Kurd Day
Kurd Day Team

حكم الحميديين
يقول ابن الأزرق الفارتي:
أنشئت الدولة الحميدية في عام 376 هـ على يد نجلي دوستك الحميدي وهما: أبو الفوارس حسين، وباذ أبو شجاع، وكانت تضم مناطق فارقين , ودياربكر والجزيرة , وبدليس، وخلاط والرها وحران، وكانت عاصمتها هي مدينة فارقين استقر الأمير حسين أبو الفوارس في فارقين وتولى باذ أبو شجاع قيادة الجيش في قلعة حصن كيف، وجاء وقت كان فيه الأخوان يتطلعان إلى إنشاء إمبراطورية واسعة، ولكن الفشل كان من نصيبهما، إذ قتل قتل الأخوان في ميادين القتال بعدما أبليا بلاء حسناً، قتل باذ في عام 380 هـ وكان قد قتل قبله بقليل الأمير حسين في برية نصيبين، وكان مجمل حكم الأخوين يقارب الست سنوات فقط، فانتقل حكم الدولة بعدهما إلى أيدي ابن أختهما أبو علي حسن بن مروان .
امتد حكم الأسرة المروانية ( الحميدية )، أو الدوستكية، مدة مائة وثلاثين عاماً دون انقطاع، هذا وقد عثر على اسم الأمير أبو الفوارس حسين بن دوستك الحميدي على عدة أماكن من سور مدينة فارقين, كماتم التأكيدعلى أن باذ هو شقيقه .
1- الأمير حسين أبو الفوارس بن دوستك الحميدي :
تمكن ولدا دوستك الحميدي، الأميران حسين، وباذ – منذ البداية – من السيطرة على مناطق معدن, وحيزان، وأرجيز، كما تمكنا من انتزاع مناطق ديار بكر, وفارقين والجزيرة, وبدليس, وخلاط, وأورفة، وحران, ونصيبين، من الأسرة الحمدانية ملوك حلب وما حولها، وأصبح الاثنان ملكين على هذه المناطق الكردستانية، وجعلا من فارقين عاصمة لهما, ووضعا ثقليهما في قلعة حصن كيف المشهورة، فاستقر فيها باذ أبو شجاع، وبدأ يتطلع إلى الخلافة الإسلامية، وفي وقت لاحق دخل الحميديون الموصل وحاولوا انتزاع بغداد من أيدي الديالمة إلا أن الأمير حسين قتل – كما ذكرنا من قبل – في برية نصيبين ودفن في فارقين وسمي القبر الذي دفن فيه بـ ( قبة أبو الفوارس ) وخلال سنتين فقط تمكن أبو الفوارس من بناء وترميم الكثير من سور فارقين، وكتب اسمه على الأجزاء التي رممها، وكان مقتله عام 338 هـ
2- الأمير باذ أبو شجاع الحميدي :
تولى الحكم وقيادة الجيش الكردي بعد مقتل أخيه، وخاض حروباً دموية عديدة ضد الديالمة، وكان النصر حليفه في جميع المعارك التي خاضها ضد أعدائه، وكان يلحق بهم الهزيمة دوماً ويجبرهم على التراجع عن حدود بلاده، ولكن كانت الانتصارات الصاعقية التي يحققها بن دوستك، ثقيلة على صمصام الدولة ويساوره الكثير من القلق والوساوس حول نتائج هذه الانتصارات وأبعادها المستقبلية فقام بإرسال جيش لمحاربة باذ بقيادة أبو سعد بهرام بن أردشير إلا أن الجيش الكردي تمكن وبعد معارك ضاربة من دحر جيش أعدائه الديالمة، وقتل جمعاً غفيراً منهم، وأسر آخرين، كما جمع منهم الكثير من الأسلاب