بين الإنسان والأتان

  • بادئ الموضوع بادئ الموضوع Bradost
  • تاريخ البدء تاريخ البدء

Bradost

كاتب
بين الإنسان والأتان
كنت بعمر الزهور عندما انتقل بيتنا إلى قرية صغيرة يعوزها أدنى مقومات الحضارة بمفهومها الحالي , حيث لا كهرباء ولا ماء ولا مدرسة ولا بلدية ولا مستوصف .... . التراب ثروتنا والبساطة حضارتنا والحنان مدنيتنا والحب عقيدتنا والجمال طبيعتنا .... .

فرسخ واحد كان يفصل قريتنا ذات البيوت الخمسة عن أقرب قرية كبيرة فيها مدرسة ابتدائية . فرسخ من الأشجار والصخور والتلال والوديان لا يمكن أن يقطعه المرء إلا راجلا أو راكبا ظهر دابة .

حين بلغت سن المدرسة اشترى لي والدي أتانا , استيقظ في الصباح الباكر وألقي خرجا على ظهرها فيه كتابان ودفتر واحد ثم أمتطي متنها وألكز خصرها بكعبي قدمي فتسير باتجاه المدرسة , وهناك ألف رسنها حول جذع شجرة حتى تنتهي فترة الدوام حيث تعود بي إلى البيت .

في الربيع عندما كانت ترتدي الأرض ثوبها الأخضر المطرز بشقائق النعمان والنرجس والأقحوان كانت رقيقتي تدهشني وتفاجئني بامتناعها عن التبول على المروج المزركشة بمختلف أنواع الأزهار , فتسير حتى تجد أرضا جرداء فتتوقف وتفرد قائمتيها الخلفيتين وتحني مؤخرتها فأضطر إلى التعلق برقبتها بكلتا يدي كيلا أسحل وأسقط من على ظهرها , مستمعا إلى صوت رشق بولها وتنتابني موجة من الضحك حين كانت تطلق ريحا مصوتا من دبرها .

نعم , كانت تلك المخلوقة تعلم أن الأزهار وجدت لتزين الحياة بجمالها وشذاها , وجدت لتضفي على الطبيعة لمسة سحر , لا للتبول عليها .

ذكرياتي مع رفيقتي الحضارية تكاد تطن بين تلافيف دماغي كل يوم منذ فترة كلما جلست لمشاهدة التلفاز , حيث يكاد لا يمر يوم إلا وأجد فيه الإنسان وقد صنع لنفسه عفاريت تطير بسرعة البرق في السماء , ويلقي منها أطنانا من الحمم على رؤؤس الأزهار . منها لم يزل برعما يحترق قبل أن يتفتق , ومنها ذات بتلة أو بتلتين أو ثلاث ...

زهرة كنت عندما سقطت مرة عن ظهر أتانتي وطفق الدم ينزل من رأسي , فظلت واقفة بجانبي حتى توقف النزف لتسعفني إلى البيت , بينما أجد هذه الأيام من البشر من يصوب فوهة بندقيته باتجاه صدور الأزهار ويضغط على الزناد ويهدد ويقصف كل من يأتي لإسعافها ونجدتها .
 
مشكور اخي العزيز على الوصف الدقيق

والسرد الرائع

وعفوية الاحداث وصدقها

تحياتي الك​
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اخي برادوست
شكرا لك
لقد وضحت لنا حياتك البسيطة في الطفولة
ووسردك رائع
وفهمت منك ان الدابة الذي كانت عندك
افضل من كثير من الناس الذين يخربون الطبيعة
مشكورررررررر
 
عزيزي بيكس ديركي
خلي وصديقي محمد علو
اشكركما جزيل الشكر على مروركما الكريم على صفحتي المتواضعة
ارجو الله أن يوفقكما
ودمتما
 
زهرة كنت عندما سقطت مرة عن ظهر أتانتي وطفق الدم ينزل من رأسي , فظلت واقفة بجانبي حتى توقف النزف لتسعفني إلى البيت , بينما أجد هذه الأيام من البشر من يصوب فوهة بندقيته باتجاه صدور الأزهار ويضغط على الزناد ويهدد ويقصف كل من يأتي لإسعافها ونجدتها .

زور سباس بو فان به يفت زيرين هه ربزي براستي زور جوانن سه ركه فتن
 
زور سباس
أشكرك على مرورك عزيزي
مع خالص الحب لكل أهل زاخو الطيبين
 
عودة
أعلى