Kurd Day
Kurd Day Team

(عيد المِهرَكان... النوروز... آشا..آشفان.. ممي شفان)
بكل هدوء كعادته أو ربما.. بدأ يفكر بالموروث.. بالتراث الشعبي.. أراد أن يساهم في شيء.. للتو قد عاد إلى مدينته عامودا من عند معارف له في قرى خربىِ خوىِ ومركبىِ وتل طويل وغيرها وقد كان مستاءً لتخلّف معارفه...
بدأ يتصفح في كتاب الأفِستا (أفِستا) الذي صدر لاحقا من إعداد الدكتور خليل عبد الرحمن.. تمعن قليلا في اليشت العاشر منه.. قاده النعاسُ إلى الفراش.. بدأ يتذكر ماضي مكتسباته الثقافية ذهنياً بدأ به الأعوام منذ 1987 والى 1992 ومن خلالها تَذكَّرَ طفولته التي سبقت تلك الأعوام وثقافته الإسلامية المتزمتة من حيث العائلة ولجهة الأب بالتحديد وفي الوقت عينه كان سعيدا لأنه اكتسب ثقافةً لا بأس بها و بالنسبة له.....
قاده التأمل والاستذكار عندما كان يلهو ويلعب مع رفاقه وكيف كان يحلف بقرص الشمس أو النار.. بفىِ ده قا روكىِ .. بفي آكري.. بفي ناني..( Bivê deqa rokê- bivî agrî-bivî nanî) ليثبت صدقه أثناء اللعب أو غيره.. ترى لماذا لم يكن يحلف بغير هذا هو وغالبية أقرانه ؟ !!! ثم تذكر جارته عندما أصيب صديقه بصداع في الرأس وكيف كانت أمه ترسم على جبهته برماد النار / آري Arî-/ قائلةً بأن صديقك قد أصيب بنقصان القمر وكأنها بذلك الرماد تطرد الشياطين عن صديقه المصاب بالصداع وتمدّه بقوة النور؟ وبدأ يتذكر أمه عندما كانت تحكي له عن( برا صيراتىِ / Pira sîratê) جسر الصراط وثمة أمور أخرى في الموروث الشعبي حيث بدأ يقارنها مع قراءاته في كتب التاريخ...
انتقل بذاكرته إلى عام( 1995 و 96 و 97 ) حيث كان يشرب الشاي على شرفة في حي الأشرفية بحلب مع صديقه حمو آرما مه دان / Ar mamedan/ وهو من تخوم كوباني.. من الشرفة اتّجه صوب كراج الانطلاق قاصداً عفرين ومنها إلى قرية فقيرا حيث (بير عبد الله) ... أوه ما هذه الكتب التي تحملها ؟مزديسنا لنوري إسماعيل.. الذرادشتية والأيزيدية لبهمن سوراجي باناجي.. اليزيدية واليزيديون للدكتور خلف الجراد.. هكذا تكلم ذرادشت لنيتشه وغيرها من الكتب ذات الشأن في تلك الفترة والتي لم يعد يتذكرها.. لقد أهداه بير عبد الله مجلة لالش العدد المزدوج (2-3 )والعدد ( 4) فقد استوحى منها الكثير ممّا تكتنزها من البحوث والمقالات القيمة جداً.. قال له بير عبد الله : إلى أين أنت ذاهب.؟. إلى عرش قيبار لا تخشى لديَ أصدقاء كثر في جنديرس وآشكا وغيرها.. استفاد كثيرا من الأقاويل وجمع في مخيلته الكثير؟.. اليوم وقد استفاد من قراءات الانترنيت وغيرها فمنهم كان وحي القصة واليكم سرد شيء مما كان..................
*********************************
خوديدا ابن نحو عشر سنوات يتأهب للخروج من المنزل إلى اللهو مع رفاقه.... إنه فتى غالباً ما يتأملُ كثيراً يفكر ويحلل ويستنتج باطنيا في ذاته باحثا عن حقائق الأمور..؟ رغم محدودية الإدراك لديه وتناميها ولجهة صغر سنه .
خوديدا بُنَيَّ... إلى أين أنت ذاهب تعال وخذ هذه النقود واذهب في طريقك إلى حانوت أبو رامان واجلب عبوة زيت المشاعل فالليلة ليلة المِهرَكان ( Mêhregan) والزيت الذي عندنا لا يكفي لإشعال سبعة مشاعل حتى الصباح .... قالت له جدته .
