خليل داغ الصديق الأقرب إلى الجبل و الشعب الكردي
د. باهوز أردال
مشاهدة المرفق 437
خليل المصور ، الكاتب، السينمائي، التركي ، الكردي،، خليل الثوري المقاتل الإنسان ، خليل رفيق الدرب ، كل هذه الصفات تعبّر عنك رفيقي خليل.
اسمٌ عربيُ يعني الصديقُ المخلص والناصح، و (داغ) فهي كلمة تركية تعني (الجبل) وتفيد الهيبة والعلو، أما ( خليل داغ ) فيعني رفيق الجبل، صديق الجبل، الأقرب إلى الجبل، المهيب لأن من معاني خليل هي السيف ، كم يليق بك هذا الاسم رفيقي خليل !.
حين قرأتُ يومياتكَ التي كتبتَها في بوطان تذكرتُ بادئ الأمر ذلك اليوم الذي توجهنا فيه معاً برفقةِ مجموعةٍ من الرفاق إلى ( شكفتا بريندارا) وتذكرتُ حين استرحنا بعد تعبٍ من المسيرعلى سفحها ، تذكّرتُ أنني قلتُ لكَ حينها : " أنت من تصور الرفاق دائماً ، فليقم أحدهم هذه المرة بالتقاط صورة لك ، ولألتقط أنا صورةً لكَ هذه المرة " ، تذكرتُ الحوار الذي دار بيني وبينك والأسئلة الكثيرة التي سألتني اياها قبل عبوركَ إلى الشمال بأسبوعٍ واحدٍ، وتذكرتُ اللحظات َ الأخيرةَ قبل بدءِ مسيرتكَ إلى الشمال حين مددتُ يديََّ إلى حقيبتكَ وحملتُها لأرى مدى ثقلها وقمتُ بتوكيل أحد رفاق الدرب حينها ليقوم بمساعدتك في حمل الحقيبة أثناء مسيرتك الطويلة وأنا أعرف أن حملك كان ثقيلاً ضمن صفوف الثورةِ ، فأردتُ أن أقدّم لك المساعدة، فكرتُ بالحوار الذي دار بيني وبينك عبر اللاسلكي بعد نجاتكَ من معركة هَرَكولْ، و وجدتُ في يومياتي جملةً كتبتُها عنكُ : " يكفي ، يمكنك العودة " لكنني رأيتُ أن إصرارك يتضاعف أكثر و عزيمتكُ يتحول إلى فولاذ، فلمْ أتمكّن من إخبارك بما يجول في قلبي حينها ، لقد عُقِد لساني أمام رغبتكَ العظيمة وعزيمتك الفولاذية ، تحفظّتُ في إخباركَ بما في قلبي خشيةُ أن يؤثرَ ذلك على معنوياتك ، لذا لم يبق لي ما أقوله لك قبل بدء مسيرتك سوى : " لك كامل المبادرة حتى النهاية "، مرةً أخرى لم أرفض رغبتك في المسيرة المهيبة نحوُ جبل (آرارات )، لم نقل لك أي شيء . ما كنا لنقول.
رفيق الدرب خليل ، لقد أحببتَ هذه الجبال والكلُّ هنا أحبكُ ، أنتُ الآن في حواراتِ الرفاق وأحاديثهم ، في جمر ليلهم وشايهم ،في دبكاتهم التي يعقدونها ليلاً حول النار المتقدة ، أنتَ في الأغاني التي لاتفارق ألسنةِ الرفاق أثناء توجُّههم لتنفيذ عملية ما ، في صمتهم، في سماتهم الجادة في الاجتماعات ، في العواطف العميقة والخاصة جداً بالمقاتلين .
أنت صاحب الصور التي يلجأ إليها الرفاق حين يسمعون الأخبار المؤلمة. وكتبت الحياة وشعرها . بقلمك كنتَ تنقشُ حزنَ الرفاق على الورقة وبآلتك نقلت الواقع الى صور.
عايشتَ عواطفَ المقاتلين الجياشة التي تكمن في اللحظات الحاسمة بين الحياة والموت أثناء إلحاقهم الضربات بالعدو وخلال إسقاطهم للأهداف والاستيلاء على الخنادق ، التقطت صورهم وكتبت مشاعرهم كالصَدَفِ ، أنت من صوّرت المروحية حين سقطت ذليلةً والدبابات والمدرعات حين نُسفت راكعةً ، أنت من صورت اللحظات وصنعت أخبارها وأسمعتها للعالم يا خليل .
