Kurd Day
Kurd Day Team
ثالثاً: المصادر اليونانية و الرومانية:
تعتبر المصادر اليونانية و الرومانية اهم المصادر التي يعتمد عليها في دراسة التاريخ الكردي قبل الاسلام، و ترجع اهميتها الى معاصرتها للاحداث التي اوردتها في معظم الاحايين، والى مشاهداتها الواقعية. و كان اغلب هؤلاء المؤرخين و الجغرافيين من رعايا الدولة الاخمينية الفارسية (550-331 ق.م) نظراً لاخضاعها المستعمرات اليونانية في اسيا الصغرى عام 546 ق.م(32)، فقد ولد الكثير منهم و تربوا فيها، و اتيح لبعضهم الذهاب الى العاصمة الأخمينية التي تقع في الجنوب الشرقي من بلاد الكاردوخيين(33).
ولا ريب ان هؤلاء قد عادوا الى بلادهم بروايات طويلة عما شاهدوه سواءً في البلاط الأخميني، او من خلال مشاهداتهم في المناطق التي مروا من خلالها ومن ضمنها بلاد الكرد و خوي التي تتوسط الطريق الملكي ما بين العاصمة الأخمينية و المستعمرات اليونانية في اسيا الصغرى. و من هؤلاء المؤرخين و الجغرافيين:
1-هيرودوت Herodouts (484-425 ق.م):
ولد هيرودوت في مدينة هاليكارناسوس الدورية الواقعة في اقليم كاريا (بادرن Badrnn (34) في الجنوب الغربي من اسيا الصغرى، و كانت في السابق احدى المستعمرات اليونانية قبل ان تخضع للدولة الأخمينية(35).
و يعتبر هيرودوت اول من ذكر التسمية الخاصة بالكرد او القربية والتي سبقت تسمية زينفون (430-354 ق.م) بالكاردوخوي Karduchoi، و لكنها في الواقع لا تسبق فترة احتلال الميديين و البابليين لبلاد اشور و عاصمتهم نينوي عام 612 ق.م(36). و هذه التسمية كارداكيس قد ذكرها هيرودوت في معرض حديثه عن قوات كارداكيس غير النظامية التي كانت تشكل الطبقة الرئيسة في جيش الملك الاخميني دارا الاول (521-486 ق.م)(37). و على الرغم من اختلاف المدلولين الكاردوخوي و كارداكيس بعض الشيء، الا انهما لا تخالفان الحقيقة الخاصة باسم الكرد(38).
و يعتقد احد الباحثين الكرد ان منطقة كردا قد كتبت في المصادر المسمارية بشكل يجعل من لا يعرف قواعد اللغة السومرية، يرى ان اسم المنطقة هو (كرداكا) وليس (كردا)، و لذلك عندما سمعها هيرودوت او قرأها كتبها بالنطق اليوناني فتحول الاسم لديه الى (كارداكيس) و الاحتمال كبير جداً ان هيرودوت لم يقصد بهذه التسمية سكان كردستان انفسهم و انما قصد بهم سكان منطقة كردا(39).
و من جهة اخرى تطرق هيرودوت الى امارة حدياب (Adiabene) الواقعة في بلاد اشور القديمة التي يحدها نهر الزاب الكبير شمالاً، و الزاب الصغير جنوباً، و نهر دجلة غرباً، و اهم مدنها اربائيلو (اربل)، وقد خضعت هذه الامارة للدولة الاخمينية(40).
2-زينفون Xenephon (430-354 ق.م):
ولد زينفون بن جريلوس في اثينا، وهو مؤرخ اغريقي ينحدر من اسرة ارستقراطية كان من تلامذة الفيلسوف سقراط (496-399 ق.م) و معتنقي افكاره، و بجانب قدراته التاريخية كان له المام كثير بفنون المعرفة كالاجتماع و السياسة و الشؤون العسكرية(41).
انحاز زينفون الى كورش الأصغر (Cyrus The Young) حاكم المقاطعة الأخمينية في اسيا الصغرى (ليدية) في حملته ضد اخيه الملك اردشير ارتحشتا الثاني (402-359 ق.م) الذي تولى العرش بعد والده دارا الثاني (423-405 ق.م)(42).