رد خوديدا قائلا : جدتي... ماذا يعني المِهركان ولماذا سبعة مشاعل ستوقدينها ...
الجدة : بني.. انه ليلة عيد الشتاء اذهب الآن فانا مشغولةٌ بتحضيراته وسأخبرك فيما بعد....
جلب خوديدا عبوة الزيت وكان قد اشتراها بثلاث قطع نقدية صغيرة وقال لجدته أنّه قد اشتراها بأربع واختلس القطعة الأخرى عدا التي سمحت له جدته بان يصرفها لأجل نفسه ولكن نفسه وقلة إدراكه دفعتا به إلى هذا الفعل الشنيع , هنا بالإضافة إلى سرقته يكون قد كذب على جدته أيضا والكذب أبغض الشرور عند الرب لأنها البوابة العريضة للتَنحي عن فعل الخير .
شعرت جدته بغلو قيمة عبوة الزيت وقالت لحفيدها : أعتقد بأننّي كنت اشتريها بنحو ثلاث قطع...
خوديدا حالفاً في رده ومؤشراً بإصبعه نحو نار موقد التدفئة : بهذه النار المتّقدة لقد أعطاني إياها بأربع قطع نقدية.. ئه ز بفي آكري كم كو ب جار بارىِ برا دايه من ( Ez bivî Agrî kim ku bi çar parê pera daye min)...
الجدة : إنّ الربّ يعاقب كل من يحلف كذبا بالنار وأنواره يا بني... ؟
خوديدا متعصباً وحالفاً للمرة الثانية : بقرص الشمس في السماء يا جدتي.. بيركىِ.. ئه ز ب وي روكا خودىِ كم..( Pîrkê.. ez biwê roka xwedê kim) .
قد يكون أبو رامان رفع سعرها استحكاما بمناسبة العيد.. هل يمكن ذلك؟!.. لا اعرف..؟.. الجدة متمتمة في الكلام....
إلاّ أنّ الجدة لم تعد تبالي كثيرا بالإضافة إلى كونها كانت مشغولة بمناسبة عيد الشتاء ولم تعد تشك أبدا بحفيدها وما سولت له نفسه بارتكاب فظاعة الكذب والحلفان كذبا بأنوار الرب , فإنّ بدأ المرء بفظاعة الكذب ولا سيّما منذ صغر سنه لاشك أنّها ستلازمه في أتفه الأسباب عبر مسيرته في الحياة وسيسقط عنه الفعل الخيّر وبه يكون من الأشرار وعفريتاً من عفاريت إهريمان سواء أدرك ذلك أم لم يدركه..؟.
عمّ المساء وبدأت الجدة وعلى غرارها أهل الضيعة بإشعال القناديل والمشاعل وكانوا يوقدونها على عتبات أبواب المنازل والشبابيك وسطوح الدور وكان الناس يحتفلون ويبتهجون حول شعلة الثور .. كوركا كا..( Gorka ka) ويقفزون فوقها ويمررون أولادهم من فوقها ومن ثم يرسمون إشارة صليبٍ متساوي الأضلع برمادِ نار كوركا كا , انه مشهد احتفالي رائع يتخلله الرقص والدبَكات وأنغام الناي والمزمار ... كان ليل الضيعة مضاءً إذ كانت مشاعل النار متوقدة في كل مكان وحتى في الأفق البعيد حيث النار تتراءى للناظرمن جميع الاتّجاهات فوق سفوح جودي وقرى هكاري وضواحيها وجنوبا سفوح شنكال ... كانت النار توقد في أرجاء ربوع كوردستان شمالا حيث آرارات وجنوبا حتى ما وراء شهركرت وشرقا تخوم أكباتان وغربا إلى ما وراء نهر عفرين لا بل كانت توقد في جميع الأقطار الآرية والمراعي الشاسعة لربنا مهر العظيم... لم يكن هذا فقط في هذا الزمان الذي أحيا فيه وهو زمان الملك كسرى شاه بور ..؟ لا بل منذ أسحق العصور .. منذ عهد الطوفان.. منذ الحياة الجديدة.. منذ سومر حيث اوتو..؟ منذ هورو ميتان والكاشيين حيث مهر (ميثرا) لقدماء الآريين – فارونا – إيندرا ذو الأصول المشتركة أرباب الشمس..؟ منذ عهد بيشنك البيشدادي إلى ملوك ميديا و الاخمينين حيث في مزديسنا الزرادشتية إلى الغربية منها حيث العقيدة الزروانية في المجوس وتلاه الانتقال غربا إلى الرومانية وفي جميع الأصقاع المهرية الزرادشتية الشمسية الشاسعة بدءاً من تخوم الصين إلى الجزر البريطانية وبقي مستقرا في كوردستان وساسان ..... مرورا إلى الآن في عصركم هذا حيث في لالش النورانية.....
