تناول كتاب (قاضي ثورة البارزاني) حياة العلامة عبدالله ملا رشيد المشهور بالغرزي نسبة الى المنطقة التي ينتمي لها وهي منطقة غرزان في كوردستان تركيا، وكذلك يتطرق الى اهم مؤلفاته و يعتبر الكتاب شهادة رجل عاصر العديد من الثورات الكوردية ومعاناة وعذاب شخص مكافح مجاهد في سبيل تطبيق السنة النبوية الشريفة ونشرها بين الناس لتبيان الحقيقة ، انه الرجل الذي خاض غمار الحياة بكل قساوتها وجاب كوردستان لاجل رفع راية الحق ، دخل السجون ونام في الكهوف وعاش مع البيشمركة وحمل السلاح الى جانبهم ، حكم بالاعدام غيابياً من قبل النظام الصدامي البائد ابان الثورة في كوردستان العراق ، عين قاضي على منطقة سنجار من قبل الملا مصطفى البارزاني ، انه ذاكرة حية يتحدث بلغه عربية طليقة عن تلك المحطات المهمة في حياته ، بكل صراحة ودون خوف ويجاوب عن اسئلة الكاتب ابراهيم اليوسف.
انه الملا عبدالله ملا رشيد سليل عائلة وطنية مناضلة في كردستان الشمالية حيث ولد في منطقة غرزان ، ووالده كان احد ابطال انتفاضة ساسون ، بعد ان ضاق بهم الحياة و سقوط ثورة الشيخ سعيد بيران و ثورة ساسون هاجروا الى القامشلي في كوردستان سوريا ، تتلمذ على يد والده وتعلم الفقه، ومبادئ اللغة العربية، وعلم المنطق والفلسفة، وأصول الدين وتابع علومه الدينية في مدرسة خزنة على يد الشيخ علاء الدين الخزنوي الى ان نال اجازته في العلوم الشرعية .
قد تحدث عن قصة حياته و عن نشأته وعائلته في الكتاب :
“ولدت بتاريخ 25 أيار 1924 في قرية زينال السياحية في منطقة زوق أي قورتلان حالياً ولاية سيرت في كوردستان الشمالية، وتعتبر تلك المنطقة (غرزان)… والدي العالم الكبير ملا رشيد الفرزاني. هاجرنا إلى سورية 1929. تزوجت من السيدة المرحومة جميلة نايف استشهد والدها بيد الفرنسيين عام 1937.
- كان أسلافنا على صلة مع ثورات كوردستان - كثورة أمير سوران دكو - محمد باشا وثورة البدرخانيين وثورة جعفر آغا الصاصون عام 1838 وثورة عبيد الله النهري 1880 وثورة كوردلان 1888 وفي عزازان وغيرها مع العلم حتى المقربين لنا عائلياً في كوردستان الشمالية وسوريا الجميع ،أهل العلم والمعرفة وكوادر في سبيل قضيتهم القومية.
وهاجرنا إلى كوردستان العراق 1970 مع ثورة ملا مصطفى البارزاني وكنت عضواً في إتحاد علماء الدين الإسلامي في كوردستان والقضايا الشرعيه، وحملت البندقية إلى جانب علمي ورجعت إلى سوريا بعد نكسة 1975 بين شاه إيران والنظام العراقي ، وسنستمر بعلمنا وعملنا والتزامنا على نهج البارزاني الخالد.
* يتطرّق الكتاب الى كل تلك المراحل في حياته ونضاله ، عبر طرح اكثر من 30 سؤالاً من قبل الكاتب ابراهيم اليوسف ، بالاضافة الى العديد من المواضيع الهامة المتعلقة بالدين والافتاء والشريعة وكذلك رأيه حول الادب الكوردي والشعر ، وخطبه الدينية باللغة الكوردية حينما كانت اللغة الكوردية ممنوعة ، رأيه في الطرق الصوفية في كوردستان والديانات الاخرى والعديد من المواضيع الاخرى الحساسة التي تهم المجتمع .
* يعتبر هذا الكتاب شهادة ووثيقة تاريخية مهمة ، وقد ذكر المحاور في مقدمته للكتاب عن خصال الملا واوجزها بهذه الكلمات ، وقد ادرجت على الغلاف الاخير للكتاب :
“حقيقة، أن الحديث مع العلامة الملا عبد الله ملا رشيد نكهة جدّ خاصة. فهذا المثقف الموسوعي الرائد، والخطيب المفوّه ذو الكلمات المؤثرة، في شؤون الدين والإنسان، بل وهو الكوردي بامتياز، ورجل الدين المؤمن بامتياز، وهو الإنسان المحب لكل الخيّرين بامتياز أيضاً..
والحديث معه هو حوار مع الحكمة في أجمل صورها: حوار مع ذاكرة متّقدة، وبداهة حاضرة، ذكاء مشتعل ، ونبع سلسبيل من أعالي طود كردي باسق.
تلك وغيرها هي بعض صفات هذا الكوردي الذي هو شاهد حقيقي على ما يقارب قرناً من الزمان. أجل، إنه ذاكرة كردية كاملة بامتياز، شاهدٌ على الحلم، وتواضعه ، شاهدٌ على الخطّ البياني الكوردي على امتداد ذلك الشريط الزماني كاملاً..!
مع هذا العلامة الجليل، والمرجع الديني، والأديب يعود محاوره إلى عالم المتصوفة، والنقشبنديين، بل وإلى عوالم الثوار الكرد الغيورين بحق..!.” الكتاب من منشورات مؤسسة سما للثقافة والفنون في دبي يحمل الرقم 32 من سلسلة منشوراتها، ومؤلف من 90 صفة من القطع المتوسط ، من تقديم وحوار الكاتب ابراهيم اليوسف .
وجدير بالذكر ان عبدالرحيم مقصود وهو احد تلامذة العلامة ملا عبدالله ساهم في مراجعة الكتاب واضاف اليها فقرة تتناول خصائص الملا عبدالله وعلومه ، تحت عنوان” رحلة في مدرسة ومنهج ملا عبد الله الغرزي” يتحدث فيها عن مدرسته ومنهجه التعليمي وعن امور آخرى كثيرة ..
لا بد ان ننوه الى ان مؤسسة سما قد كرمت العلامة الملا عبدالله على اعماله ونضاله بتقديم شهادة تقدير له ، وقد نشرت تلك البادرة في نهاية الكتاب وما طبع هذا الكتاب واظهاره للملاً إلا دليل تقدير واعتزاز بهكذا شخصيات خدمت القضية الكوردية . ولكن مع الاسف الشديد توفي الشيخ الجليل عن عمر يناهز 86 و بعد صراع مع المرض حيث وافته المنية مساء السبت 18-12-2010 ، ووري الثرى في مقبرة الهلالية بمدينة القامشلي بمشاركة ذويه و حشود من الجماهير الكوردية .