للآخر... ليكتمل خلود الظل

  • بادئ الموضوع بادئ الموضوع ديار155
  • تاريخ البدء تاريخ البدء
للآخَر


ليكتملَ خلود الظل


ليكتمل خلوده


استفاقَ مِنْ نومه على أنين الموت الممدد إلى جانبه , كانَ في ضوء القمر الموجه كأصبع اتهام على وجه حلمٍ متهمٍ بأنّه مقتول ما يكفي ليصفرّ وجهه وترتعش ركبتاه.
قفز بجسده العاري جاثيا ًغير مصدق أن(( قابض الأوهام)) كان بقربه منذ قليل وربما أخطأ في اختيار وجبته المسائية.
مدّ يده المرتعشة من سراب العاصفة التي مرّت قبل قليل , حاولَ أنْ يُحرِّك الظلَّ المرميَّ إلى يساره..........جرّبَ ميمنةً.......... جربّ ميسرة عبثاً دون فائدة,
صرخَ في وجهه المصفرِّ لخوف القمر من الغروب : أيها الأبله, ودفعه فانقلبَ الظلّ على بطنه,انقذفت روحَه من عينيه وانفجرتْ في الوادي المجهول بين إليتي الظل.
في ثنايا الضجيج الصامت الذي استوطنَ الركن الركين من سرداب الموت الغامضِ في أعماقه رفع رأسه مستنجدا ً(( سيّدَ الخلاص من الخوف الأبدي)) فوقعت عينه المتسخة بغبار نومٍ خلَتْ أيامه على عبارة ترقص وتنادي به كأنّها اختُلِقَتْ في قحفه " لا تبكي,لا تحزن,أنا من الذين سقطوا سهواً من مجلدات المبجل مالك الأعمال المحتومة والأقدار المرسومة , سأعودُ يوماً ".
لمْ يحاول فهم ما كُتِبَ له أو الاستفهام عنه فقد كانَ لنحيبِ نفسه الضائعة قوة تعميه عن الوجود.
أسند ظهره العاري إلى الجدار المزيَّن بصراخِ الفصول في وجه المنسيّات واضعاً رأسه بين ركبتيه الهزيلتين محاولاً استنطاقَ عقله المستدرج إلى خفايا فقدان الظل.
تنهّدَتْ النافذة فتنهَّدَ نَفَسَهُ الممزوج برائحة الموت.
قال مخاطبا ً الدهاليز المجهولة في زاوية إدراكه المحدود:"سُيدْفَن كشهيد فسلالَته على أتمها دُفِنوا كشهداء"
"ولكنْ"................
قالَ محاوراً الفراغ وهو يداعب لحيته الطويلة بركبتيه "من سيطلق إحدى وعشرين صرخة تشق الفردوس الضائع فأنا استنْفَذْتُ جميعَ صرخاتي".
انتفض فجأةً وكأنَّ جميعَ الثورات التي اشتعلَتْ في السماء بدأتْ مِنْ جسدهِ المغمود في العري, لفَّ الجثة - التي ستحيى يوماً أو ربما كانَتْ حيّةً الآن- ببقايا أيامٍ دأبَ على قضمها طوال موته المزيَّف منذ قرون.
أفرغَ عُريَه منْ مكنونات الجسد ,غسلَ الجثة بدمه القاني ثم صرَّ الجثمان بشرايينه اللامنتهية .
حملَ النعش ووضعه عند عتبة الباب بكل هدوء, وبدأ بجلد الجثة بقطعة خشب من رأسها حتى الأصابع.............
يَضرِبُ ويَلهَث , يَضرِب ويَلهَث حتى العدة الحادية والعشرين ,رمى بقطعة الخشب إلى معاقل الخلود بعد أنْ تذوّقتْ لحمَ الظل الطازَج والممزوجِ بدمه هو ثمّ ركضَ عائدا ً إلى الغرفة, وقف وسط الفوضى المرتبة لاهثاً, باحثا ً عن شيءٍ يستتر به , مدَّ يده إلى ربطة العنق البيضاء , تأنّقَ أمامَ مرآة الجدار متباهيا ً بربطة عنقه اليتيمة على جسده النحيل ثمّ عادَ إلى الساحة.
وقفَ بخشوع ولعابه يفيض نابعا ً من أسفل لسانه ليصبَّ في غاباته السوداء, همسَ الصلاة الأخيرة التي أوحيتْ له ثمّ حملَ النَعش إلى حيث بداية النهاية.
وصلَ حيث وطن الحياة الأخرى, الموتى مبعثرون على الخراب كلا ً على طريقته, وضعَ النعش بكل رقة جانبا ً وبدأ البحث عن حفرةٍ منسيةٍ ليدفن فيها الظلَّ الحي الميت لكنّه لم يَفلَح فالجثث المترامية لمْ تترك مكاناً لشيء.
قال مخاطبا ً اللاشيء: "هنا في العالم السفلي لهذه الجمجمة حفرة لائقة به".
أخرجَ عقلَه وأخذَ يتأمله بروحِ اللامصدق مستذكراً ما فعله به هذا الشيء الرائع منذ الأزل ولم يلبث هنيهة حتى انقضّتْ الجثث المترامية كلمح الصقر فريسة الجوع استجابةً للصراخ المحتوم في جوفه وبدأت تنهش عقله دون أن تعرف حتى ما الذي تلوكه بين فكيها.
ابتسم دامعا ً بوقار العارف بالبواطن ثمّ هرولَ إلى جثمانه المُقدّس لكنه فوجئ برحيله تاركا ً له الكفن الذي كان بقايا أيامٍ مقضومة.
في اليوم التالي لمحته الآلهة على طريق المقبرة والكون من ورائه, يتقدمه الظل وهو يرقص أمام النعش بعد أن قرر تشييع سيّده في جنازةٍ عظيمة.
>>> ديار إبراهيم <<<
 
رد: للآخر... ليكتمل خلود الظل

شو هاد لو ديار اي والله ما فهمت شي او متعوض اقرا سطر الاول هاد بسطرين ما طلع معي شي

كل الشكر لك ديار اسلوب جديد كان في واحد مما بتزكر اسمو كمان كان هيك يكتب

ولكن اسلوب حلو وجميل

لك مني اجمل تحية
 
رد: للآخر... ليكتمل خلود الظل

شكرا صديقي bave keder.. هذه من القصص القصيرة الغاز تقرأ بأكثر من وجه وربما تكون اللذة هنا احيانا, ربما تقصد الاستاذ سليم بركات بأنه يكتب بغموض يشبه غموض وايحاءات هذه القصة, ولكن شتان بيني وبينه
 
عودة
أعلى