تعدّد أسماء رب الشمس وصفاته بحسب العصور وبليغ ألسنة أقطاره إلا أنّ المهر بقي في كوردستان مستقرهُ الشمس إلى جانب أسماء صفاته ..؟ وغالى الكورد إكراما له بأسمائه حيث الشمس- روز – روك / Roj - Rok/... الشهر - ماه / Meh/ .. اليوم روز / Roj/... الصوم – روزي / Rojî/.. التقويم – روزنامه / Rojname/ اليوم الجديد نوروز / Newroz/ .... والمهر – مير – ميرك / Mêrik..?/ – ميران – مهران – بهرام - بهرم – مِهريبان –مِهرداد - مِهرفان.... في الأسماء الشخصية والصفات وجميعها الدالة على الشمس وملاكها.. فالجمال حيث طاووس الملائكة ؟ - ميري تاجا زيرين – أمير أو ملك التاج الذهبي ويقصد به ملك الشمس / Mîrê taca zêrîn/ ومنها القوي ذو البعد الدلالي خوداني سه هم ئو خنجه را زيرين / Xwedanê sehim û xincera zêrîn/ ويقصد به القوي الجبار صاحب السهام والخنجر الذهبي – حيث سهام شعاع الشمس حادة كالموس على رؤوس الأشرار وكريمة رحيمة منورة لقلوب وعقول الأخيار...... الخ .
عم ّالليل المضاء بالمشاعل حتى الصباح و الناس قد تفرقوا إلى دورهم مذ انتهى احتفالهم بليلة عيد الشتاء , عاد الفتى خوديدا بصحبة والده وآل بيته من احتفال المِهرَكان... في البيت يتأمل خوديدا ناظرا في المشاعل السبعة الموقدة... ترى لماذا تلك المشعلة المتوسطة بينهم أكبر من الأخريات وتبدو شعلتها أكبر أيضا.. بقي الموضوع في باله لكنه كان متعبا فأغفى ونام حتى الصباح .
يستمر العيد أياما بتفاصيل ابتهاجاته إلى زيارة المزارات والأهل والأقارب والضيافات ..؟ وكما هو الحال مقارنةً بصوم إيزيد ومن دون وجهة الدقة البالغة حيث التراكم الزمني للأفكار والاعتقادات ؟ لكن ثمة أفكارٍ كثيرة تدور في خلجات ذات خوديدا إلى أن أفضى به المقام مع جدته ...................
جدتي... لم تخبريني ماذا يعني عيد المِهرَكان وما هي سر المشاعل السبعة..... خوديدا سائلا .
الجدة : بني.. المِهرَكان هو عيد ميلاد الملك مهر من أم عذراء ويوم تخلصه من قيود وبراثن إهريمان وعفاريته الشريرة وهو رئيس الملائكة السبعة حيث المشاعل السبعة ترمز لهم ...
خوديدا : لاشك تلك المشعلة الكبيرة المتوسطة بين المشاعل السبعة هي لرئيس الملائكة .. أليس كذلك جدتي ؟ .
الجدة : أجل بني فهي ترمز له .....
خوديدا : لكن جدتي... لماذا وضعتِ بها اثني عشرة فتيلاً معاً..هل ليكون شعلته أكبر.. ؟
الجدة : لا.. ليس هذا فقط بني.. إنّما الفتائل الاثنتي عشر ترمز إلى أشهر السنة .
خوديدا : لكن جدتي.. كيف هو ملاك ويولد من أم عذراء وهو ذاته من ذات روح خودا ( أهورامزدا ) ونوره وكما إن خودا لا يلد ولا يولد وكما هو معلوم ؟!
الجدة : إن القصة طويلة لكن سأوجزها لك بني ....
خوديدا : حسنا ً..... حسُن فعلُك جدتي ....
