تمزق الثقافة الكردية يتواصل على خريطة عربية - فارسية - تركية
على تخوم ثقافات ثلاث، العربية والفارسية والتركية، نصب الكرد خيمة ثقافتهم. سريعاً أدركوا أن الأمر ليس بالأمر الهين. الثقافات - الإمبراطوريات العتيقة ضاقت ذرعاً ونظرت شزراً. ألم تكن هذه الثقافات هي من طرحت أرضاً الثقافة السريانية العريقة ودفعتها إلى غياهب النسيان؟
أصحاب الثقافات الثلاث لم يرحبوا بفكرة جار يطل من خلف الحدود. هم لم يفسحوا مكاناً رحباً بل ضاقوا ذرعاً. ارتفعت جدران التذمر فهبّ الجند وعلت قرقعة السلاح وسال الدم. تمزقت الخريطة الكردية وتناثر الكرد. حين أذن وقت نشوء الدول كانت كردستان غدت أوصالاً تتقاسمها حكومات تحيط بها من جهاتها الأربع. تهشم الجسد الكردي وتوزع في أربعة أضلاع مختلفة في الأحجام والأوزان. توزعت الأضلاع على مكاييل متنافرة: تركيا الطورانية وإيران الفارسية والعراق وسورية المهجوستان بالعروبة والأمة الواحدة.
لم يكن للقدر الكردي، في الحكاية، أن يكون واحداً، وأخذ السرد من اللغة أطرافها فنسج أربعة أقدار. كان للمصائر أن تتجاور وتتقارب وتتباعد في آن معاً.
وحده التاريخ صان مواعيد الميلاد في سجلات قيد سماها مؤرخ الكرد الأول، الأمير شرفخان البدليسي، «كتاب الشرفنامة».
الشرفنامة، حكاية التاريخ الكردي، كتبت باللغة الفارسية بناءً على طلب السلطان الفارسي الذي كان البدليسي لجأ اليه بعدما غادر الامبراطورية العثمانية. كتبت الشرفنامة بين عامي 1597 - 1599. وهي تتقصى أصول الدول والإمارات الكردية في العصور الوسطى وصولاً الى نهاية القرن السادس عشر الميلادي، وثمة تراجم لملوك وسلاطين وأمراء وحكام من بني الكرد، من المستقلين بإماراتهم أو التابعين لممالك غيرهم.
أول من ذكر شرفنامة هو الفرنسي هير بيلو سنة 1776 في كتابه «المكتبة الشرقية» بالفرنسية. وكان هذا عرف الكتاب من كتابات التركي المشهور في القرن السابع عشر كاتب جلبي. محمد علي عوني، المترجم في بلاط الملك فاروق، نهض بترجمة الشرفنامة الى العربية في مجلدين نشرا بعد وفاته من جانب وزارة التربية والتعليم في مصر سنة 1958.
كان المسعودي قافي الأثر العربي في التاريخ قال ان الكرد «طائفة من أبناء الجن» وذهب الرواة الترك مذهب القائلين بكون هؤلاء «أتراك جبال»، فيما احتفل الفرس بانتماء الطرفين إلى العرق الآري.
التخوم التي تسلقت الهواء في الفضاء الكردي أقامت جهات وأنتجت ثقافات تلونت بألوان حبر الجيران الماكثين في الجهات الأربع من المكان. في كل بقعة باقة ولكل باقة لغة أو لهجة أو لسان. في نواحي الأناضول نهض الأدب الكردي بالكرمانجية في بايزيد وهكاري وبوتان ابتداء من القرن الحادي عشر للميلاد. وفي جهة إيران ازدهر أدب كردي مكتوب باللهجة الكَورانية ابتداء من القرن الثامن عشر الميلادي. وفي جهة العراق ازدهر هذا الأدب باللهجة البابانية في إمارة البابان.