كان اردشير يقيم في عاصمته طيسفون، بينما كان كورش يتخذ من سارديس عاصمة ليدية مقراً له، و منها تقدم كورش مع افراد الحملة حتى وصل الى نهر الفرات و بعدها دخل ارض ما بين النهرين عند نقطة يسميها زينفون (الابواب)(43). ثم التقى الجيشان في منطقة (خان اسكندر) شمال مدينة بابل(44) حيث قتل كورش و انسحب جيشه المؤلف من عشرة الاف جندي من المقاتلين الاغريق المستأجرين تحت قيادة (كلير خوس) الذي قتل بعد انسحاب الجيش باتجاه الشمال بمحاذاة نهر دجلة، حيث تم انتخاب زينفون قائداً لهم الذي دون حوادث هذه المرحلة في كتاب اسماء اناباسيس Anabasis III (45).
وقد لاقى الجيش الاغريقي بقيادة زينفون الكثير من الاهوال و المشقات خاصة بعد دخوله بلاد الكاردوخوي(46) عند مضيق زاخو(47) و الى ان دخل ارمينيا باتجاه طرابيزون على البحر الاسود.
وقد وصف زينفون الكردوخيين بانهم قوم محاربون اشداء يعيشون في الجبال و لايطيعون الملك(48) ولهم خبرات جيدة باستعمال القوس و المقلاع، و عندما كانوا يسيطرون على موضع ما يدحرجون الصخور على اعدائهم، و كانوا ينشدون عند الهجمات الاغاني الحربية السريعة، و يذكر زينفون بأن هؤلاء الكوردوخيين الذين ذكرهم لأول مرة عام 400 ق. م قد تمكنوا من الانتصار على جيش يبلغ تعداده 120000 رجل قاموا بشن هجوم على بلادهم، كما ان الاغريق الذين كانوا بمعيته خسروا الكثير من رجالهم اكثر مما خسروا خلال فترة رحلتهم الطويلة(49).
3-سترابون Strabon (64 ق.م – 19م تقريبا):
جغرافي يوناني شهير ولد في القرن الاول الميلادي في اقليم كبادوكية Cappadocia احد اقاليم اسيا الصغرى، كتب مؤلفاً عن جغرافية العالم الموسوم بـ(Geographica) في سبعة عشر جزءاً، وصف فيها الاقاليم المعروفة انذاك من بابل و اشور وكوردوئيين(50).
و جاءت في جغرافية سترابون اشياء مفيدة عن الكرد و بلادهم حيث انه يحدد مقاطعة كوردوئيين Gordyene بالمنطقة الواقعة بين مدينة امد (دياربكر) و موش(51)، و يذكر اسماء ثلاث مدن كردية تقع في هذه المنطقة وهي: ساريسا Sareisa(52)، ساتالكا Satalka(53)، و بيناكا Pinaka(54) و و جميعها يقع على نهر دجلة، و يضيف ايضاً بأن بعضاً من الكوردوخيين يعيشون في مقاطعات ارمينيا و طوروس(55) و سوفيني(56).
و في حديثه عن الدولة الارمنية يؤكد سترابون بأن الملك الارمني تيكران الكبير (140-55 ق.م) في اثناء قيامه بتوسيع حدود مملكته على حساب البلدان المجاورة، استعار عدداً من المهندسين المعماريين لبلاد كوردوئيين و كلفهم ببناء القلاع و الحصون له للدفاع عن مملكته ضد الهجمات الرومانية المحتملة(57)، و هذا يدل على ان الشعب الكردي انذاك كان على جانب كبير من اتقان الاعمال الهندسية و الفنية(58).
4-بلوتارخ Plutarque (50-125 م):
مؤرخ و فيلسوف يوناني، درس في اثينا و عاش في روما، زار الشرق و كتب عن مشاهير رجال اليونان و الرومان كتاباً يدعى بـ(السير المقارنة)(59).
و قد تطرق بلوتارخ في حديثه عن مجريات الصراع الروماني، الارمني، الفرثي، البنطسي الى اخبار مهمة عن دور الكرد في ذلك الصراع، خاصةً بعد ان تمكن الملك الارمني تيكران الكبير بالتنسيق مع حميه ميثرادات السادس (120-63 ق.م) ملك البنطس من احتلال بلاد كبدوكيا في اسيا الصغرى و ميديا التابعة للدولة الفرثية في جنوب بحر قزوين و بلاد سوفيني الواقعة في شرق الفرات، اضافة الى بلاد كوردوئين، حيث قهر ملكها زاربيون Zarbienus (60).
وفي هذه الاثناء قررت روما خوفاً على مصالحها في اسيا الصغرى و شمال بلاد ما بين النهرين ارسال حملة عسكرية بقيادة لوكولوس (109-57 ق.م) لوقف الملك الارمني و حميه ميثرادات السادس عند حدهما و استرجاع المقاطعات التي سبق ان استوليا عليها من قبل(61).