أنتَ السائر بين صخورِ هذه الجبال الوعرة صخرةً صخرةًً ، وفي الخنادق السرية و الشقوق العميقة خطوةً خطوةً ، أنت المتسلق للمنحدرات الشديدة ، أنت من وجدتَ الأسماء المجهولة في عمق هذه الجبال والدهاليز السرية في أواخر المغارات واكتشفت عظام البشر في هذه الكهوف ، كنت الباحث عن التاريخ غير المكتوب و التواريخ التي لم يُسمح بكتابتها مسبقاً ، الباحث عن قصص الأجداد وآثاراهم الأولى، أنت من صوّرتها ووجعلتها أفلاماً و ألحمتها مع الحياة ومع الماضي والحاضر والمستقبل وقدمتها لنا يا خليل.
تجولتَ في أكثرِ منحدرات هذه الجبال خطورةً وقساوةً و صعدتَ أكثرَ القممِ عُلوّأً ، أول من صوّر قمة جبل ( عبدال كوفي ) و ( جارجيلا ) ، أولُ المقاتلين الذين كتبوا في الدفتر المخبئ بعناية في الصندوقٍ الخاص على قمة جبل ( جيلو ) ، و زرتَ القمة التي حضنت سفينة نوح في جبل جودي، صوّرت كل هذا وكتبتها بقلمك المؤثر كي تضمن التقاءها مع التاريخ و سجّلت ملاحظاتك للإنسانية ولكردستان.
لقد تجولتَ في كلِ الأماكنِ الجميلة وكل المواقع التي تستحق المشاهدة في هذا الوطن ، زوزانات ( آفاشين ) و ( زاغروس ) ، ( باسيا ) و ( زاب ) ، أنت من صورت هضاب ( فراشين ) و دونت بساتينها وحقولها الخالدة و صوّرتَ الأسماك الزرقاء فيها .
أخذتَ آلتك لتصوّر ، و قلمكَ الذهبيَّ لتسكب منه الأبيات والقوافي لإيصالها إلى شعبنا المظلوم، تجولتَ في وادي ( هيزل جاي ) و جبل ( هَرَكول ) بقامته المهيبة و ( لاوكي خريب ) المشهور في جبل جودي ، أنت المعاصر من بين أشهر المتجولين رفيق الدرب المصور خليل داغ.
الماعز البري أكثر الكائنات حساسية ويقظةً في كردستان , الذي يعيش بين الصخور القاسية و الوعرة وفي المنحدرات الشديدة والخطيرة ولا يسمح باقتراب البشر منه أبداً ، لكنك عرفتَ كيف تجعل الماعز البري في جودي وجارجيلا يقترب منك كي تصوره ، أنتَ من التقطت صور هذه المناطق الخطيرة و صنعت أفلامها، و كتبتَ عن حَسَدِكَ من عشّاق الفنِ الأوائل الذين نقشوا اول صورة للماعز البري على الصخور هنا قبل آلاف السنين ، في حين أنك أنت بالذات حَسَدَنا كلّنا ، فلو كنا نحسد أحد ، فهو أنتَ ، كل إتحادك مع هذا الارض لهو منبعُ حَسَدِ لنا رفيق الدرب خليل.
رفيق الدرب خليل ، لقد شعرتَ بغياب أمورِ هامةِ عن كفاحِ الكريللا، لم تقمْ عبر إصرارك ومساعيك بإملاء هذه الفراغات فحسب بل قمتَ بإنجاز كل ذلك بنجاح بجعلها هدفاً أساسياً لك ، أنتَ من عرفتَ كيف تلتقط النواحي الساحرة والرفيعة المخفية في مشاعر و نفوس المقاتلين وفي حياتهم وتشاركها بإبداع مع شعبنا ، لا بل شعوبنا، أنت من قمتَ بالتقريب بين شعبنا و الكريللا، أنت الناجح في صناعة الجسر بين الشعب الكردي ومقاتليه، بالكاد يمكنك أنت القيام بذلك رفيق الدرب خليل، الصديق القريب والحميمي للجبل.