والغنائم، وساق عدداً كبيراً من قادة جيشهم المشهورين إلى السجون، ولكن أبى صمصام الدولة عن السكوت عن هذه الهزيمة الشنعاء التي لحقت به، فبادر إلى إرسال جيش كبير ضد الأكراد الحميديين بقيادة محمد بن الحاجب أبو القاسم سعد بن محمد بن الحاجب والتقى الجيشان عند ( باجلايا ) الواقعة على نهر خابور الحسينية الذي يمر قرب قلعة ( كواشي ) واحتدم بينهما القتال بينما انضم الأكراد البجنوبيون إلى جيش باذ، فوقع العديد من القتلى من الطرفين، وفي النهاية كان النصر حليف الحميديين والبجنويين الذين قتلوا عدداً كبيراً من أعدائهم وسلبوا منهم غنائم كثيرة، وقد خلد هذه الموقعة الشاعر الكردي حسين البجنوي بقصائده التي كتبها بالعربية، ولم يتوقف ابن دوستك عن مطاردة أعدائه حتى دخل الموصل بعدما تعاون سكان المدينة معه وأعملوا السيف في رقاب الديالمة الذين فروا من المدينة، وبعدها استقر فيها باذ أبو شجاع الذي استغل هذا الانتصار الكبير استعداداً لاحتلال بغداد نفسها، وكان يطمح إلى تحرير الشرق كله من أيدي الديالمة، ولهذا الغرض بدأ يجمع حوله أعداداً كبيرة من الجنود، أما صمصام الدولة الديلمي فكان على علم بمرام باذ ويأخذ تحركاته بعين الاعتبار، لأنه لن يستطيع أن يضمن بقاءه مع استمرار هذه الأوضاع، ولذلك بدأ يتهيأ لخوض حرب ضارية، فعمد إلى تجهيز جيش كبير وأرسله إلى الموصل بقيادة زيار بن شيركوه الديلمي، فالتحم الجيشان ودارت بينهما رحى معركة عنيفة، دارت الدائرة خلالها على الكرد واستطاع الديالمة إلحاق الهزيمة بأعدائهم الكرد هذه المرة واستولوا على قراهم ومدنهم وبذلك تشتت شمل الجيش الكردي الذي لاذ بالفرار إلى المعاقل الطبيعية الحصينة في جبال كردستان الشاهقة بينما وقع عدد كبير من قادة الكرد المشهورين اسرى بيد الديالمة، بعدها قسم زيار جيشه إلى قسمين وأرسلهما لمحاربة الكرد في عقر دارهم، قسم عن طريق الجزيرة، وآخر عن طريق نصيبين، ولكن تمرد قسما الجيش على قائدهما
زيار الذي اضطر إلى العودة إلى بغداد، بعدما ترك سعد بن محمد بن الحاجب يحكم الموصل من قبله، ثم تصالح سعد وباذ, ومدا يد الصداقة إلى بعضهما فتنازل باذ عن بعض مناطق جبال طوروس لسعد, وضمها إلى الموصل، توجت هذه الصداقة بعقد معاهدة فيما بينهما عام 377 هـ، ونعم الطرفان في موطنهما بالاستقرار والسكينة، ولم يأت عام 378 هـ إلا وقد أودع شرف الدولة أبو الفوارس أخاه صمصام الدولة في السجن وعزل سعد بن محمد بن الحاجب عن منصبه في حكم الموصل، وعين محله المدعو أبو نصر خاشاد حاكماً على المدينة، ولهذا فقد جرد باذ أبو شجاع الكردي جيشه مرة أخرى على الموصل فطلب خاشاد النجدة من عرب بني عقيل, وبني النمير, وقسم بينهما مناطق الجزيرة ومدنها، وتمكن العرب من حماية