ويضيف بلوتارخ ان الكرد "فضوا ترك مواطنهم مع نسائهم و اطفالهم ليتبعوا لوكولوس، و كان صبر ملك الكرد زاربيون قد نفد من ظلم وطغيان الملك الارمني تيكران، لذلك اتصل سرا بـ(ايبوس-apuis) لكي يتحالف مع لوكوس، الا ان امره اكتشف عند تيكران الذي قضي عليه و علي عائلته قبل وصول رومان الى ارمينيا. وهكذا لم ينس لوكولوس هذا الحدث، فاقام بين الكرد احتفالا كبيرا علي شرف مراسيم دفن زاربيون و زين الماتم باكداس من الالبسة والكسوة الملكية والذهب و الفضة واسلاب تيكران، وقد اوقد نار الاحتفال بنفسه، و شوهد في قصر ملك الكرد القتيل كنوز هائلة من الذهب والفضة وغلال لا تقل عن ثلاثة ملايين وزنة من الحنطة و الشعير" 62.
ورغم الاهمية القصوى للمصادر اليونانية والرومانية في دراسة التاريخ القديم للكرد فانه يؤخذ عليها بعض الماخذ منها:
1-عدم وجود الدافع لدى مؤلفي هذه المصادر الذي يجعلهم عادلين في سردهم الحقائق عن رعايا الامبراطورية الاخمينية التي استولت على بلادهم 63.
2-روح التعصب التي عرفت لدى المؤرخين الغربيين لحضارتهم و اظهارها كانها ارقى من غيرها و ذلك عن طريق عرض نواحي الغرابة في الحضارات الشرقية التي عاصروها 64.
3-الاختلاف الحاصل في اصل الكرد و تاريخ اسلافهم و انعكاس ذلك في مروياتهم 65.
4-اعتمادهم على الروايات المنقولة و الاساطير التي يشوبها الخيال، التي حيكت حول الاحداث التاريخية البعيدة نسبيا، مما يجعل كتاباتهم عن الاحداث غير المعاصرة لهم تنتابها عدم الدقة الى حد بعيد 66.
يتبع...............................
تعتبر المصادر اليونانية و الرومانية اهم المصادر التي يعتمد عليها في دراسة التاريخ الكردي قبل الاسلام، و ترجع اهميتها الى معاصرتها للاحداث التي اوردتها في معظم الاحايين، والى مشاهداتها الواقعية. و كان اغلب هؤلاء المؤرخين و الجغرافيين من رعايا الدولة الاخمينية الفارسية (550-331 ق.م) نظراً لاخضاعها المستعمرات اليونانية في اسيا الصغرى عام 546 ق.م(32)، فقد ولد الكثير منهم و تربوا فيها، و اتيح لبعضهم الذهاب الى العاصمة الأخمينية التي تقع في الجنوب الشرقي من بلاد الكاردوخيين(33).
ولا ريب ان هؤلاء قد عادوا الى بلادهم بروايات طويلة عما شاهدوه سواءً في البلاط الأخميني، او من خلال مشاهداتهم في المناطق التي مروا من خلالها ومن ضمنها بلاد الكرد و خوي التي تتوسط الطريق الملكي ما بين العاصمة الأخمينية و المستعمرات اليونانية في اسيا الصغرى. و من هؤلاء المؤرخين و الجغرافيين:
1-هيرودوت Herodouts (484-425 ق.م):
ولد هيرودوت في مدينة هاليكارناسوس الدورية الواقعة في اقليم كاريا (بادرن Badrnn (34) في الجنوب الغربي من اسيا الصغرى، و كانت في السابق احدى المستعمرات اليونانية قبل ان تخضع للدولة الأخمينية(35).
و يعتبر هيرودوت اول من ذكر التسمية الخاصة بالكرد او القربية والتي سبقت تسمية زينفون (430-354 ق.م) بالكاردوخوي Karduchoi، و لكنها في الواقع لا تسبق فترة احتلال الميديين و البابليين لبلاد اشور و عاصمتهم نينوي عام 612 ق.م(36). و هذه التسمية كارداكيس قد ذكرها هيرودوت في معرض حديثه عن قوات كارداكيس غير النظامية التي كانت تشكل الطبقة الرئيسة في جيش الملك الاخميني دارا الاول (521-486 ق.م)(37). و على الرغم من اختلاف المدلولين الكاردوخوي و كارداكيس بعض الشيء، الا انهما لا تخالفان الحقيقة الخاصة باسم الكرد(38).