أسماء لمعت هنا وهناك: ملاي جزيري: وهو الشيخ أحمد الجزيري، من أهالي بوطان ـ جزيرة ابن عمر، له ديوان شعر محبوب بين الأهالي، وتوفي سنة 1160 في جزيرة بوطان ودفن بها، وقبره مشهور وله شعر في الغزل والإلهيات والتصوف. فقيه أو (فقي) طيران، اسمه محمود، من أهالي بلدة مكس، ولد سنة 1302. له منظومتان كبيرتان الشيخ سناني وحكايات برسيسا. وله منظومة باسم حصان النبي أو البراق. وله كتاب منظوم أيضاً في التصوف ووحدة الوجود. أحمد خاني: هو الشيخ العلامة الشاعر العاشق المفلق، من عشيرة خانيان. وهو شاعر قصصي. وله كتاب باللغتين العربية والكردية بعنوان نوبهار (الربيع الجديد)، وتآليف أخرى في العربية والتركية أيضاً. وقد ابتنى في بلدته جامعاً زخرفه بالقصائد والمقالات الدينية وأنشأ مدرسة جعل لغة التدريس فيها الكردية.
ثم تبعهم بيرمرد ونالي وسالم ومستورة. فلما كان الزمن القريب كان برز شعراء وقصاصون ومسرحيون، كل في جهته وبلهجته. وتهيأ للثقافة الكردية أن تنتعش وتتفرع. تطبعت الثقافة بطابع الحاضنة الحاكمة لكل جهة. كانت الأنوال الرشيقة تنسج السجاد المزخرف في نواحي بيجار وسقز ووان وهكاري. وانتشرت في القرى النائية، الضائعة في متاهات الجبال الشاهقة والسفوح الوعرة، طرق التصوف وحلقات الدراويش. ومن حلقات الرقص والإنشاد الديني طلع المغنون وكثرت آلات الموسيقى والغناء. وفي كل ركن قصي، في الحر والبرد، برعت الأيدي في قص ما لا عدّ له من أشكال الزي النسائي صاخبة بالألوان.
وكل هذا تراكم في صمت. كان هناك صمت ثقيل يكتم الأنفاس خشية أن يكون هناك من يتربص من وراء الحدود وقد يصغـي ويـسمع فـيـحنـق ويستبد به الغضب فيزحف ويهدم ولا يبقى حجراً على حجر.
الخوف سمة الثقافة الكردية. خوف من الآخر ومن القدر ومن الطبيعة ومن المستقبل. ومن أثر ذلك هناك الشكوى الأبدية من إجحاف لازم المصير منذ البدء. إجحاف المكان وإجحاف ساكني المكان.
حين يسود الخوف ويستوطن النفس الشعور بالغبن لا تكون هناك فسحة للخيال كي يحلّق في السماء. لا ينشغل المرء بالترف إلا حين يطمئن إلى يومه ومستقبله. ترف الصنعة والإبداع وليد الاسترخاء والراحة. أنّى لمن يبقيه الخوف مستنفراً الوقت كي يفكر بالبذخ والأبهة والجمال.
الأدوات التي توسلها الكرد لقول الشعر والقصة والرواية، بلغتهم، بقيت خشنة لم تجد من يصقلها ويهذب جوانبها ويشذب أطرافها. هكذا استسلم المبدع الكردي لانشغالات القلق اليومي: من أن يأتيه خطر، على حين غرة، من جهة واحدة أو من الجهات كلها؟
هيمن على الكتابة الأدبية الكردية، بل ربما الكتابة الكردية في عموم القول، ما يسميه الكاتب الإنكليزي، الباكستاني الأصل، حنيف قريشي ثقل التمثيل. أن تكون الكتابة عرضاً للحال فكان أن بقي الكاتب الكردي، والحال هذه، إلا في ما ندر، «عرضحالجياً» يشكو ويتذمر. طفق الشعر الكردي يهجس بالعدو ومآربه فلم يكن شعراً بل أنيناً ونواحاً. وظلت القصة الكردية أسيرة أشكال بدائية في التعبير، تتوسل أبنية هشة تكتفي بتجميع الحكايات والجمع بين الأحداث وتكديسها تكديساً فجاً دونما ضرورة فنية، فجاءت فقيرة في الحياة والحركة.
