أحمد خاني
1650-1708م
((أنا عطارٌ ولستُ جوهريّاً،قد غرست نفسي ولم يعن أحد بتجربتي أنا كردي جبلي، من هذه السفوح، وهذه الكلمات جئت بها من الصميم الكردي، فوقعوها بحسن ألطافكم، أصغوا إليها بسمع إصغائكم))، بهذه الكلمات يقدم أحمد خاني نفسه لقرّائه في ملحمته الخالدة((مم و زين)).
ولد أحمد خاني ابن الشيخ الياس في قرية((خان))بالقرب من مدينة((بيازيد))عام1650م ونسب إليها وقد نسبه البعض إلى عشيرة((خانيان)).تلقى خاني علومه الابتدائية في الكتاتيب والجوامع ثم في المدارس التي انتشرت في المدن الكبيرة مثل((بيازيد وتبريز وبدليس))وقد ظهرت عليه علائم النبوغ وهو لم يتجاوز الرابعة عشرة من عمره، وسعياً وراء المزيد من العلم والمعرفة ترك((بيازيد))وتنقل في المدن فزار عاصمة الدولة العثمانية((الآستانة))ومكث فيها فترة من الزمن يتلقى العلم من مشايخها ثم زار دمشق ومصر، فاطلع على علوم عصره ويلقفها فجمع بين الأدب، ولاسيما الشعر، والفقه الإسلامي والتصوف فذاعت شهرته مقرونة بالثقافة الواسعة والمعرفة العميقة في الأمور الأدبية والفلسفية والدينية.
قد أتقن أحمد خاني العربية والفارسية والتركية بالإضافة إلى لغته الكردية التي كان يعتز بها ويدعو الشبان الكرد إلى تعلمها والكتابة بها، ومن أجل ذلك راح يفتح المدارس ويتطوع للتعليم فيها بنفسه دون مقابل ومن أجل أن يحبب العلم بالطلاب أعد لهم كتاباً ليسهل عليهم التعلم سماه((نو بهارا بجوكان))أي الربيع الجديد للصغار مجسداً بذلك حبه لشعبه ولغته القومية.
وعلى الرغم من تمكنه وإتقانه لهذه اللغات فقد آثر أن يكتب بلغة قومه ليؤكد بذلك مساهمة الأكراد في بناء الحضارة الإنسانية وإبرازاً لشعبه ولطاقاته الفكرية،أو كما يقول هو((...ولكي لا يقول أحد أن أنواعاً من الملل تملك الكتب ولا حساب للكرد وحدهم في هذا الميدان))، ولكي يشجع الأدباء الأكراد على الكتابة باللغة الكردية بدلاً من اللغات الأخرى فتصبح آثارهم وينسى أصلهم الكردي.
عاش أحمد خاني في النصف الثاني من القرن السابع عشر الذي كان حافلاً بالصراع بين الإمبراطوريتين الفارسية والعثمانية للسيطرة على كردستان وثرواتها والذي شهد أيضاً انهيار الإمارات الكردية الواحدة تلو الأخرى وآخرها إمارة تبليس، وانصراف الأمراء والحكام الأكراد إلى الاقتتال الداخلي، فكتب ملحمته الخالدة((مم وزين)) يدعو فيها الأمراء الأكراد إلى الاتحاد والتعاون بدلاً من الاقتتال والفرقة ويوضح لهم مرامي الإمبراطوريتين العثمانية والفارسية إذ أن كل همهما هو احتلال كردستان والتمتع بمواردها وبموقعها الإستراتيجي الهام والاستفادة من الشعب الكردي كرأس حربة ضد الإمبراطورية الأخرى أو كسد أمام هجوم الدولة المهاجمة. ولم يكتف خاني بدعوة الأمراء فقط للوحدة بل دعا الشعب أيضاً لليقظة والتنبه والاعتماد على الذات و كان يثق بطاقات شعبه الخلاقة فلم يترك فرصة إلا وكان يدعو الأكراد للتعلم والإتحاد والعمل، حيث كان يربط بين الازدهار السياسي والازدهار الاقتصادي والعلمي. وبالإضافة إلى فكره القومي الثاقب كان خاني متحرراً، وقف إلى جانب المرأة وأنصفها في شعره ودعاها إلى التعلم والتحرر كما كان معادياً للظلم ويكره اللهاث وراء جمع المال ورعاته. أما أهم أعماله بالإضافة إلى ملحمته ((مم وزين)) فهي : قاموس كردي – عربي للأطفال بعنوان((نو بهارا بجوكان)) و((عقيدة الإيمان)) وهي قصيدة شعرية باللغة الكردية نظمها في 70 بيتاً من الشعر وديوان شعر متنوع المواضيع .
