كول نار
Kurd Day Team
يا أختَ "هارون"
شعر : يحي السماوي
يا أختَ "هارون" ... ما أنـْصفتِ هارونا
فأنَّ كأسَكِ فاضُ اليوم غِسْـلينا !
يا أخْـتَ "هارونَ" هلا عُـدْتِ ناسكة
عذراءَ تـَلبـَسُ من ديباجِ ماضينا ؟
يا أخت "هارون" ما أبقاك بئر دُجىً
وكان أمْـسُـكِ شمسـًا في مآقينا ؟
يا أخْتِ "هارون" قدْ جـَفـَّتَ حناجرُنا
من الصُراخ وَقدْ ذلتْ صوارينا
دالتْ علينا يَدُ الآثامِ وانـْقـَلبتْ
صروحُنا .. فأذا راياتـُنا الدُونى
فأين منكِ زمانُ كان يَحْسَبُنا
فيهِ الطغاة على ظلمِ بَراكِـينا ؟
وأيْنَ عَهْدُكِ بالمجدِ الذي نـَبَضَتْ
طيوبُهُ في فم الدنيا تلاحينا ؟
كأننا لم نكنْ حقلا لذي سَغـَبٍ
وللعـَدالةِ- في ماضٍ- موازينا !
يا أخْتَ هارون يومي باتَ يُخْجـِلـُني
وباتَ يُخْجـِـلُ "منصورًا" و"مأمونـًا"
فليْتَ "جَعفـَرَ" لم يَجْعَـلكِ دائرة
فـَدْرْتِ فوقَ بنى قومي طـَواحينا !
يا أخْتَ هارونَ هـَلْ نـَرْثي مفاخِرَنا
أم المفاخِـرُ والأيامُ تـَرْثينا ؟
أكلَّ عصرٍ يدُ المأساةِ تعصرُنا
ويستبيحُ الأسى أبهى مغانينا ؟
نحن الذين غـَرَسْنا في أضالِعِنا
سيوفـَنـَا .. وعبثـْـنا في روابينا !
مُسيًّرونَ جموعـًا لا خـَيارَ لها
ونـَحْسَبُ القاتلَ المأجورَ حامينا !
رِماحُنا لم تـَنـَلْ إلا أحِـبـَّـتـَنا
ونارُنا لم تـَنـَـلْ إلا أهالينا !
يا أخْتَ هارونَ أسْلمْنا ركائِـبَنا
عيونـَنا وَمَحضْـناها مَسارينا !
نمشي بها خـَبَبـًا والحزنُ يَزْحَمُـنا
وَقدْ نـُطيلُ وقوفـًا خـَوْفَ آتينا !
يا أخْتَ هارونَ يُغْرينا بكمْ وَسَنُ
وبالرحيل ِ يَقينُ الصحو يُغرينا !
فما لوجهـِكِ لم تضحك به شفة ُ
وكان بالخـَدْرِ الورديِّ يَسْـقينا ؟!
سمومًُنا قد شربْـناها بأيْدينا
حين اتــَّخذنا سوى دين الهدى دِينا !
وأننا- فرْط َ ما نـَسْعى لِتـْفرقـَةٍ
ببعضِنا نـَحْنُ أطمعنا أعادينا !
صناعة الموتِ بَعْضُ من قـَوادِمِنا
وَطـَعْـنـَة الخِلِّ بعضُ مِنْ خـَوافينا !
يا أخْتَ هارونَ والمأساة ُ أفدَحُها
أنَّ الزَّرازيرَ تـَصْطادُ الشواهينا !
وأننا قد رَأينا دون داجيةٍ
مشانقـًا فـَحَسبْناها بساتينا !
يا أخْتَ هارون ألقـَينا هوادِجَنا
إلى المقاديرِ .. نـَدْعوها وتـَدْعونا !
فغادَرَتـْـنا إلى قاع مراكبُنا
وأصْحَرَتْ منذ أجيالٍ مراسينا !
"عيدٌ بأيةِ حالٍ عُدْتَ" لا وطني (1)
بمقلتيَّ ، ولا غـَنـّى مُحـِبّونا !
دَعَوْتُ يومـًا بوَأد "البَعْث" في وطني
فـَجـَـلجَـلَ الكونُ- كلّ الكونِ- آمينا !
يا أخْتَ هارونَ أقسى ما نكابـِدُهُ
أنَّ الهوى صارَ بعضـًا مِنْ معاصينا !