و يعتقد احد الباحثين الكرد ان منطقة كردا قد كتبت في المصادر المسمارية بشكل يجعل من لا يعرف قواعد اللغة السومرية، يرى ان اسم المنطقة هو (كرداكا) وليس (كردا)، و لذلك عندما سمعها هيرودوت او قرأها كتبها بالنطق اليوناني فتحول الاسم لديه الى (كارداكيس) و الاحتمال كبير جداً ان هيرودوت لم يقصد بهذه التسمية سكان كردستان انفسهم و انما قصد بهم سكان منطقة كردا(39).
و من جهة اخرى تطرق هيرودوت الى امارة حدياب (Adiabene) الواقعة في بلاد اشور القديمة التي يحدها نهر الزاب الكبير شمالاً، و الزاب الصغير جنوباً، و نهر دجلة غرباً، و اهم مدنها اربائيلو (اربل)، وقد خضعت هذه الامارة للدولة الاخمينية(40).
2-زينفون Xenephon (430-354 ق.م):
ولد زينفون بن جريلوس في اثينا، وهو مؤرخ اغريقي ينحدر من اسرة ارستقراطية كان من تلامذة الفيلسوف سقراط (496-399 ق.م) و معتنقي افكاره، و بجانب قدراته التاريخية كان له المام كثير بفنون المعرفة كالاجتماع و السياسة و الشؤون العسكرية(41).
انحاز زينفون الى كورش الأصغر (Cyrus The Young) حاكم المقاطعة الأخمينية في اسيا الصغرى (ليدية) في حملته ضد اخيه الملك اردشير ارتحشتا الثاني (402-359 ق.م) الذي تولى العرش بعد والده دارا الثاني (423-405 ق.م)(42).
كان اردشير يقيم في عاصمته طيسفون، بينما كان كورش يتخذ من سارديس عاصمة ليدية مقراً له، و منها تقدم كورش مع افراد الحملة حتى وصل الى نهر الفرات و بعدها دخل ارض ما بين النهرين عند نقطة يسميها زينفون (الابواب)(43). ثم التقى الجيشان في منطقة (خان اسكندر) شمال مدينة بابل(44) حيث قتل كورش و انسحب جيشه المؤلف من عشرة الاف جندي من المقاتلين الاغريق المستأجرين تحت قيادة (كلير خوس) الذي قتل بعد انسحاب الجيش باتجاه الشمال بمحاذاة نهر دجلة، حيث تم انتخاب زينفون قائداً لهم الذي دون حوادث هذه المرحلة في كتاب اسماء اناباسيس Anabasis III (45).
وقد لاقى الجيش الاغريقي بقيادة زينفون الكثير من الاهوال و المشقات خاصة بعد دخوله بلاد الكاردوخوي(46) عند مضيق زاخو(47) و الى ان دخل ارمينيا باتجاه طرابيزون على البحر الاسود.
وقد وصف زينفون الكردوخيين بانهم قوم محاربون اشداء يعيشون في الجبال و لايطيعون الملك(48) ولهم خبرات جيدة باستعمال القوس و المقلاع، و عندما كانوا يسيطرون على موضع ما يدحرجون الصخور على اعدائهم، و كانوا ينشدون عند الهجمات الاغاني الحربية السريعة، و يذكر زينفون بأن هؤلاء الكوردوخيين الذين ذكرهم لأول مرة عام 400 ق. م قد تمكنوا من الانتصار على جيش يبلغ تعداده 120000 رجل قاموا بشن هجوم على بلادهم، كما ان الاغريق الذين كانوا بمعيته خسروا الكثير من رجالهم اكثر مما خسروا خلال فترة رحلتهم الطويلة(49).
3-سترابون Strabon (64 ق.م – 19م تقريبا):
جغرافي يوناني شهير ولد في القرن الاول الميلادي في اقليم كبادوكية Cappadocia احد اقاليم اسيا الصغرى، كتب مؤلفاً عن جغرافية العالم الموسوم بـ(Geographica) في سبعة عشر جزءاً، وصف فيها الاقاليم المعروفة انذاك من بابل و اشور وكوردوئيين(50).