توفي أحمد خاني في مدينة (بيازيد) سنة 1708م ودفن فيها
1543-1604
هو شرف بن شمس الدين بن شرف خان،ولد في قضاء(كرهرود)بإيران في 20ذي الحجة سنة949 هجري -5شباط1543م،(لأن والده نفي إلىإيران)وقد عرف بالبدليسي لأنأسرته حكمت ولاية(أيالة) بدليس لأكثر من سبعة قرونمتواصلة من غير إنقطاع.
درس الأمير شرف كأقرانه أول الأمر القرآن والفقه والاحكام الشرعية إلى جانب الفنون العسكرية،وعندما بلغ التاسعة من عمره أدخله الشاه الإيراني طهماسب في حرمه الخاص،ليتلقى مع أولاده وأمراء الدولة العلوم والآداب ومبادىء السياسة لمدة ثلاث سنوات،وقد كان شغوفا بالمطالعة والدراسة فأتقن إلى جانب لغته الكردية الفارسية والتركية والعربية،وعندما اعتزل والده حكم منطقة "سر آب" وإقطاعياته الأخرى،أسند الشاه منصبه لولده شرف،وعينه إضافة على ذلك حاكما على منطقة"ساليان ومحمود آباد".
واثر وفاة الشاه طهماسب الأول ووصول إسماعيل ميرزا إلى الحكم استدعاه الشاه الجديد إلى عاصمته قزوين ليكون قريبا منه وأسند إليه منصب ((أمير أمراء))الأكراد((الكردي الأول))على أن يكون ملازما له ليتولى تصريف شؤون أمراء وحكام كردستان ولرستان وكوران، وسائر العشائر الكردية.ونتيجة لمبالغة الشاه إسماعيل ميرزا في تكريمه وارتفاع شأنه في البلاط، تآمر عليه بعض الأمراء المقربين من الشاه إسماعيل ميرزا واتهموه بالتآمر عليه، وبعد أن وجدت تلك الوشايات مكانا لها في قلب الشاه أمر بإبعاد شرف خان عن العاصمة بتعيينه حاكما على منطقة نخجوان.وبعد أن أمضى في حكم نخجوان أكثر من سنة، ونتيجة لتوسط عدد كبير من الأمراء الأكراد في الدولة العثمانية "كخسرو باشا"(ميرميران)،وزينل بك حاكم هكاري، وحسن بك المحمودي لدى السلطان العثماني مراد الثالث وافق السلطان على إعادة أملاكه إليه وتعيينه حاكما على بد ليس.ومن ثم تم إضافة حكم منطقة "موش"إلى أملاكه، وكما كان في البلاط الفارسي أرتفع شأنه في البلاط السلطان العثماني،الذي منحه لقب((خان)).
وفي عهده عاد الأمن والاستقرار إلى ولايته،واستقرت الأوضاع، بفضل إهتمام الأمير شرف خان على أاوضاع وشؤون الناس في إمارته،وأهتم بشكل خاص ببناء المدارس التي كانت تعج بالطلاب والعلماء، ثم اعتزل الحكم لصالح ابنه أبوالمعالي شمس الدين ليتفرغ هو لكتابة تاريخ حكام كردستانتحت عنوان(شرف نامه)إذ كان شغوفا ومنذ شبابه بدراسة التاريخ وبمطالعة أخبار السلف من الملوك والسلاطين وأحوال الأمم والشعوب وعندما وجد أن الكرد يفتقدون إلى كتاب خاص عن تاريخهم، فأراد أن يضع كتابا مستقلا خاصا عن الأكراد وقبائلهم وأسرهم الحاكمة وتاريخ الدول والإمارات الكردية التي قامت في كردستان منذ بداية العهد الإسلامي وحتى نهاية القرن السادس عشر ميلادي. وقد جاء الكتاب كما أراد الؤلف شاملا وعاما وكأي مؤرخ معاصر وجد شرف خان أن كتابه قد يحوي نواقص لذا دعا الباحثين والعلماء إلى تصحيح الأخطاء فيه،وقد أنتشرت مخطوطات الكتاب بشكل واسع فهناك الآن سبعة عشر مخطوطة للكتاب إحداها بخط المؤلف نفسه موجودة في مكتبة بودلياني في اكسفورد ببريطانيا، وقد ترجم في القرن السابع عشر إلى اللغة التركية، وفي القرن التاسع عشر ترجم مرتين إلى الفرنسية،كما ترجم إلى الروسية والألمانية، وهناك ترجمتان عربيتان احداهما لمحمد علي عوني والأخرى لجميل روز بياني وكتبه الشاعر لترجمته إلى الأنكليزية.