ما انفك الكردي يتغذى على حليب البطولات في وجه الخطر وضرورات اليقظة أمام الخوف والتشبث بالمقاومة درباً للعيش. تقول الأغنية الكردية: المقاومة حياة. أن يحيا الكردي يعني أن يقاوم الإنكار في كل لحظة. الحال أن الثقافات التي تحيط بالثقافة الكردية من جهاتها تنكر عليها الحق في أن تحيا وتستقل بحالها. الثقافة الكردية شخص غير مرغوب به في هذه الأرجاء. وقد يكون هذا ما جعلها مهووسة بالضراوة ومحكومة بالخشونة تفوح منها رائحة الدم والبارود. إنها أشبه بقاتل باتريك سوسكنيد الذي تشده الرائحة العطرة لارتكاب الجريمة. ألهذا فضّل المبدعون من الكرد أن ينأوا بأنفسهم عن ساحة الدار؟ أن يكتبوا بلغة غير الكردية ويتنفسوا هواء الكتابة في باحات أخرى؟ أمن ذلك كتب ياشار كمال بالتركية وعلي أشرف درويشيان بالفارسية وسليم بركات بالعربية؟
التمرد على واقع الحال أعلنته جماعة من الكتاب: شيركو بي كه س، فرهاد شاكلي، كاكه مه م بوتاني، لطيف هلمت، جلال ميرزا كريم، جمال شاربازيري. هؤلاء انتفضوا وتنادوا إلى إصدار بيان أدبي باسم «روانكه» عام 1970 يعلنون فيه رفضهم لأنماط الكتابة الكردية السائدة ومحاولاتهم السعي لتحقيق أشكال إبداعية تحقق قدراً أكبر من الانسجام بين نياتهم وأفكارهم، وتمهد لكتاباتهم طريقاً أفضل للدخول في العالم الرحب الذي لا خوف فيه. هل أفلحوا في سعيهم؟ والثقافة الكردية في مختلف أبوابها وفي سائر أصقاعها هل بدأت تتلمس دروباً أخرى من أجل أن ترقى وتتهذب وتعلو بعيداً من قرقعة السلاح وصرخات الحرب التي ما برحت تتردد جيلاً بعد جيل؟
على تخوم ثقافات ثلاث، العربية والفارسية والتركية، نصب الكرد خيمة ثقافتهم. سريعاً أدركوا أن الأمر ليس بالأمر الهين. الثقافات - الإمبراطوريات العتيقة ضاقت ذرعاً ونظرت شزراً. ألم تكن هذه الثقافات هي من طرحت أرضاً الثقافة السريانية العريقة ودفعتها إلى غياهب النسيان؟
أصحاب الثقافات الثلاث لم يرحبوا بفكرة جار يطل من خلف الحدود. هم لم يفسحوا مكاناً رحباً بل ضاقوا ذرعاً. ارتفعت جدران التذمر فهبّ الجند وعلت قرقعة السلاح وسال الدم. تمزقت الخريطة الكردية وتناثر الكرد. حين أذن وقت نشوء الدول كانت كردستان غدت أوصالاً تتقاسمها حكومات تحيط بها من جهاتها الأربع. تهشم الجسد الكردي وتوزع في أربعة أضلاع مختلفة في الأحجام والأوزان. توزعت الأضلاع على مكاييل متنافرة: تركيا الطورانية وإيران الفارسية والعراق وسورية المهجوستان بالعروبة والأمة الواحدة.
لم يكن للقدر الكردي، في الحكاية، أن يكون واحداً، وأخذ السرد من اللغة أطرافها فنسج أربعة أقدار. كان للمصائر أن تتجاور وتتقارب وتتباعد في آن معاً.
وحده التاريخ صان مواعيد الميلاد في سجلات قيد سماها مؤرخ الكرد الأول، الأمير شرفخان البدليسي، «كتاب الشرفنامة».
الشرفنامة، حكاية التاريخ الكردي، كتبت باللغة الفارسية بناءً على طلب السلطان الفارسي الذي كان البدليسي لجأ اليه بعدما غادر الامبراطورية العثمانية. كتبت الشرفنامة بين عامي 1597 - 1599. وهي تتقصى أصول الدول والإمارات الكردية في العصور الوسطى وصولاً الى نهاية القرن السادس عشر الميلادي، وثمة تراجم لملوك وسلاطين وأمراء وحكام من بني الكرد، من المستقلين بإماراتهم أو التابعين لممالك غيرهم.