و جاءت في جغرافية سترابون اشياء مفيدة عن الكرد و بلادهم حيث انه يحدد مقاطعة كوردوئيين Gordyene بالمنطقة الواقعة بين مدينة امد (دياربكر) و موش(51)، و يذكر اسماء ثلاث مدن كردية تقع في هذه المنطقة وهي: ساريسا Sareisa(52)، ساتالكا Satalka(53)، و بيناكا Pinaka(54) و و جميعها يقع على نهر دجلة، و يضيف ايضاً بأن بعضاً من الكوردوخيين يعيشون في مقاطعات ارمينيا و طوروس(55) و سوفيني(56).
و في حديثه عن الدولة الارمنية يؤكد سترابون بأن الملك الارمني تيكران الكبير (140-55 ق.م) في اثناء قيامه بتوسيع حدود مملكته على حساب البلدان المجاورة، استعار عدداً من المهندسين المعماريين لبلاد كوردوئيين و كلفهم ببناء القلاع و الحصون له للدفاع عن مملكته ضد الهجمات الرومانية المحتملة(57)، و هذا يدل على ان الشعب الكردي انذاك كان على جانب كبير من اتقان الاعمال الهندسية و الفنية(58).
4-بلوتارخ Plutarque (50-125 م):
مؤرخ و فيلسوف يوناني، درس في اثينا و عاش في روما، زار الشرق و كتب عن مشاهير رجال اليونان و الرومان كتاباً يدعى بـ(السير المقارنة)(59).
و قد تطرق بلوتارخ في حديثه عن مجريات الصراع الروماني، الارمني، الفرثي، البنطسي الى اخبار مهمة عن دور الكرد في ذلك الصراع، خاصةً بعد ان تمكن الملك الارمني تيكران الكبير بالتنسيق مع حميه ميثرادات السادس (120-63 ق.م) ملك البنطس من احتلال بلاد كبدوكيا في اسيا الصغرى و ميديا التابعة للدولة الفرثية في جنوب بحر قزوين و بلاد سوفيني الواقعة في شرق الفرات، اضافة الى بلاد كوردوئين، حيث قهر ملكها زاربيون Zarbienus (60).
وفي هذه الاثناء قررت روما خوفاً على مصالحها في اسيا الصغرى و شمال بلاد ما بين النهرين ارسال حملة عسكرية بقيادة لوكولوس (109-57 ق.م) لوقف الملك الارمني و حميه ميثرادات السادس عند حدهما و استرجاع المقاطعات التي سبق ان استوليا عليها من قبل(61).
ويضيف بلوتارخ ان الكرد "فضوا ترك مواطنهم مع نسائهم و اطفالهم ليتبعوا لوكولوس، و كان صبر ملك الكرد زاربيون قد نفد من ظلم وطغيان الملك الارمني تيكران، لذلك اتصل سرا بـ(ايبوس-apuis) لكي يتحالف مع لوكوس، الا ان امره اكتشف عند تيكران الذي قضي عليه و علي عائلته قبل وصول رومان الى ارمينيا. وهكذا لم ينس لوكولوس هذا الحدث، فاقام بين الكرد احتفالا كبيرا علي شرف مراسيم دفن زاربيون و زين الماتم باكداس من الالبسة والكسوة الملكية والذهب و الفضة واسلاب تيكران، وقد اوقد نار الاحتفال بنفسه، و شوهد في قصر ملك الكرد القتيل كنوز هائلة من الذهب والفضة وغلال لا تقل عن ثلاثة ملايين وزنة من الحنطة و الشعير" 62.
ورغم الاهمية القصوى للمصادر اليونانية والرومانية في دراسة التاريخ القديم للكرد فانه يؤخذ عليها بعض الماخذ منها:
1-عدم وجود الدافع لدى مؤلفي هذه المصادر الذي يجعلهم عادلين في سردهم الحقائق عن رعايا الامبراطورية الاخمينية التي استولت على بلادهم 63.
2-روح التعصب التي عرفت لدى المؤرخين الغربيين لحضارتهم و اظهارها كانها ارقى من غيرها و ذلك عن طريق عرض نواحي الغرابة في الحضارات الشرقية التي عاصروها 64.
3-الاختلاف الحاصل في اصل الكرد و تاريخ اسلافهم و انعكاس ذلك في مروياتهم 65.
4-اعتمادهم على الروايات المنقولة و الاساطير التي يشوبها الخيال، التي حيكت حول الاحداث التاريخية البعيدة نسبيا، مما يجعل كتاباتهم عن الاحداث غير المعاصرة لهم تنتابها عدم الدقة الى حد بعيد 66.
يتبع...............................