أخذتَ مكانك في الصفوف الأمامية للنضال بحربك عبر آلة التصوير، حاربتَ بكلِّ صورةٍ التقطتَها وبكل مقالةٍ كتبتها ، حاربت بقلبك وعقلك، وفي النهاية حاربت بسلاحك، لذا كان العدو يخاف منك ، كان يحقد عليك ، وهو يملك حسب وجهة نظره مبررات هذا الحقد ، لأنك قمتَ بخوض أكثرِ الحروبِ نجاحاً وأهميةً ضده. ولا ننسى أن العدو قام بإلإعلان عن خبر رحيلك عنا في الصفحات الأولى من جرائده حيث كتب " قتلنا إعلاميهم القائم بأعمال الدعاية والتحريض".
هناك أمور أخرى أود قولها : أرادَ الكثيرونُ التقاط صور المقاتلين والكتابةَ عنهم ونقل أخبارهم لكن قلوبهم لم تتسع لهذا العملِ الطوعي والقلبي ولم يتحلّوا بالنقاء والصفاء والصدق الكافي لهذا العمل ، وانت ادرى بهم ، منهم من ترك هذه القضية وذهب ، وقد كتبتَ عنهم وذكرتَ أسماءَ بعضهم أيضاً ، إنهم باعوا أقلامهم وأنفسهم ، ,أظهروا كم هم عديمي الكرامة ، فلتكن عدمية كرامتهم لهم وحدهم ، أما أنت فقد ارتبطت بهذا الشعب ، بهذه الجبال وبهؤلاء الرفاق عبر إيمانك الذي لا يهتز وعزيمتك التي أزدادت عظمة يومأً بعد يوم ودون أي حسابات ، بمشاركةٍ جبارةٍ وبعناد التزامكَ بالقضية وبحبك السامي ، لهذا بدءتَ مسيرتكَ المهيبة سيراً على الأقدام ساعياً لإنجاز فلمك الوثائقي " من جودي إلى آرارات "
نعم رفيقي خليل الصديق القريب والحميمي للجبل باتتْ لكَ حكايةٌ - هذه حقيقة - لم تنتهي الحكاية و لن تنتهي وستستمر .
بلغ تحياتي للرفاق : عادل ، كلبهار ، نودا ، كورتاي، وفرهاد وطبعأً لا تنس الرفاق مدني ، سرخبون ، سورخون، نوجان، دجلة ، آفارش، وسيدار ، أخبرهم أن هذه الحكاية هي حكايتك ، حكايتهم ، حكايتنا جميعأً ، إنها حكاية الشعب الكردي المتوجه نحو الحرية ، حكاية الإنسانية جمعاء.
أخيراً وصلتني يومياتكَ التي كتبتَها في بوطان ، قرأتُها ليسَ مرة واحدة بل عدة مرات ، يومياتك وكتابتك قيّمة للغاية ، هي لا تسرد كل حكايتك ولن تستطيع ، إنها قيّمة وعظيمة لكنها تنقل جزءاً أومرحلةً من مشاعركَ، لقد قمتَ بسردِ مشاعركَ وأفكاركََ بشكلٍ جميلٍ وربطت بينهما بأسلوبك الخاص، وأنا واثق أن كل شاب كردي و كل إنسان يتصف بالقيم الديمقراطية حين يبدء بقرأتها لن يتركها إلا حتى ينتهي منها ، وسيفهم قرّاءها الحقيقة الكردية وحقيقة النضال الثوري وما تمخض عنه من قيم .
ونحن كرفاق دربك سنستمر بمسيرتك في حكاية الحرية " من جودي إلى آرارات " بشكل دائم ، سيستمر بها الشباب أصحاب المولوتوفات كن واثقاً من ذلك .
أودُ إخباركَ بخبر سار ، فقد وجدَ أطفالُ كردستان أصحاب الكبرياِء و الجباهِ البيضاء سلاحاً جديداً قويأً ومقدساً ، إنه الحجر ، حجارة كردستان، إنهم بحرارةِ قولبهم ونقاءها سيجعلون الحجارةَ التي في أيديهم تفجّر الآذان الصماء ، وسيُسمِعونهم .... سيسمعون المحتلين صوت شعبنا . سيفجرون الأعينَ العمياءَ ، وسيجعلونها ترى مسيرة الحرية ، سيقومون بفك العقدة التي تربط الألسنة البكماء وستجعلها تحكي أمرأً ، إن الجنرالات الصغار اللطفاء والأذكياء لن يسمحوا بعد الآن بلعبة القردة الثلاثة.
فليكن فؤادك سعيداً ، لا تدع عينك تنظر للخلف ، نم قريراً حيث أنت ، يارفيق الدرب خليل .