الجدة : في البداية بنيّ إنّ خودا الكبير الجميل المطلق هو الآمر الناهي فقد خلق الكون برمته من فعل كن وخلق من ذات نوره الملائكة السبعة و أوكل لكل واحد منهم مهامه في الكون فكانت الشمس مستقر الملك مهر يسبح بها الكون كله ومركبته هذه ( الشمس) هي النور الكوني المضاء فهي كعربة ذهبية يجرها جوادان ومحاطة بهالة نورانية من نور الملك مهر ملك الملائكة حيث معه ويسبقه آشي - اشفان (الحقيقة أو راعي الحقيقة ) عبر شعاعه حيث يشق طريق الخير وكذلك السماويون المشرقون المنيرون ذو الألوان البيضاء النورانية ؟ ...
إنّ الملك مهر بني.. يحب الخير والصلاح للناس ونشر حقيقةِ النور الخيِّر ؟ فهو يرسل نوره في شخص الإنسان ليبشر الناس بالخير والصلاح ومن هنا كانت الولادة من أم عذراء ؟ .... فالقصة على هذا النحو بني ..كان هناك ملك ظالم ألمّت نفسه بالشرور فقد غرره إهريمان /النفس الشريرة/هو وأتباعه وقد جعل من نفسه حاكما على الناس دون طريق الخير والصلاح ورعاية الناس وكان ظالما يدعو إلى الكذب... وقد جاء إليه إهريمان من خلال العرافين الأشرار بشره وأخبروا الملك الظالم بانّ طفلا سيولد وسوف يستولي على المُلك وعلى هذا النحو أمر الملك الظالم أتباعه على قتل كل طفل يولد... المهم بني... هو أن الأم العذراء للطفل النوراني الذي هو من ذاتية روح ملك الشمس مهر قد ولدته العذراء بعيدا عن أعين الأشرار في أحد الكهوف وكان ميلاده يوم الانقلاب الشتوي في 25 ديسمبر حيث تعدل الشمس إلى نهاية انحدارها يوم 23 ديسمبر وتتوقف بمكانها يوم 24 ديسمبر وتشرح بالنهوض والاعتراء يوم 25 ديسمبر (كانون الأول) للسنة الميلادية وهو يوم التخلص من قبضة إهريمان... بميلاده عم الخير بعد الجفاف حيث هطلت الأمطار لتنامي الحياة ومن هنا كان عيد ميلاده عيد المِهرَكان ومات في سبيل خلاص البشر و إلى حين وقام للمرة الثانية من القبر وأحيي عند قيامته باحتفال عظيم حيث بدأ اليوم الجديد نوروز يوم الاعتدال الربيعي في 21 آذار للسنة الميلادية وهو يوم قيامته وميلاد السنة الجديدة حيث الخير والنماء وهو يوم ميلاده الثاني ويوم النصر والقضاء على التنين آزده هاك( Ajdehak- Ajzehak) الشرير الظالم تابع إهريمان....
خوديدا : جدتي.. قد تكون الروح الملائكية دخلت جسد شخص آخر عند قيامته ؟........
الجدة : قد يكون ذلك ولا شك... إذ ربّما أسيء الفهم عندما ذكرت القبر؟؟؟.. لان روحه الملائكية من ذات نوره..نور الملك مهر.. لذا صعدَت إلى السماء واندمجَت مع الشمس.. فالنور وجوهره يصعد إلى السماء والظلمة والشرور وما يتعلق بهما يسقطون إلى الأسفل... فالإنسان بروحه والجسد فان ٍ في حياة الدنيا كما إنّنا نؤمن بتقمص الأرواح.. كراس كوهرين( kiras guherîn) تغير الثوب... بني..... ؟
خوديدا : لكن جدتي لقد وضعت أمي علامة صليب متساوي الأذرع ( + ) على جبهتي برماد نار كوركا كا وكما كان الناس يفعلون ذلك أيضا فما السر في هذا ......؟!.
ا\لجدة : بني.. إن هذه العلامة ترمز إلى الشمس إلى ربنا مهر صاحب وحامي الاتجاهات الأربعة وعندما نرسم هذه العلامة وكأننا نطلب من الملاك مهر ربنا حمايتنا من الشرور والكذب بنوره وترمز أيضا بني.. إلى العناصر الطبيعية الأربعة في تكوين الحياة النار و الهواء و الماء والتراب....
خوديدا : لكن جدتي ما وصفته لي عن ميلاد الملاك مهر والصليب المتساوي الأذرع يشبه إلى حد ما روايات الخرستيان وصليبهم وميلاد السيد المسيح ؟ أفلا يعني هذا الاقتباس من رواياتهم أو على نحوه.......
