتحْ ، فعرفتُ أننا قد وصلنا وفجأة توقفت السيارة بعدها تحركت وأغلق الباب ،
قرأتُ الشهادتين وتركتُ مصيري بيد الله سبحانه وتعالى ، فهو الناجي من البلايا ، والعالم بالخفايا ،
لا أدري كيف خطر لي أن أحسب خطواتي التي أسيرها في هذا المبنى ،ترجلوا من السيارة وأنزلوني معهم والكيس يعمي بصري ، بدأنا بالسير وهم ممسكون بيدي ، حتى وصلنا إلى الخطوة رقم 173 !،
توقفنا وقال لي أحدهم ، اسمع ، بعد أن ندخلكَ إلى هذه الغرفة ونغلق الباب سترفع الكيس من رأسك ، وستجد أمامك كرسي ومنضدة عليها أوراق فيها عدد من الأسئلة تخصك، أجب عنها وأرمي لنا الإجابة من تحت الباب ، وانتظرنا ، قلت نعم كما تشاء ،
أدخلوني الغرفة ورفعتُ الكيس بعدما أقفلوا عليّ الباب ، جلستُ على الكرسي وأمسكتُ بالأوراق أتفحصها لأرى ما فيها من أسئلة ،
والأسئلة كانت كالتالي :
الاسم الرباعي :
العمر:
المهنة :
العنوان:
التحصيل الدراسي :
عدد أفراد الأسرة ووظائفهم :
الانتماء السياسي :
القبيلة :
هل لديك أقارب محكوم عليهم سياسيّاً :
هل لديك أقارب محكوم عليهم بالإعدام بتهم السياسة :
هل لديك فرد من العائلة خارج البلد :
والسؤال الأخير كان ،
لمَ أنتَ في هذه الغرفة ؟
أجبتُ على كل ما سألوه ،وبعد الانتهاء رميت بالأوراق لهم من تحت الباب ، وعدتُ إلى مكاني أنتظر بقلقٍ وخوفٍ شديدَين ، " أيّ مصيرٍ ينتظركَ يا كريم ؟؟
وبعد ما يقارب الساعة والنصف ، فتح الباب ودخل رجلٌ وسيم جداً ، وشخصيّته تدل على أنه مدير أو موظف كبير في هذه الدائرة ،
نهضت من على الكرسي ، تقدّم نحوي وسلم عليّ وصافحني بحرارة ، وأمرني بالجلوس ،
وبدأ يطوف حولي دون أن ينطق بكلمة واحدة ،
وبعد دقائق من الترقب والخوفِ المريب ، وضعَ يدهُ على كتفي وقال :
أنتَ شاب مثقف وتملك عقلاً كبيراً وليس هنا مكانك ، كانَ عليكَ أن تستغلّ عقلكَ وأفكارك في مجالاتٍ أخرى تخدمُ بها هذا البلد ، ما شأنكَ بالسياسة ، لمَ لم تتركها لأهلها ؟ السياسة كالبحر الهائج العميق وأيّ بحّارٍ يريد ركبه مصيرهُ الغرقُ أو المجازفة ، وإن غَرقت سفينتهُ سيموت كل من فيها ، حتى النمل ، وأنتَ نملةٌ يا صديقي ، عد إلى رشدك ولا تنسى كونكَ نملة ،
سنسامحكَ هذه المرة ، ولكن ليسَ قبل أن تتحملّ نتيجة ما ارتكبتهُ يداكَ الجميلتان ،
فنحنُ هنا في هذا المبنى دولة لا تختلف أحكامها عن الأحكام السماويّة ،
عندنا كلّ شيء كالآخرة ، الجنةُ والجحيم ، وسنزنُ ما فعلتَ ولم تفعلهُ ونقيس عليهِ حجم عذابك أو خلاصك ،
كنت أقول بنفسي ، "كيف يشبه هذا الكافر دائرتهُ اللعينة بعدالة السماء؟
فضلت السكوت وعدم المناقشة أو الكلام ، ولم أنطق بكلمة ،
بعدها بلحظات ، قال لي يا كريم ستبقى ضيفاً هنا لبضعةِ أيامٍ ولا تخف سنكرمك ، فإكرام الضيف واجب ونحن نعرف الأصول ،
ولكن طريقتنا في إكرام الضيف تختلف بعض الشيء عن العادة المتبعة لدى الناس ،
نظر في وجهي قليلاً ثم توجه إلى الباب ...طرق الباب مرتين ، وفُتح له ، دخل رجلين إلى الغرفة ،
أمرهم أن يأخذوني وقال ، أكرموا ضيفنا "آخر كرم" ،

نهاية الحلقة

انتظروني غدا مع الحلقة الثالثة
 
رد: مذكرات كريم نائل _ الحلقة 2

رائع أكرم..

بانتظار التكملة على أحر من الجمر..

دائماً رائع في كتاباتك..

دمت بود..

الم..
 
رد: مذكرات كريم نائل _ الحلقة 2

هههههههههههههههههههه طولي بالك لا تسبقي الاحداث
تحية وتقدير اختي
اكرم
 
رد: مذكرات كريم نائل _ الحلقة 2

تسلم ايديك

وبانتظارررررر الحلقات القادمةةةةةةةةةة
 
عودة
أعلى