الدكتور باهوز أردال
د. باهوز أردال
مشاهدة المرفق 437
خليل المصور ، الكاتب، السينمائي، التركي ، الكردي،، خليل الثوري المقاتل الإنسان ، خليل رفيق الدرب ، كل هذه الصفات تعبّر عنك رفيقي خليل.
اسمٌ عربيُ يعني الصديقُ المخلص والناصح، و (داغ) فهي كلمة تركية تعني (الجبل) وتفيد الهيبة والعلو، أما ( خليل داغ ) فيعني رفيق الجبل، صديق الجبل، الأقرب إلى الجبل، المهيب لأن من معاني خليل هي السيف ، كم يليق بك هذا الاسم رفيقي خليل !.
حين قرأتُ يومياتكَ التي كتبتَها في بوطان تذكرتُ بادئ الأمر ذلك اليوم الذي توجهنا فيه معاً برفقةِ مجموعةٍ من الرفاق إلى ( شكفتا بريندارا) وتذكرتُ حين استرحنا بعد تعبٍ من المسيرعلى سفحها ، تذكّرتُ أنني قلتُ لكَ حينها : " أنت من تصور الرفاق دائماً ، فليقم أحدهم هذه المرة بالتقاط صورة لك ، ولألتقط أنا صورةً لكَ هذه المرة " ، تذكرتُ الحوار الذي دار بيني وبينك والأسئلة الكثيرة التي سألتني اياها قبل عبوركَ إلى الشمال بأسبوعٍ واحدٍ، وتذكرتُ اللحظات َ الأخيرةَ قبل بدءِ مسيرتكَ إلى الشمال حين مددتُ يديََّ إلى حقيبتكَ وحملتُها لأرى مدى ثقلها وقمتُ بتوكيل أحد رفاق الدرب حينها ليقوم بمساعدتك في حمل الحقيبة أثناء مسيرتك الطويلة وأنا أعرف أن حملك كان ثقيلاً ضمن صفوف الثورةِ ، فأردتُ أن أقدّم لك المساعدة، فكرتُ بالحوار الذي دار بيني وبينك عبر اللاسلكي بعد نجاتكَ من معركة هَرَكولْ، و وجدتُ في يومياتي جملةً كتبتُها عنكُ : " يكفي ، يمكنك العودة " لكنني رأيتُ أن إصرارك يتضاعف أكثر و عزيمتكُ يتحول إلى فولاذ، فلمْ أتمكّن من إخبارك بما يجول في قلبي حينها ، لقد عُقِد لساني أمام رغبتكَ العظيمة وعزيمتك الفولاذية ، تحفظّتُ في إخباركَ بما في قلبي خشيةُ أن يؤثرَ ذلك على معنوياتك ، لذا لم يبق لي ما أقوله لك قبل بدء مسيرتك سوى : " لك كامل المبادرة حتى النهاية "، مرةً أخرى لم أرفض رغبتك في المسيرة المهيبة نحوُ جبل (آرارات )، لم نقل لك أي شيء . ما كنا لنقول.
رفيق الدرب خليل ، لقد أحببتَ هذه الجبال والكلُّ هنا أحبكُ ، أنتُ الآن في حواراتِ الرفاق وأحاديثهم ، في جمر ليلهم وشايهم ،في دبكاتهم التي يعقدونها ليلاً حول النار المتقدة ، أنتَ في الأغاني التي لاتفارق ألسنةِ الرفاق أثناء توجُّههم لتنفيذ عملية ما ، في صمتهم، في سماتهم الجادة في الاجتماعات ، في العواطف العميقة والخاصة جداً بالمقاتلين .
أنت صاحب الصور التي يلجأ إليها الرفاق حين يسمعون الأخبار المؤلمة. وكتبت الحياة وشعرها . بقلمك كنتَ تنقشُ حزنَ الرفاق على الورقة وبآلتك نقلت الواقع الى صور.
عايشتَ عواطفَ المقاتلين الجياشة التي تكمن في اللحظات الحاسمة بين الحياة والموت أثناء إلحاقهم الضربات بالعدو وخلال إسقاطهم للأهداف والاستيلاء على الخنادق ، التقطت صورهم وكتبت مشاعرهم كالصَدَفِ ، أنت من صوّرت المروحية حين سقطت ذليلةً والدبابات والمدرعات حين نُسفت راكعةً ، أنت من صورت اللحظات وصنعت أخبارها وأسمعتها للعالم يا خليل .