الجدة : بني.. إن لكل أمة اعتقاداتها وجميع هذه الاعتقادات الخيرة تصبو نحو شيء واحد أحد وجميع تلك الاعتقادات لها أخلاقياتها لصلاح البشر وخيرهم.. كما إن ّالأفكار الخيرّة تمدّ بعضها البعض عبر الزمن من خلال الثقافة وإرث الشعوب.. فعقيدتنا تسبق الخرستيانية بمراحل سحيقة قد سبقتهم من حيث الزمن إلا أنّ الخرستيانية في بدايتها قد عاصرت الميثرائية الرومانية قبيل أواخرها وقد تحولوا عبر العقود إلى الخرستيانية ؟ ..
خوديدا : جدتي.. وماذا عن الميلاد الجديد النوروز .....
الجدة : النوروز يوم النصر على الشر .. يوم الخير والنماء .. يوم الحب والإخاء .. حيث كما هو معلوم بني.. فإنّ النوروز يوم ميلاد ملك الشمس في 21 آذار الميلادية وبداية اليوم الأول للسنة الكوردية والآرية عموما , حيث الملائكة الستة الآخرون يحتفلون بميلاد الملك مهر وكافة انبثاقاتهم النورانية ؟ وكافة شعوب مراعي مهر الواسعة ويبدأ عيد النوروز بابتهاجاته سبعة أيام بدأ من الثامن عشر من 18 آذار حيث نزول ملك زان (ملك النماء) لينادي الربيع ليكسو الأرض ثوبها الجديد وزينتها ابتهاجا بميلاد وقدوم ملك مهر ويمتد العيد إلى الرابع والعشرين 24 من آذار حيث نزول الملائكة السبعة ولكل واحد منهم يوم من أيام أسبوعيّة عيد النوروز ويتفقدون أحوال الخليقة ويمدونهم بالعون والعطاء كل حسب أعماله الخيرة وإرادة الخير لديه وهو العيد الأكبر العظيم .......
وأردفت الجدة : إن ربنا مهر في مستقره في مركبته الشمس التي يسبح بها بنوره الكون كله هو من ذاتية النور الأزلية وصلة الوصل بين الناس في الأرض والخالق الأعظم خودا.. حيث يبارك أهل الأرض مع أول شعاع الشمس الساطعة في كل يوم ويهنئهم ويضاعفها في النوروز سبع مرات كما أنّه ينزل علينا رحمته حتى مع آخر شعاع الشمس ويبتسم في وجوه أهل الأرض كل مساء ويبارك ويلاطف ويضاعف في رحمته يوم النوروز سبع مرات ويأمرنا بالصلاة ليلة النوروز سبع مرات كما أنّه يدعونا أن لا نحلف بالشمس والقمر بهتاناً وبأيّ أنواره لأنّ كلّ الأنوار من منبع نوره؟ حيث النور يتدفق من ذاتية النور الأزلية الخالدة.. كما أنّه يمقت الكذب بنيّ فهو من آثم الشرور ......
خوديدا : وكيف ذلك جدتي....... عن الانوار
الجدة : وكأنك تشعل سراجا من سراج بني ؟....
خوديدا متذكرا كذبته وسرقته إبّان جلبه عبوة الزيت وقال : جدتي.. لماذا الكذب من كبائر الشرور وليس شيئا آخر من الشرور فهناك ما أقبح...
الجدة : بني.. أنت تعتقد بأن هناك أقبح شرا من الكذب.. لكن لتعلم بأنّ الكذب بوابة الشرور العريضة فالكذب يقود إلى النفاق واللا ثقة والفتنة ونكران الجميل وإخلال العدالة والرشوة والفسق والطمع بما هو مستحق الغير والحسد والقتل وإلى ما هنالك من شرور فلا استهانة في الكذب ومهما صغُر لأنّه ولا شك يقود إلى ما هو أفظع شرا وهو من أعمال إهريمان و وسائسه وعفاريته وهم الأفّاكون فلا تنجر إلى الكذب وإن نفع لأنه ولا شك في النهاية ضرر أكبر وخسارة ولا تنجر إليه حتى مع عدوك لأنّه لا غيب في الحق في تعامل البشر وابحث عن الحق.. وليس عليك أن تصدق عدوك ووعوده إنّما سلّم واستلم بالحق وأنشده واسبر أغواره و مقريه ولا تصدق ولا تكذب للظالم القوي في حينه ناكر الحقوق ؟ لئلا تضر ولا واشيا منافقا.. ابحث فيما هو خير العام فمرده إليك وان طال .. تعلّم وعلّم وكن عقبة في وجه المسيء ولا تُكَذّب اليقينية وكن طامحا خيرا فخير الطموح هو التفوق طريقا للعلا ومبعثا في الكمال .....