وَحَسْبـُنا قدْ حَمَـلنا حُبَّـنا نـَسَغـًا
فما نعيشُ إذا ماتَ الهوى فينا !
أضحى التـنائي بديلا عن تدانينـًا (2)
وعن مكارِمِنا نابَتْ مَخازِينا !
تـَبَغـْدَدَ (3) القهر يا ولادتي فأذا
سكينـَة ُ النفس قدْ أضْحَتُ سكاكينا
يا أخْتَ هارون قدْ شـُدَّتْ ركائِـبـُنا
إلى سواكِ ، وما شدَّتْ أمانينا !
نـَنأى عن الدار .. عن دفء وعافيةٍ
وقد غـَدَوْنا- من البلوى- مجانينا !
فيا "سماوة ُ" إن العشق صيّرنا
ولادة "تسْـتبي" في الحبِ "زيدونا"
وما انـتفاعي بمرآتي وقدْ فـَقـَأتْ
يدُ الصبابةِ في المنفى مآقينا ؟
"ولادتي" لـَيْـتـَـنا لم نـَتــَّخذ قـَسَمـًا
على الوفاءِ ، وليت الصدقَ يَجْفونا !
"ولادتي" أشراعٌ دون صاريةٍ
يُغري الرياح فنأتيكم محيينا ؟
"بـِنـْـتـُم وَبـِنـّا" فلا الأعيادُ تـَطـْرِقـُنا
يومـًا ، ولا منكم الأعراس تـَأتينا ؟
مساكنٌ قدْ تركناها على مَضَض ٍ
وَقدْ دَخلنا إلى أخرى مَساكينا !
نـَسْـتـَعْطفُ الدَهْرَ أنْ يُزْري بظالمـِنا
وأنْ يـَمُنَّ على الأضياف بارينا !
ويا "سَمَاوَة ُ" ليت الكوخ يجمعُنا
مع الأحِـبَّـة في بستان ِ شاطينا
كلّ به من عذابِ الشوق ِ مذبحة ٌ
فهـَـلْ يَـنوبُ لقاءٌ عن تجافينا ؟
حرائقٌ قدْ دَخـَلناها طواعيةٍ
بأرْضِنا ، وعلى قـَسْر ٍ مناضينا ؟
ويا "سماوة" قنديلي به عَطش
لسحر ليلك لو عادت ليالينا !
بيني وبينك أسرارُ سأفـْضَحُها
حينـًا أقومُ ، وأجثـْو باكيـًا حِينا !
إنَّ الذي كان سلوانـًا لذي تـَعَبٍ
بقربكم ، صار بعد النفي يُبْـكِـينـًا !
أذلـَّـني منك صمتٌ واسْتبى أملا
وأضْرم الذلَّ حتى في قوافينا !
على جبينك من آثامهم وَسَخُ
وكان يَطفـَحْ رَيْحانـًا ونسرينا !
فزلزلي الأرض إمّا شِئتِ صدْقَ هوىً
ودمري "الكـُفـْرَ" إن شئتِ الهدى دِينا
يا أخْتَ هارونَ إنَّ الموتَ يَـقـْرَبْـني
فـَهَـلْ مَنـَحْتِ الفتى غـُسْلا وتكفينا ؟
أنا ابنُ حَـقـْلِك .. مُدِّي لي بأرغِفـَةٍ
لقد شكرتُ ، طحينـًا كان أوْ طِينا !
مَرابعُ نـَتـَسلـّى في تـَذكـُرِها
"يُميتـُنا ذكرُها حينـًا ، ويُحْْيينا" (4)
يا أخْتَ هارونَ قـُومِي كيْ يقوم غدٌ
عَذبٌ يعيد لنا أحلى تصابينا
لا تـُحْسِني الظنَّ فيمنْ جلُّ مطمَحهم
"قصرُ الخِلافة" .. أو كانوا مُرابينا
مناضلونَ ... ولكنْ في مخادِعِهمْ
وناسكونَ- وما كانوا مُصَـلـِّينا
سبعونَ حزبـًا .. وكلُّ يدعي حِصصـًا
فجاء يحملُ ساطورًا وماعونـًا !
سبعون حزبـًا .. فما أقسى فجيعتـَهُ (5)
جـِسْمُ العراق إذا ما صارَ سَبْعينا !