الموصل من السقوط واجتاز فرسانهم النهر وشنوا هجوماً صاعقاً على الجيش الكردي من الخلف وألحقوا به هزيمة نكراء, كان باذ رجلاً بديناً يعجز حصان واحد عن حمله لمسافة طويلة، ولهذا كان يرافقه دوماً حصانان فعندما كان يتعب أحدهما تحته كان يلقي نفسه على الآخر، وفي هذه المعركة تعب حصانه وعندما ألقى بنفسه على الحصان الآخر تمرد عليه الحصان فوقع أرضاً وانكسرت فقرات ظهره، فترجل ابن أخته أبو علي حسن بن مروان، من حصانه ووقف يخاطبه: انهض يا خال لأحملك أمامي وأنقذك من أيدي الأعداء، ولكن رد عليه باذ قائلاً: لقد فات الأوان يا ابن الأخت, فلم أستطع الآن حراكاً وههذ نهايتي، أما أنت فعليك أن تسحب فوراً جنودك إلى الجبال، وحاول أن تنجو بنفسك. ويقول ابن الأزرق عن خاشاد بأنه, ابن لعضد الدولة وإن اسم شرف الدولة هو شارزبيل، وقد حكم سنتين وثمانية أشهر، وبقي متمرداً مدة ثمانية وعشرين عاماً وكان جيش الديالمة يقوده الوزير أبو الحسن علي بن الحسين المغربي الذي تولى ابنه الوزارة أيضاً في فارقين ويستطرد ابن الأزرق الذي يكتب اسم باذ بحرف الدال أي باد في كلامه قائلاً: ولكن لم يستطع هذا الرجل ( شرف الدولة ) من تحقيق أي نصر على باذ فتراجع إلى بلاده مرغماً وترك سعد بن محمد بن سعدان مجدداً في الموصل، واحتدم القتال بين الطرفين من جديد، إلا أن العلاقات كانت جيدة بين باذ وابن سعدان، حتى إنه وفي إحدى المرات، وعندما هاجم أكراد هكاري مدينة الموصل، قام ابن سعدان يستنجد بباذ الذي لم يتباطأ عن نجدته، وتمكنا من قتل عدد كبير من أكراد هكاري وجمعا منهم الكثير من الأسلاب والغنائم، ولهذا كان باذ يحظى بتقدير خاص لدى سكان الموصل، ويقول ابن الأزرق أيضاً: إن الجيش الديلمي الذي قتل على يديه الأمير حسين أبو الفوارس كان يقوده سرير بن تاش الذي كان كاتباً لدى الدولة الديلمية، أما محد أمين زكي بك فيقول: كان أبو باذ شجاع الكردي حليفاً لعضد الدولة وقد آزره في حرب الموصل، وعندما زار الأمير مدينة الموصل، قدم إليه باذ أبو شجاع وانحنى أمامه وأخذ مكانه في مجلسه، ولكنه عندما غادر مجلسه قال عضد الدولة لأحد أعوانه: إن رجلاً كهذا شديد الاعتداد بنفسه وذو سطوة وهيبة، لن يكون وجوده مرغوباً في بلادنا لأنه سيخلق لنا – مستقبلاً – الكثير من المشاكل، ولذلك بدأ الديالمة يتطلعون إلىاعتقاله وقتله, ولكن سرعان ما شعر باذ بما يدبر له في الخفاء, فاحتاط لنفسه، وانسحب خفية فوصل إلى بيته سالماً وبقي ينتظر الفرصة السانحة لتحقيق مآربه، ولم يلبث أن توفي عضد الدولة عام 372 – 373 هـ، فتمكن باذ من انتزاع مدينة نصيبين من أيدي البويهيين، إلىأن خاض ضده صمصام الدولة الحرب المذكورة، وعندما قتل الأمير حسين خلال هذه الحرب، خلفه أخوه باذ الذي أصبح