خوديدا : كيف يكون حساب الخير والشر جدتي ....
الجدة : أستطيع أن أقول لك أن حبل الكذب قصير والسماء لا تهمل ؟.. أما اليوم الآخر فسيمر الناس على جسر الصراط..برا صيراتىِ ( Pira Siratê) ( جسر جنيفات - صراط المستقيم ) حيث تتوسع أمام الخيرين إلى بوابات الجنات والنعيم وتضيق إلى حد الشعرة أمام الكذابين بالحق ؟ ويسقطون إلى الهاوية حيث دوزه ( Dojeh) جهنم.. وكلّ حسب أعماله والنيات والرب غفور رحيم وشديد على الشريرين...
وأردفت الجدة : كفانا اليوم بني فقد بات الليل متأخرا.. إنّي أراكَ ناعسا وكما هو الحال بالنسبة لي .
حسننا جدتي... وهو كذلك... خوديدا.............
في الفراش بدا خوديدا متأملا في النور والحقيقة ؟ وتدور في رأسه تساؤلات كثيرة إلى أن غفيَ في نوم ذاك اليوم.. وإذا بجميل الخلق والمظهر يأتيه بلباس أبيض نقي صافٍ ؟ بلحية بيضاء أنيقة وجميلة ملائكية فاردا دفء رحمة جناحيه كالطائر في النور من النور؟ ذو هالة ربانية حبيب محبب محب الحقيقة وهو ذاته الحقيقة - راستي - آشا – آشفان – ممي شفان ( Aşa – Aşvan – Memê Şivan) ..
سلافين راست ئو آشتيى ز تره مندالى خوشه ويست ( Silavên rast û aşitiyê ji tere mindalê xoşewîst) سلام الحقيقة لك أيّها الفتى العزيز ..... ممي شفان ...مبتسما ً متلاطفاً .
شكرا لسلامك يا ذا الحق الجميل من أنت يا ملاك يا حكيمُ الجليل ...
الملاك : من نوره سبحانه ومن بعد أمره إنّي ممي شفان ( Memê Şivan) حقيقة الحق وراعيه في الكون الفسيح بأمره .
أنت دواء الداء أنت الحكيم لقمان لقلبي العطشان؟.. تو درمانىِ ده ردان تو حه كيمىِ لقمان بو دليم بىِ مه ندان ( Tu dermanê derdan tu hekîmê liqman bo dilêm bê mendan).. انجدني يا نور يا ممي شفان.. انجدني بنورك.. لا أحب أن أكون تابعا لإهريمان؟ ..... خوديدا في انبهاره وتوسله أمام نور الحقيقة .
ممي شفان : القلب الخير والعقل الخير ينشّدان نحو النور ويتوقان إليه.. يحبه النور وخيرُ النداء مستجابُ, ابحث يا من في خلقك من جوهر النور ؟.. لا حرج في البحث عن نور الإدراك لا سعة له والإدراك نور ..
خوديدا في وقعه على ما ينجده باليقين؟ ومتتبعا بالسؤال : يا جميل النور.. يا نور الحقيقة.. شاه ممي شفان.. أود وأحب أن أصرحَ مراودة البال.. لأبعد الشك عن يقين الإيمان بالإدراك.. فهل لي بالسؤال.........
شاه ممي شفان بلطف نوره : يا عزيز الروح.. عاشق نور الإدراك باحثه وإن لم يتفق يقين الإدراك في حينه بما يعتقد؟.. فلا نورَ مدرك ٌ من دون بحثه ولا المبتغى يُشَيَدُ دون الفعلِ بالبحثِ والعملِ.. فلا يقين للحقيقة عند من لا يقبل مراودات الآخر أو ينفيه ولا خير فيمنْ لا يبحث.. .صرّحْ فخاش ِ الحقيقة عابد ٌللكذب وما هو بخادع إلا نفسه .........