أنتَ السائر بين صخورِ هذه الجبال الوعرة صخرةً صخرةًً ، وفي الخنادق السرية و الشقوق العميقة خطوةً خطوةً ، أنت المتسلق للمنحدرات الشديدة ، أنت من وجدتَ الأسماء المجهولة في عمق هذه الجبال والدهاليز السرية في أواخر المغارات واكتشفت عظام البشر في هذه الكهوف ، كنت الباحث عن التاريخ غير المكتوب و التواريخ التي لم يُسمح بكتابتها مسبقاً ، الباحث عن قصص الأجداد وآثاراهم الأولى، أنت من صوّرتها ووجعلتها أفلاماً و ألحمتها مع الحياة ومع الماضي والحاضر والمستقبل وقدمتها لنا يا خليل.
تجولتَ في أكثرِ منحدرات هذه الجبال خطورةً وقساوةً و صعدتَ أكثرَ القممِ عُلوّأً ، أول من صوّر قمة جبل ( عبدال كوفي ) و ( جارجيلا ) ، أولُ المقاتلين الذين كتبوا في الدفتر المخبئ بعناية في الصندوقٍ الخاص على قمة جبل ( جيلو ) ، و زرتَ القمة التي حضنت سفينة نوح في جبل جودي، صوّرت كل هذا وكتبتها بقلمك المؤثر كي تضمن التقاءها مع التاريخ و سجّلت ملاحظاتك للإنسانية ولكردستان.
لقد تجولتَ في كلِ الأماكنِ الجميلة وكل المواقع التي تستحق المشاهدة في هذا الوطن ، زوزانات ( آفاشين ) و ( زاغروس ) ، ( باسيا ) و ( زاب ) ، أنت من صورت هضاب ( فراشين ) و دونت بساتينها وحقولها الخالدة و صوّرتَ الأسماك الزرقاء فيها .
أخذتَ آلتك لتصوّر ، و قلمكَ الذهبيَّ لتسكب منه الأبيات والقوافي لإيصالها إلى شعبنا المظلوم، تجولتَ في وادي ( هيزل جاي ) و جبل ( هَرَكول ) بقامته المهيبة و ( لاوكي خريب ) المشهور في جبل جودي ، أنت المعاصر من بين أشهر المتجولين رفيق الدرب المصور خليل داغ.
الماعز البري أكثر الكائنات حساسية ويقظةً في كردستان , الذي يعيش بين الصخور القاسية و الوعرة وفي المنحدرات الشديدة والخطيرة ولا يسمح باقتراب البشر منه أبداً ، لكنك عرفتَ كيف تجعل الماعز البري في جودي وجارجيلا يقترب منك كي تصوره ، أنتَ من التقطت صور هذه المناطق الخطيرة و صنعت أفلامها، و كتبتَ عن حَسَدِكَ من عشّاق الفنِ الأوائل الذين نقشوا اول صورة للماعز البري على الصخور هنا قبل آلاف السنين ، في حين أنك أنت بالذات حَسَدَنا كلّنا ، فلو كنا نحسد أحد ، فهو أنتَ ، كل إتحادك مع هذا الارض لهو منبعُ حَسَدِ لنا رفيق الدرب خليل.
رفيق الدرب خليل ، لقد شعرتَ بغياب أمورِ هامةِ عن كفاحِ الكريللا، لم تقمْ عبر إصرارك ومساعيك بإملاء هذه الفراغات فحسب بل قمتَ بإنجاز كل ذلك بنجاح بجعلها هدفاً أساسياً لك ، أنتَ من عرفتَ كيف تلتقط النواحي الساحرة والرفيعة المخفية في مشاعر و نفوس المقاتلين وفي حياتهم وتشاركها بإبداع مع شعبنا ، لا بل شعوبنا، أنت من قمتَ بالتقريب بين شعبنا و الكريللا، أنت الناجح في صناعة الجسر بين الشعب الكردي ومقاتليه، بالكاد يمكنك أنت القيام بذلك رفيق الدرب خليل، الصديق القريب والحميمي للجبل.