حاكماً وقائداً عاماً للجيش الكردي بدون منازع، واتخذ من قلعة حصن كيف مقراً له، ولم تمض فترة طويلة حتى أصبح ولدا ناصر الدولة، أبو طاهر، وأبو عبد الله، حاكمين على الموصل ثم حدث خلاف بين الجيشين الكردي والعربي حول المدينة التي كانت تحت سيطرة الحمدانيين فجاء كل من بني عقيل وبني النمير لنجدة الحمدانيين، وفي هذه المعركة قتل باذ, فاحتز خصومه رأسه وعلقوا جسده على اسوار الموصل أما راسه فقد حملوه معهم في حملتهم على مدينة فارقين، وآمد ( ديار بكر )، ولكن تمكن الأمير أبو علي حسن بن مروان – الذي خلف خاله في الحكم وتزوج بزوجته الديلمية – من الانتصار على أعدائه، ووقع أبو عبد الله أسيراً في يده، ولكنه لم يقتله ولم يدخله السجن، بل أرسله إلى أخيه محملاً بالهدايا والتمنيات مع خطاب يقول فيه: عودوا إلى بلادكم ولتكن مدينة الموصل لكم، إلا أن أبو طاهر قام بإرسال أخيه مجدداً على راس جيش إلى فارقين، بينما بقي هو يحاصر ديار بكر، فتمكن ابن مروان من أسر أبو عبد الله للمرة الثانية ودحر القوات الغازية، فبقي أبو عبد الله في أسر بن مروان، إلى أن أرسل إليه الخليفة الفاطمي في مصر يرجوه إطلاق سراحه وفك أسره، ففك أبوعلي أسره وأرسله إلى مصر، حيث أصبح أبو عبد الله هذا حاكماً على حلب من قبل المصريين، أما أبو طاهرفقد هرب من بلاده وعاد إلى نصيبين واستقر لدى محمد بن المسيب العقيلي لكن غدر به محمد وقتله مع ابنه وأحد قادة جيشه، قتلهم جميعاً في بيته، ثم زحف ابن المسيب على الموصل واستولى عليها .
3-الآمير عيسى الحميدي :
وكما يظهر فإن الحميديين – وبعد مقتل الأخوين – سحبوا أياديهم من كل من الموصل ودياربكر وعادوا من جديد إلى حكمهم القديم لمدينة عقرة، ولكننا لاندري حتى الآن، من هو والد الأمير عيسى ؟ وكم سنة دام حكمه ؟ .
4-أبو الحسن بن الأمير عيسى :
اشتد الخلاف عام 440 هـ بين الأمير قرواش أمير الموصل من جهة، وعشيرتي الكرد الهذبانية والحميدية من جهة أخرى. أما سبب الخلاف فيعود إلى أن بدران بن مقلد العقيلي أخي الأمير قرواش، كان يطمح للاستيلاء على عدد من القلاع الكردية وانتزاعها من أيديهم، وفي هذه الأثناء كان يتزعم الهذبانيين الأمير أبو الحسن بن موسى، بينما زعيم الحميديين كان أبو الحسن بن الأمر عيسى، وكانت قلعة عقرة هي مقر زعيم الحميدييين، وكان حكمه يمتد إلى قلاع أخرى، بينما كان زعماء الهذبانيين يستقرون في قلعة أربيل ويمتد حكمهم إلى قلاع أخرى أيضاً، وعندما تمرد أبو علي بن الأمير موسى على أخيه، كان أبو الحسن بن الأمير عيسى الحميدي هذا حليفاً له، وتمكنا معاً من إلقاء القبض على ابي الحسن، بن الأمير موسى ،وأودعاه السجن، وتولى أبو علي حكم أربيل الذي أطلق سراح أخيه فيما بعد وأخرجه من السجن .
