كاظم الساهر: كنت حبيس منزلي وبرنامج the voice فرصتي لأجرّب الأضواء مرة أخرى

  • بادئ الموضوع بادئ الموضوع كول نار
  • تاريخ البدء تاريخ البدء

كول نار

Kurd Day Team
188.jpg


في ابتسامته اختبّأ ليلٌ وقمر وأقواس قزح. حبس جمال دجلة والفرات في عينيه ففاض غناؤه رومنسية. صغيراً كان عندما انتظرته شهرزاد ليخبرها قصصاً تكفي العمر ولياليه. صمتت شهرزاد عن الكلام المباح وسكنت إلى قصص قيصر الغناء. قيصرٌ تخلّى عن سيفه والمحراب ليخوض معارك بصوته ولحنه والقصيدة. ها هو يعود اليوم إلى الأضواء، يضع عزلته في كيس، يربطه جيداً، ويرميه في البحر، ليتربّع على عرش الشاشات العربية في برنامج كان سبيله إلى كسر حاجز الوحدة. في قلبه «سنا» أضاء العمر وأعاد إليه روح الشباب. «جدو» كاظم يعود إلى طفولته، إلى بداياته ويتذكّر... ولكم حفظ ذكرياته.


- في كتاب للكاتب الأميركي فيتزهيو دودسون Dodson عنوانه "Tout se joue avant 6 ans" يُرجع التكوين النفسي للإنسان إلى عمر الطفولة، بالنسبة إلى كاظم الساهر ماذا يتذكّر من عمر الطفولة؟ وإلى أي حدّ طبعت طفولتك حياتك كرجل؟
طفولتي كانت جميلة. كنت طفلاً سعيداً أحب الحياة، أمضي معظم وقتي أمشي وحيداً، أتخيّل قصصاً وأعيشها في خيالي. وكانت هواياتي كثيرة، والرسم أبرزها.

أذكر من عمر الست سنوات صديقة لي. صديقة، كانت تنتظرني في الحي في شمال العراق كي أخبرها قصصاً حياتية كلّها من تأليفي. كنت أمشي مسافات طويلة لألاقيها. أذكر أن الطقس في شمال العراق كان بارداً جداً، وكان معطفي في ذلك الوقت قديماً رثّاً، كنت أرتديه ليقيني برد الطريق، وقبل أن أصل إليها كنت أخلعه مخافة أن لا يعجبها وأبقى مرتدياً قميصي الجديد الرقيق رغم البرد القارس بغية أن تراني جميلاً وتستمتع بقصصي طبعاً.

- من اكتشف صوت كاظم الساهر؟ وهل كاظم الطفل كان يعرف أهمية قدراته الصوتية؟
اكتشفت موهبتي عن طريق الصدفة. ففي البيت، كان جميع أخوتي يتمتّعون بأصواتٍ جميلة، أجمل من صوتي بمراحل، وأنا لم أكن مدركاً جمال صوتي بينهم. ذات مرة كنت أعزف وأغني بينما كنت أتمشّى مع صديقي، وهو موسيقي بالمناسبة. عندما سمع صوتي، نهرني وقال «ما بالك؟ تملك هذا الصوت وتسكت؟»، فجاوبته أن صوتي هو الأسوأ بين أصوات أخوتي وأني حين أغنّي في البيت يضحكون عليّ. فأقنعني بأن صوتي جميل وعليّ أن أصقله.


هكذا اكتشفت موهبتي وأنا أتمشّى.

- بعد هذه الحادثة بدأت الغناء؟
لا، بدأت مسيرتي في التلحين. في سن 12 سنة لحّنت أول قصيدة. هكذا انتقلت من العزف على القيثارة إلى العزف على العود.

- كيف تتابعت حياتك الفنية من بعدها؟
قرّرت أن أدرس الموسيقى. لكن لعدم تمكّني من دفع مبالغ مالية أخصّصها لأخذ دروس خصوصية، كنت أقطع مسافات طويلة جداً سيراً على القدمين حتى أصل إلى منطقة غير التي كنا نسكن فيها، حيث يوجد مراكز شبابية مخصّصة لتعليم الشباب الرياضة والموسيقى، هكذا بدأت دراسة الموسيقى مع أستاذ في هذا المركز. ومن ثمّ تابعت دراستي الموسيقية في المعهد لمدة ست سنوات.