أول من ذكر شرفنامة هو الفرنسي هير بيلو سنة 1776 في كتابه «المكتبة الشرقية» بالفرنسية. وكان هذا عرف الكتاب من كتابات التركي المشهور في القرن السابع عشر كاتب جلبي. محمد علي عوني، المترجم في بلاط الملك فاروق، نهض بترجمة الشرفنامة الى العربية في مجلدين نشرا بعد وفاته من جانب وزارة التربية والتعليم في مصر سنة 1958.
كان المسعودي قافي الأثر العربي في التاريخ قال ان الكرد «طائفة من أبناء الجن» وذهب الرواة الترك مذهب القائلين بكون هؤلاء «أتراك جبال»، فيما احتفل الفرس بانتماء الطرفين إلى العرق الآري.
التخوم التي تسلقت الهواء في الفضاء الكردي أقامت جهات وأنتجت ثقافات تلونت بألوان حبر الجيران الماكثين في الجهات الأربع من المكان. في كل بقعة باقة ولكل باقة لغة أو لهجة أو لسان. في نواحي الأناضول نهض الأدب الكردي بالكرمانجية في بايزيد وهكاري وبوتان ابتداء من القرن الحادي عشر للميلاد. وفي جهة إيران ازدهر أدب كردي مكتوب باللهجة الكَورانية ابتداء من القرن الثامن عشر الميلادي. وفي جهة العراق ازدهر هذا الأدب باللهجة البابانية في إمارة البابان.
أسماء لمعت هنا وهناك: ملاي جزيري: وهو الشيخ أحمد الجزيري، من أهالي بوطان ـ جزيرة ابن عمر، له ديوان شعر محبوب بين الأهالي، وتوفي سنة 1160 في جزيرة بوطان ودفن بها، وقبره مشهور وله شعر في الغزل والإلهيات والتصوف. فقيه أو (فقي) طيران، اسمه محمود، من أهالي بلدة مكس، ولد سنة 1302. له منظومتان كبيرتان الشيخ سناني وحكايات برسيسا. وله منظومة باسم حصان النبي أو البراق. وله كتاب منظوم أيضاً في التصوف ووحدة الوجود. أحمد خاني: هو الشيخ العلامة الشاعر العاشق المفلق، من عشيرة خانيان. وهو شاعر قصصي. وله كتاب باللغتين العربية والكردية بعنوان نوبهار (الربيع الجديد)، وتآليف أخرى في العربية والتركية أيضاً. وقد ابتنى في بلدته جامعاً زخرفه بالقصائد والمقالات الدينية وأنشأ مدرسة جعل لغة التدريس فيها الكردية.
ثم تبعهم بيرمرد ونالي وسالم ومستورة. فلما كان الزمن القريب كان برز شعراء وقصاصون ومسرحيون، كل في جهته وبلهجته. وتهيأ للثقافة الكردية أن تنتعش وتتفرع. تطبعت الثقافة بطابع الحاضنة الحاكمة لكل جهة. كانت الأنوال الرشيقة تنسج السجاد المزخرف في نواحي بيجار وسقز ووان وهكاري. وانتشرت في القرى النائية، الضائعة في متاهات الجبال الشاهقة والسفوح الوعرة، طرق التصوف وحلقات الدراويش. ومن حلقات الرقص والإنشاد الديني طلع المغنون وكثرت آلات الموسيقى والغناء. وفي كل ركن قصي، في الحر والبرد، برعت الأيدي في قص ما لا عدّ له من أشكال الزي النسائي صاخبة بالألوان.
وكل هذا تراكم في صمت. كان هناك صمت ثقيل يكتم الأنفاس خشية أن يكون هناك من يتربص من وراء الحدود وقد يصغـي ويـسمع فـيـحنـق ويستبد به الغضب فيزحف ويهدم ولا يبقى حجراً على حجر.