إن تحالف الأميرين الكرديين ولجوءهما إلى اعتقال أبو الحسن، أغضب قروا شاً ولكنه – وكما قلنا سابقاً – لم يستطع قرواش أن يحرك ساكناً، وفي هذه الأثناء حدث خلاف بين ابن مروان حاكم فارقين، وبين قرواش حاكم الموصل، فاستنجد قرواش بالأميرين الكرديين فقام بنجدته كل من أبو الحسن الحميدي، وأبو الحسن الهذباني من قبل أخيه، ثم تصالح الكرد والعرب، ولم تقع حرب بينهما، ولكن استغل قرواش الفرصة، فاعتقل أبو الحسن الحميدي ووضعه رهن الإقامة الجبرية، إلا أنه أطلق سراحه بعدما أبقى على ولديه رهينتين لديه، وطلب من والدهما أبو الحسن الحميدي أن يعود إلى أربيل ليعيد أبي الحسن الهذباني إلى عرشه، و ليعود هو الآخر إليه مصطحباً معه الأمير أبو علي إلى الموصل، وفي الموصل انحنى أبوعلي أمام أخيه أبو الحسن الهذباني وقام بتسليمه حكم أربيل، ثم حررا ولدي أبو الحسن الحميدي من الأسر، وعاد الثلاثة معاً إلى أربيل، وفي الطريق أسر أبو الحسن الحميدي إلى أبو علي الهذباني قائلاً له: ها نحن قد حررنا ولدي من الأسر، فلنبادر – مرة أخرى إلى اعتقال أخيك أبي الحسن ولندخله السجن، لتتولى الحكم مكانه، ولكن شعر أبو الحسن الهذباني بهذه المؤامرة – على ما يبدو – فتخلف عنهما في منتصف الطريق بعدما أرسل معهما بعضاً من جنوده إلى المدينة، ولكن تمكن الأميران المتآمران من مباغتة جنوده وإلقاء القبض على قادتهم وإيداعهم السجن، ومنذ ذلك اليوم استفحلت العداوة بين قرواش والأميرين الكرديين. وفي عام 441 هـ حدث خلاف بين زعيم الدولة بن مقلد العقيلي ومعتمد الدولة قرواش حاكم الموصل، فهرب زعيم الدولة والتجأ إلى سليمان أبو الحرب بن أحمد خان المرواني الذي كان حاكماً من قبل أبيه على جزيرة بوطان واستقر لديه هناك. فأرسل أحمد خان إلى ابنه سليمان يأمره في التهيؤ للزحف على الموصل، وفعلاً تمكن الأب والإبن من جمع جيش كبير والزحف به على الموصل، وقد رافق زعيم الدولة الجيش، كما انضم إليه الجيش الحميدي بقيادة أبو الحسن بن الأمير عيسى الحميدي، ويرد في الهامش– 1 - القول: حسبما ورد في الكامل في التاريخ لابن الأثير: وقع خلاف بين زعيم الدولة أبو الكامل والأكراد المناصرين له من جهة, وبين قرواش حاكم الموصل من جهة أخرى، فدارت بين الطرفين رحى حرب ضروس كاد – خلالها – أن يستسلم قرواش لخصمه، لولا هروب زعيم الدولة في اللحظة الأخيرة والتجائه إلى أخيه لأنه خشي أن يستولي الأكراد على بلاد الموصل، وعندما لجأ زعيم الدولة إلى الموصل ولوى عنقه لأخيه، عاد الجيش الكردي الذي كان يضم الجيش المرواني بقيادة سليمان أبو الحرب، والجيش الحميدي بقيادة أبو الحسن بن الأمير عيسى الحميدي إلى بلاده وانتهت الحرب( هـ. ج – ص 260.
