شعبٌ في حقول الرماية

أوسكار عامودا

أوسكار عامودا



مختارات
سيحملون معهم، هذه المرة، دجاجاتهم، وخرافهم، ووشمهم الكردي إلى أوروبا. والأعراقُ المرفَّهة سيُحمِّل أحدُها الآخرَ تبعة السيل البشري في شتاء العالم . ثم ماذا؟ مجرد شتات ذي أرومة شرقية، نزح به طغيان الجيوش وطغيان الفاقة إلى المشهد، الذي ينبغي إبقاؤه نظيفاً.
لا أحد ينجو من التدليل عليه شريكاً في الغدر، من قُمْ إلى البيت الأبيض. وعدوا الكرديِّ بإخوة في الدين وأهانوه في لغته. وعدوه بنصر أمام القانون بعد الإطاحة بالطغيان ثم أبقوه في حصار المجهول. وعدوه بعدالة تعيده شريكاً في مصيره الضائع وأغدقوا الأسلحة على مطارديه.
ساحة الكردي كيقينه: للأرض تسع جهات، ستصل من إحداها إغاثة الكيان. وقد وصلت، حقاً، إغاثةُ القتل. إيران الطائفية لن تؤاخي في الله حركة قوم من الجوار لهم من عِرْق روحهم نسلٌ في إيران. ستهديهم ـ كعادتها في إبرام الهداية ـ زُمَراً من لحى المُفْتِيْنَ بمعصية كلِّ مختلفٍ. وهي لن تحب في الزمر، تلك، الإسلامَ إلاَّ بقدر ما يحيل إسلامَها إلى تمزيق للمطعونين أباً عن جد. وسترفد الخرابَ بسلاح كثير، ومستطلعين من قَيَّافِيْ الموت.
ستدخل تركيا المشهد من باب "احتواء" الفراغ، الذي مهَّده لها، كسرير الزوجية، غربٌ يحمل ميزان العطَّارين، وستعصف بالمكان حملةً بعد أخرى، تتعقَّب بها متاهةً من ابتكار كيانها الغامض: قارورة غربية فيها زيت إسلامي، يحملها طاهٍ إلى مطبخه المغلق الستائر، المعتم الآنية. وهي، باستعراضها روحَ الكرديِّ كحقل للرماية، ستطالب الغرب بالمكافأة المقبولة عن دورها الشرطيِّ أمام جدار الشرق، ودورها الشرطي الآخذ بزمام الأمور المنفلتة من عقال الإهمال الغربي، وتخبُّط سياساته، في كردستان مفرَّغةٍ من بسطة القانون الواحد.
ستدرك تركيا أن الإحجامَ الغربيَّ المقصود، والمخطط له، والمتفق عليه، عن إلهام الكرد إدارةً قويمة بعد فراغ كردستان من صدام، هو مكافأة غير ظاهرة. وستعمد ـ بدلال ـ إلى تمويه المكافأة بصفة الإخفاق: تركةٌ من الفوضى تقوم تركيا باحتوائها. هذا ما ستقوله في عَلَنِ شأنها، وظِهارة أمورها.
المكافأة مموَّهة في حرص صارخ. فإضافةً إلى التعمُّد الغربي عدم رفْدِ "التجربة" الكردية بمقومات إقتصادية، وإدارية، ومشورة وتخطيط معقولين، يبقى السلاح الألماني من أركان ترسانة الشريك في الأطلسي، والتغاضي الأمريكي، بإطلاقٍ، عن حقوق الإنسان ومتفرِّعاتها الخرقاء البلهاء في كنف ابنتها المدلَّلة، والمضيِّ بها إلى تحالف متين الصناعة مع إسرائيل تدبيراً لزعم هويتها "المصدومة" من الشرق المظلم. وإذا تدبَّر الفكر براهين أوفى، سيرى في الرفض الأوروبي لدخول تركيا حلف اتحادها غذاءً نقياً يستقيم به جسد النظام برمَّته، ويصلح اعتلاله. فكلَّما دفعت بها إلى ركن ناءٍ، في السياق الدَّوريِّ لمناقشات العضوية، وجدت تركيا نَفْسها ناهضة بدعاوة المظلمة، فيتَّفق على تلك الدعاوة الجنرالُ والشارعُ المعمَّم، وسارت إلى الانتقام من شعب يريد سيرةً بلغته وهي في حلٍّ من متوجبات الهوية الأوروبية في شرعة القانون................
.............. سليم بركات .............
 
عودة
أعلى