أسهل ما يمكن لعائلة فعله لكي تربي بنتاً من بناتها، هو اللجوء إلى الأعراف والتقاليد كمرجعية نهائية لقصة حياة كائن حي مستقل، قصة فتاة يمكن أن تراها وهي تمر أمامك في الشارع، لم ترسم خطاً واحداً فيها، ولم تكتب حرفاً واحداً منها، مع أنها ذكية وبتعرف تقرا وتكتب، وأمورة وبتعرف ترسم حواجبها، ويا نيالها إذا تجوزت واحد مليان، وخلفت منه بس صبيان، بلا بنات بلا وجع راس، وبالنظر إلى أنو صار أمر ألله وأجانا بنت،
وعلى اعتبار أننا لا نعيش في الجاهلية التي كانوا يئِدون فيها البنات، بل في عصور صرنا نأكل فيها غزل البنات، ونقف أمام أبواب مدارس البنات، فلقد ريحنا بالنا من الحديث معها، ومن محاولة معرفة مداركها، والإحساس بأحلامها، ولمس مشاعرها، وبالتالي دعمها في المجال الذي ترى فيه نفسها، وهذا كله يحتاج إلى جهد وعمل وتفرغ لا يستهان به، فلذلك رميناها بظهر الأعراف والتقاليد لفتح الطريق للبنت نحو الحاضر تاج راسي وتقبر قلبي وتشكل آسي، فالعائلة القاسية تنتج أسراباً من الفتيات الضعيفات اللواتي لا حول لهن ولا قوة، أما العائلة القاسية المهلهلة فإنها تنتج فتيات ضائعات غير منتميات، لهيفا ونانسي مقلدات، لكن العائلة المتماسكة تقدم تلك الفتاة القوية اللي قد حالها وبتزتها بين جيش الإسكندر المكدوني من دون ما تخاف عليها.. أما العائلة الحقيقية، فإن الفتاة الحرة تأتي منها، تلك التي لا تتوقف أحلامها عند حدود أنوثتها، ولا تكل ولا تمل لتثبت نفسها وتفوقها، وتقدم ما فيه الخير لأهلها ومجتمعها، وبالتالي تحقق وجودها، فالوجود سعادة لا يدركها إلا الموتى، هذا إذا كانوا يستطيعون إليه سبيلا ...