5-الأمير عيسى بن أبي الحسن الحميدي:
توفي في الموصل عام 258 هـ، ودفن في ( تل الطوق )، وفي هذا العام تمكن الأتابك زنكي حاكم الموصل من انتزاع القلاع الحميدية من أصحابها مثل قلعة عقرة، وشوش، وقلاعاً أخرى غيرها من أيدي الأمير عيسى بالقوة، وأخذ معه الأمير عيسى إلى الموصل، لأنها المرة الثانية التي يستولي فيها على هذه القلاع، وكان قد أعادها في المرة الأولى إلى أصحابها، وفي المرة الأخيرة كان الأمير عيسى قد انضم إلى جيش الخليفة العباسي المسترشد، أثناء زحفه على الموصل لمحاربة زنكي، وحال عودة الخليفة إلى بغداد حاول زنكي الانتقام من الأمر عيسى، فهاجمه وانتزع منه قلاعه، وأبقاه عنده رهينة، ولكنه توفي في هذا العام دون أن يسترجع ماسلب منه ومنذ ذلك اليوم وقعت المنطقة تحت سيطرة التركمان, وأصبح ( نصر الدين جقر ) حاكماً على هذه البلاد الكردية من قبل أتابكة الموصل، وفرض سيطرته على جميع أكراد الحميدية، والهكارية والمهرانية، وكان جقر هذا رجلاً ظالماً سفاكاً للدماء، غدر بالكرد وتلطحت يداه بدماء العديد منهم، وبعده سقطت هذه المناطق الكردية تحت سيطرة زين الدين علي كوجك الذي عينته العائلة الأتابكية حاكماً عليها من قبلها، وقد عين زين الدين بدوره حكاماً من قبله على مدن وقصبات المنطقة، ولكن الرجل أصيب بالعمى في أواخر حياته فاحتفظ لنفسه بحكم مدينة أربيل فقط وجعلها مقراً دائماً له, وقام بتسليم بقية البلاد إلى المدعو قطب الدين حاكم الموصل، وهو ابن عماد الدين زنكي، وفي عام 536 هـ سلم سيف الدين غازي حاكم الموصل منطقة عقرة إلى ابنه نصر الدين (كه سك), بينما زحف صلاح الدين الأيوبي إلى الموصل وأرسل أكراد الحميديين والهكاريين فاستولوا على القلاع المتواجدة في المنطقة عام 581 هـ، ويظهر للمتتبع لتاريخ مدينة الموصل أن غالبية حكام هذه الدولة الأتابكية التركمانية كانوا من الأكراد الحميديين، والهكاريين، والمهرانيين والبائنسيين، والهذبانيين، والمروانيين ثم الزعفرانيين والآرجيشيين، والأيوبيين واخيراً جندت جميع هذه العوائل والعشائر الكردية المشهورة في خدمة الدولة التي أقامتها الأسرة الأيوبية، واستقرت في الشام، ومصر، واندمج معظم أفرادها مع السكان العرب واستعربوا، بينما عاد آخرون منهم إلى وطنهم وبلادهم .
6-الأمر نصير الدين الحميدي :
7-الأمير إدخمش الحميدي :
ورد في التاريخ الذي أورده كتاب ( مفرج الكروب )، وكتاب ( فتح القسي ) أن هذين المغوارين الحميديين كانا من كبار قادة الجيش الكردي، كما كانا قائدين مشهورين في جيوش الدولة الأيوبية، وقد قتلا وهما يخوضان غمار معركة ضارية بشجاعة نادرة المثال عام 586 هـ .
8-الأمير هكندري الحميدي:
كان أعظم قادة الجيش الحميدي، خدم في جيش ملك مصر الملك العزيز عثمان بن صلاح الدين الأيوبي، وعندما اجتمع حكام وقادة عثمان وقرروا التخلي عنه والانضمام إلى عمه عادل شاه، كان الهكندري هو الذي دخل إاى عثمان شاه، وكشف له مؤامرة ضباطه عليه ويقول مؤلف كتاب الهامش: لم يتناه إلى مسامعي اسم هذا الأمير في التاريخين الحميدي واليوبي، أما أنا فأقول: من الجائز أن يكون قد ورد هذا الاسم بشكل مغلوط، لأن الهكندري مرواني الانتماء والنسب وينقل صاحب كتاب ( صبح الأعشى ) عن كتاب ( مسائل الإبصار ) وكتاب (التثقيف) عام 914 هـ فيقول: إن مدن عقرة وشوش، وبيروة، ونجمة، وبلاد براني ( برزاني ) هي الآن تنضوي تحت حكم عشيرة ( مازنجان ) والتي هي إحدى العشائر الحميدية، ويبلغ عدد مقاتليها ( 500 ) شخص وهم يقولون: إنهم ( محمديون )، وهذه العشائر يتزعمها ( كك مبارز الدين ) الذي يرد اسمه في السجلات التاريخية القديمة، وقد أضيفت إلى اسمه (الحميدي)، فأصبح يقال له: (كك مبارز الدين الحميدي)، أما لقب مبارز الدين فقد حصل عليه من الخليفة العباسي الذي أنعم عليه بهذا اللقب لأنه كان واحداً من الحكام والقادة البارزين الذين خدموا الدولة العباسية في بغداد، وكن رجلاً تقياً يعبد الله ويخشاه، فكان الناس يغدقون عليه الكثير من الهدايا، فيضيف إليها مثلها من ماله الخاص ويوزعها على الفقراء والمحتاجين، وقد ورد ذكره في كتاب ( التعريف ) وكان يحتل مكانة مرموقة في الدولة المغولية في عهد ( هولاكو )، تولى الحكم من قبل العباسيين وهو لايزال في العشرين من عمره، واستمر حاكماً لمدة سبعين عاماً ثم توفي .