- ما هو الحدث الذي تعتبره النقلة النوعية في حياتك الفنية؟
في العراق، غنّيت مقدمة مسلسل (تتر) اسمه «شجاه الناس» فراح الجميع يسألون عن الشخص الذي يغنّي تيتر المسلسل الذي حظي بضجة غير مسبوقة. بعدها بسنتين غنّيت أغنية «اللي تلدغه الحيّة بإيده يخاف من جرّة الحبل»، وهي أغنية مستوحاة من الحديث النبوي الشريف «لا يلدغ المؤمن من جحر مرّتين». حظيت هذه الأغنية بانتشار واسع طال الخليج العربي بأكمله وأصبحت الأغنية رقم واحد في الأسواق، إلى أن مُنعت في العراق لأسباب سياسية. ففي تلك الفترة كان العراق يلملم آثار الحرب الإيرانية فأُخذت الأغنية على أنها موجّهة سياسياً لذا تمّ منعها، لكنّهم لم يستطيعوا وقف انتشارها لأنها كانت تسلّلت إلى الأسواق الخليجية وحازت المراكز الأولى. هذه الأغنية مع أغنيتي «عبرت الشط» و»سلّمتك بإيد الله» أعتبرها النقلة النوعية في حياتي الفنية.

- في ذلك الوقت تركت العراق وانتقلت إلى بيروت؟
كلا، أنا لم أترك العراق أبداً، كنت أسافر ومن ثم أعود إليه. دائماً كان العراق وجهتي بعد سفرات طويلة. أنا أحب الترحال، أحب الحرية، لا أحبّ أن أبقى في مكان واحد، لذا كنت أترك العراق، لكني دائماً كنت أعود.

- من الأمور التي طبعت حياتك الفنية تعاونك مع نزار قباني الذي لقّبك بـ«قيصر الغناء»، فمن له الفضل على الآخر، نزار قباني على كاظم الساهر أم كاظم الساهر على نزار قباني؟
لا فضل لشخصٍ على آخر. أنا موسيقاي موجودة وشعر الأستاذ نزار قباني موجود. نزار شاعر عظيم، أعتبره مدرسة استفدت منها كثيراً. أعطاني حرية كاملة في التلحين. هناك قصائد للأستاذ نزار صعبة التلحين، نظراً إلى كونها شعراً حرّاً وليست شعراً عمودياً، وكانت هذه القصائد تولّد في نفسي تحدياً لتحينها، فكيف ألحّن شعراً يشبه كلام الجريدة؟ وعندما كان يسألني الأصدقاء كيف ستلحّن شعراً نثرياً يشبه الجريدة كنت أجيبهم أني أجد لذّتي في الصعوبة، وأشعار نزار قبّاني كانت ترضي لذّتي في تحدّي ذاتي.

- لكن نزار قبّاني كان يسمح لك بتعديل أشعاره، كنت تحذف أبياتاً من دون أي اعتراض، ألم يسهّل هذا الأمر عليك المهمة قليلاً؟
بالطبع سهّل المهمة، وكان نزار يساعدني في هذا الأمر. ففي قصيدة «أشهد» مثلاً، هناك بيت شعر طويل ومن ثم بيت شعر أقصر ثم يطول البيت بعدها ليقصر. القصيدة صعبة جداً، وكانت تحضّني على أن أخترع جملاً موسيقية تتماشى مع كل بيت على حدة. أو مثلاً في أغنية كل عام وأنت حبيبتي، هذه القصيدة كتاب كامل وليست شعراً يُغنّى، لكنّي أصرّيت على تلحينها. نزار شاعر عظيم أشعاره صعبة، كان عليّ أن أجد ألحاناً ترتقي إلى مستوى الكلمات فيها حتى يتقبّلها الناس.

- غنيّت لنزار قباني شعر «بريد بيروت»، ماذا تعني لك بيروت؟
بيروت تعني لي الكثير الكثير. أول مرة خرجت من بغداد وأتيت إلى بيروت كنت أريد شراء منزل هنا ولا يزال هذا الأمر يراودني. يعزّ عليّ أني لا أملك منزلاً في لبنان الذي أعتبره بلدي الثاني. أنا لا أحبّ المكوث في الفنادق، لذا حرصت على أن يكون لي منزل في كل بلد عربي أنزل فيه إلا بيروت لم يحالفني الحظ أن أمتلك فيها بيتاً.

- ربما الأوان لم يفت بعد.
للمصادفة، وأنا أتمرّن في النادي الرياضي، التقيت رجلاً أصادفه كل يوم تقريباً منذ سنة، أسلّم عليه لكني لا أعرفه. أخيراً عرفت أنه مقاول، وبعد أخذ وردّ وعدني بأن يريني مجموعة شقق لأختار من بينها علّني أحظى بمنزلي المنشود.

 
عودة
أعلى