أخذتَ مكانك في الصفوف الأمامية للنضال بحربك عبر آلة التصوير، حاربتَ بكلِّ صورةٍ التقطتَها وبكل مقالةٍ كتبتها ، حاربت بقلبك وعقلك، وفي النهاية حاربت بسلاحك، لذا كان العدو يخاف منك ، كان يحقد عليك ، وهو يملك حسب وجهة نظره مبررات هذا الحقد ، لأنك قمتَ بخوض أكثرِ الحروبِ نجاحاً وأهميةً ضده. ولا ننسى أن العدو قام بإلإعلان عن خبر رحيلك عنا في الصفحات الأولى من جرائده حيث كتب " قتلنا إعلاميهم القائم بأعمال الدعاية والتحريض".
هناك أمور أخرى أود قولها : أرادَ الكثيرونُ التقاط صور المقاتلين والكتابةَ عنهم ونقل أخبارهم لكن قلوبهم لم تتسع لهذا العملِ الطوعي والقلبي ولم يتحلّوا بالنقاء والصفاء والصدق الكافي لهذا العمل ، وانت ادرى بهم ، منهم من ترك هذه القضية وذهب ، وقد كتبتَ عنهم وذكرتَ أسماءَ بعضهم أيضاً ، إنهم باعوا أقلامهم وأنفسهم ، ,أظهروا كم هم عديمي الكرامة ، فلتكن عدمية كرامتهم لهم وحدهم ، أما أنت فقد ارتبطت بهذا الشعب ، بهذه الجبال وبهؤلاء الرفاق عبر إيمانك الذي لا يهتز وعزيمتك التي أزدادت عظمة يومأً بعد يوم ودون أي حسابات ، بمشاركةٍ جبارةٍ وبعناد التزامكَ بالقضية وبحبك السامي ، لهذا بدءتَ مسيرتكَ المهيبة سيراً على الأقدام ساعياً لإنجاز فلمك الوثائقي " من جودي إلى آرارات "
نعم رفيقي خليل الصديق القريب والحميمي للجبل باتتْ لكَ حكايةٌ - هذه حقيقة - لم تنتهي الحكاية و لن تنتهي وستستمر .
بلغ تحياتي للرفاق : عادل ، كلبهار ، نودا ، كورتاي، وفرهاد وطبعأً لا تنس الرفاق مدني ، سرخبون ، سورخون، نوجان، دجلة ، آفارش، وسيدار ، أخبرهم أن هذه الحكاية هي حكايتك ، حكايتهم ، حكايتنا جميعأً ، إنها حكاية الشعب الكردي المتوجه نحو الحرية ، حكاية الإنسانية جمعاء.
أخيراً وصلتني يومياتكَ التي كتبتَها في بوطان ، قرأتُها ليسَ مرة واحدة بل عدة مرات ، يومياتك وكتابتك قيّمة للغاية ، هي لا تسرد كل حكايتك ولن تستطيع ، إنها قيّمة وعظيمة لكنها تنقل جزءاً أومرحلةً من مشاعركَ، لقد قمتَ بسردِ مشاعركَ وأفكاركََ بشكلٍ جميلٍ وربطت بينهما بأسلوبك الخاص، وأنا واثق أن كل شاب كردي و كل إنسان يتصف بالقيم الديمقراطية حين يبدء بقرأتها لن يتركها إلا حتى ينتهي منها ، وسيفهم قرّاءها الحقيقة الكردية وحقيقة النضال الثوري وما تمخض عنه من قيم .
ونحن كرفاق دربك سنستمر بمسيرتك في حكاية الحرية " من جودي إلى آرارات " بشكل دائم ، سيستمر بها الشباب أصحاب المولوتوفات كن واثقاً من ذلك .
أودُ إخباركَ بخبر سار ، فقد وجدَ أطفالُ كردستان أصحاب الكبرياِء و الجباهِ البيضاء سلاحاً جديداً قويأً ومقدساً ، إنه الحجر ، حجارة كردستان، إنهم بحرارةِ قولبهم ونقاءها سيجعلون الحجارةَ التي في أيديهم تفجّر الآذان الصماء ، وسيُسمِعونهم .... سيسمعون المحتلين صوت شعبنا . سيفجرون الأعينَ العمياءَ ، وسيجعلونها ترى مسيرة الحرية ، سيقومون بفك العقدة التي تربط الألسنة البكماء وستجعلها تحكي أمرأً ، إن الجنرالات الصغار اللطفاء والأذكياء لن يسمحوا بعد الآن بلعبة القردة الثلاثة.
فليكن فؤادك سعيداً ، لا تدع عينك تنظر للخلف ، نم قريراً حيث أنت ، يارفيق الدرب خليل .
الدكتور باهوز أردال