الخوف سمة الثقافة الكردية. خوف من الآخر ومن القدر ومن الطبيعة ومن المستقبل. ومن أثر ذلك هناك الشكوى الأبدية من إجحاف لازم المصير منذ البدء. إجحاف المكان وإجحاف ساكني المكان.
حين يسود الخوف ويستوطن النفس الشعور بالغبن لا تكون هناك فسحة للخيال كي يحلّق في السماء. لا ينشغل المرء بالترف إلا حين يطمئن إلى يومه ومستقبله. ترف الصنعة والإبداع وليد الاسترخاء والراحة. أنّى لمن يبقيه الخوف مستنفراً الوقت كي يفكر بالبذخ والأبهة والجمال.
الأدوات التي توسلها الكرد لقول الشعر والقصة والرواية، بلغتهم، بقيت خشنة لم تجد من يصقلها ويهذب جوانبها ويشذب أطرافها. هكذا استسلم المبدع الكردي لانشغالات القلق اليومي: من أن يأتيه خطر، على حين غرة، من جهة واحدة أو من الجهات كلها؟
هيمن على الكتابة الأدبية الكردية، بل ربما الكتابة الكردية في عموم القول، ما يسميه الكاتب الإنكليزي، الباكستاني الأصل، حنيف قريشي ثقل التمثيل. أن تكون الكتابة عرضاً للحال فكان أن بقي الكاتب الكردي، والحال هذه، إلا في ما ندر، «عرضحالجياً» يشكو ويتذمر. طفق الشعر الكردي يهجس بالعدو ومآربه فلم يكن شعراً بل أنيناً ونواحاً. وظلت القصة الكردية أسيرة أشكال بدائية في التعبير، تتوسل أبنية هشة تكتفي بتجميع الحكايات والجمع بين الأحداث وتكديسها تكديساً فجاً دونما ضرورة فنية، فجاءت فقيرة في الحياة والحركة.
ما انفك الكردي يتغذى على حليب البطولات في وجه الخطر وضرورات اليقظة أمام الخوف والتشبث بالمقاومة درباً للعيش. تقول الأغنية الكردية: المقاومة حياة. أن يحيا الكردي يعني أن يقاوم الإنكار في كل لحظة. الحال أن الثقافات التي تحيط بالثقافة الكردية من جهاتها تنكر عليها الحق في أن تحيا وتستقل بحالها. الثقافة الكردية شخص غير مرغوب به في هذه الأرجاء. وقد يكون هذا ما جعلها مهووسة بالضراوة ومحكومة بالخشونة تفوح منها رائحة الدم والبارود. إنها أشبه بقاتل باتريك سوسكنيد الذي تشده الرائحة العطرة لارتكاب الجريمة. ألهذا فضّل المبدعون من الكرد أن ينأوا بأنفسهم عن ساحة الدار؟ أن يكتبوا بلغة غير الكردية ويتنفسوا هواء الكتابة في باحات أخرى؟ أمن ذلك كتب ياشار كمال بالتركية وعلي أشرف درويشيان بالفارسية وسليم بركات بالعربية؟
التمرد على واقع الحال أعلنته جماعة من الكتاب: شيركو بي كه س، فرهاد شاكلي، كاكه مه م بوتاني، لطيف هلمت، جلال ميرزا كريم، جمال شاربازيري. هؤلاء انتفضوا وتنادوا إلى إصدار بيان أدبي باسم «روانكه» عام 1970 يعلنون فيه رفضهم لأنماط الكتابة الكردية السائدة ومحاولاتهم السعي لتحقيق أشكال إبداعية تحقق قدراً أكبر من الانسجام بين نياتهم وأفكارهم، وتمهد لكتاباتهم طريقاً أفضل للدخول في العالم الرحب الذي لا خوف فيه. هل أفلحوا في سعيهم؟ والثقافة الكردية في مختلف أبوابها وفي سائر أصقاعها هل بدأت تتلمس دروباً أخرى من أجل أن ترقى وتتهذب وتعلو بعيداً من قرقعة السلاح وصرخات الحرب التي ما برحت تتردد جيلاً بعد جيل؟