- يا ملاك النور.. لماذا ابتلينا بإهريمان والنور مدركٌ من قبل الحدوث ......؟؟؟؟؟؟؟
ممي شفان : المادية يا عزيز.. ابحث عن الإدراك فان خودا خير وكل أنواره ولا يخلق النور أياً من شرور ؟ فإهريمان وجد ليس من خودا بل من عدم البحث في نبوغ الإدراك بالنسبة للناس والخوف من الظواهر في ظل قليل الإدراك؟ وما الإهريمان هذا سوى ظلام المساحة المعتمة وجشع ذات الإنسان وهو مصدر الصراع البشري صراع الخير والشر صراع التعدي و العدالة ..........
- فسر لي من فضلك يا نور الملاك يا شاه/الملك/ ممي شفان.....
ممي شفان : أيها العزيز.. الروح من نوره والنور خلق الإنسان وأحبه ومده الطاقة من نوره .. فلو سكن الإنسان الجنة منذ ذي بدئه لما عرف نعمة النعيم وطعم الحياة , فقد خلق النور الإنسان وميزه ببذرة الإدراك ووفر له في الحياة التكامل وكل ما طاب ووفر له فيها كل بذور الإبداع ليبني الإنسان لنفسه الجنات ليستطعم بها ويعرف النعيم , فغاية النور بناء الجنات ..سعادة الناس وهي رضاؤه ورضوانه؟ وما الإهريمان سوى رمز الشر وما شروره إلا النفس الدنيئة لذات الإنسان ؟ وما مبعثها إلا ظلمات اللاإدراك في وعي الإنسان , فقد خلق النور الإنسان مخيرا ليختار ما طاب وعاطفة ليرحم ويسعد وطموحا ليبني وليس مخيرا ليتجاوز ما هو من شأن الآخرين ويضرر بهم أو يلغي دورهم أو يشمل بفكره عليهم..وليس عاطفة ليتوحش بها ويسحق ويسيء إلى قلوب الآخرين.. وليس طموحا من أجل أن يطمع فيما هو للآخرين ومن نتاجهم ويحسد ويحقد عليهم .. فالبناء الذي للغير أو من نتاجهم لن تسعد الطامع بها بل الضعف والهلاك مصيره فلا تفوق ونجاح للكذب ناكر الحق مصدر كل الشرور صغيرة أم كبيرة وما الكذاب إنّما يكذب على نفسه ويخدع ذاته ولن يتعرف عليه السعادة وان طال به الحياة ؟
- لكن يا ملك النور شاه ممي شفان.. الناس ليس بسواء في الإدراك والقوة وهذا حتمي والاختلاف يقينية الحياة للإنسان وعجلة تنامي الإدراك في صيرورة مستمرة لذا والحال هذه فان إهريمان سيحيى فما السبيل إذا للخلاص وبناء الجنات..........
ممي شفان : العدالة يا عزيز.. وهي ردع للجشع.. فكلما أخذت العدالة مجراها تتقلص الشرور وكلما الشرور تقلصت فهذا يعني انتصار الخير في تقدمه فقد وجد النور الإنسان حرا مخيرا لا مكرها ولا وصيا عليه في حياة الدنيا وبناء على هذه اليقينية الحق واضح في تعامل الناس ولكل سوية إدراكية وفق قانون العدل المبني على الذات الحرة المخيرة في خصوصياتها وغير المتعدية به خصوصيات الآخر.. أما الحتمية النسبية في القوة التي أشرت إليها في قولك فهي في تبدل وفق صيرورة تنامي الإدراك وإشاعته ووفق التكامل حيث الالتقاء لغاية الهدف والإنشاد فإشاعة الإدراك وتناميه يولد القوة المضادة للسير في التبدل والتطور في نسبية العدالة القائمة إلى الأفضل وهكذا في كل شيء .
أما الأهم يا عزيز.. هو أن يراقب الإنسان ذاته وينتبه لنفسه في كل شاردة وواردة وبمدى صدقه للعدالة اتجاه الآخرين هنا فقط يكون صناعة أرقى الجنات فالخير والشر من صنع الإنسان ذاته في الحياة الدنيوية فتغلّب على شرورك واحدة تلو الأخرى وانشر الحب بشعوره؟.......
- شكرا يا شاه ممي شفان لقد أنرت طريقي بنورك..............
انتهـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــى..... قد يكون لنا مستقبلا لقاء آخر في قصة مِهرية أخرى.....
***************************************************************
إدريس بيران – عامودا - ب 7 – 1 – 2009