9-الأمير كك مبارز الدين :
وكما مر معنا آنفاً، فقد كان حاكماً وقائداً في خدمة الدولة العباسية, كما احتل مكانة مرموقة في دولة ( هولاكوخان ) المغولية, وكان متديناً وكريماً، واستمر يحكم المقاطعات والبلدان مدة سبعين عاماً بجدارة واقتدار، حتى توفي وهو في أرذل عمره
10-الأمير عز الدين بن الأمير مبارز الدين كك :
تولى حكم العشائر الحميدية، وعقرة، وشوش، بعد وفاة والده، وقام بواجبه خير قيام وصار على خطى والده، زار ملوك التتار ونال عندهم حظوة كبيرة .
11-الأمير نجم الدين خضر بن الأمير مبارز الدين كك :
تولى حكم العشائر الحميدية الكردية بعد وفاة أخيه، وسار ايضاً على خطىوالده وأخيه وله مكاتبات رفيعة المستوى مع مصر التي كانت ترد إليها كتاباته باستمرار، ولم يلبث أن توفي، فخلفه ابنه في الحكم
12-ابن نجم الدين خضر :
لم يورد صاحب كتاب ( صبح الأعشى )، اسمه ولا أوصافه في كتابه هذا، بل اكتفى بالقول بأنه- بعد وفاة نجم الدين خضر- تولى ابنه مكانه الذي ترسم خطى آبائه وأجداده واستمر مدة طويلة في الحكم, وكان يقال لحاكم هذه المناطق صاحب عقرة، وشوش، وكان هؤلاء الحكام يكاتبون ملوك مصر بشكل دائم ومستمر.
جغرافية بلاد الحميديين
أما اليوم فتقع مناطق عقرة، والشيخان، وبارزان، ضمن أراضي تلك الإمارة الحميدية القديمة التي كانت قائمة يوماً ما بكل شموخها وعنفوانها .
حكام الحميديين:
1- أبو الفوارس حسين بن دوستك الحميدي 376
2- الأمير أبو شجاع بن دوستك الحميدي 380
3- الأمير عيسى الحميدي 400
4- الأمير أبو الحسن بن الأمير عيسى 440
5- الأمير عيسى بن أبي الحسن بن عيسى 528
6- نصر الدين 586
7- إدخمش 586
8- الأمير هكندري 591
1- مبارز الدين كك
2- عز الدين بك
3- نجم الدين بك
4- ابن نجم الدين
كانت مدة حكم أسرة مبارز الدين تبلغ الـ 147 عاماً. ويجب علينا أن نعطي أهمية كبيرة لهذه الأسرة, وأن نذكر دوماً في مقدمة تاريخ الحميديين، حكم هؤلاء الأمراء الأربعةوالذي امتد - وكما قلنا آنفاً طوال– مدة 147 عاماً بدون انقطاع إلى أن تمكن أمراء ( بهدينان) من انتزاع الحكم منهم في حوالي العام 870 هـ .