الشيخ سعيد بيران
1865 -1925
ولد الشيخ سعيد بن الشيخ محمود بن الشيخ علي ((البالوي ))في قضاء بالو بولاية "آلازغ" 1865 ،و كان جده الشيخ علي قد استقر في (بالو )و نسب إليها .تلقى الشيخ سعيد تعليمه الأولي على يد والده و بعض مريديه ،حيث تعلم أولاً حفظ القرآن و مبادئ القراءة و الكتابة ، ثم درس الفقه و الشريعة الإسلامية،وبعد أن أنهى دراسته ،أصبح عالما معروفا كان من حقه منح شهادات الإجازة والتدريس لطلاب العلم الذين يكملون دراستهم على يديه،وبعد وفاة والده انتقلت إليه الزعامة الدينية،وأصبح مرشدا للطريقة في بالو،وقد بلغ عدد مريديه وأتباعه حوالي اثنتي عشرة ألفا،كان من بينهم العديد من الترك،أما البقية فكانوا من الكرد.
لم يكن الشيخ سعيد شيخا كلاسيكيا قديما،بل كان عالما محدثا لبقا، لم يكن يؤمن بالخرافات والسخافات التي كان الناس يرددونها عن المشايخ،ولم يقبل بتقبيل يديه أو الانحناء له ،و كان مجلسه يعج بالمثقفين والعلماء والرجال الشجعان،وقد بذل جهودا كبيرة في سبيل نشر العلم والمعرفة في كردستان،وقد كان في نيته إنشاء جامعة في مدينة(وان)على غرار الجامع الأزهر ولكن الزعماء الدينيين الكلاسيكيين والحكام الأتراك وقفوا ضد محاولته هذه.
مارس الشيخ سعيد النشاط السياسي منذ تأسيس الجمعيات والمنظمات الكردية بين أعوام 1908-1923وكانت له صلات وثيقة مع العائلات الوطنية كعائلة بدرخان بك وعائلة الشيخ عبيد الله النهري، بالإضافة إلى الزعماء الكرد المعاصرين له.
وعندما تم اعتقال بعض قادة جمعية آذادي(خالد جبران،ويوسف زيا) في خريف عام1924،تم اختيار الشيخ سعيد رئيسا للجمعية التي عقدت مؤتمرا في تشرين الثاني1924في حلب حضره علي رزا ابن الشيخ سعيد ممثلا عن والده إلى جانب معظم القادة الأكراد في تركيا وسوريا وقرر المشاركون القيام بانتفاضة شاملة لنزع الحقوق القومية الكردية،على أن تبدأ في يوم العيد القومي الكردي(نوروز)21آذار1925،ولكسب الدعم والتأييد للانتفاضة قام الشيخ سعيد بجولة في كردستان وقام أثناء جولته بحل الخلافات بين العشائر الكردية وإزالة العداوات والدعوة إلى الوحدة والاتفاق،وقد وصل الشيخ سعيد في يوم 5شباط إلى قرية بيران برفقة مائة فارس وتصادف وصوله مع وصول مفرزة تركية جاءت لاعتقال بعض الأكراد،وعندما طلب الشيخ سعيد من قائد المفرزة احترام وجوده واعتقال من يشاء بعد أن يغادر القرية رفض الضابط التركي ذلك،فوقع اصطدام مسلح بين قوات المفرزة ورجال الشيخ قتل فيها بعض الجنود الأتراك وتم اعتقال الآخرين وكان ذلك في 8 شباط وعندما انتشر خبر تلك الحادثة ظن القادة الأكراد بأن الشيخ أعلن الانتفاضة وهاجموا القوات التركية وسيطر الشيخ عبد الرحيم أخو الشيخ سعيد على مدينة كينج التي اختيرت كعاصمة مؤقتة لكردستان،وانتشرت الانتفاضة بسرعة كبيرة ولفترة قصيرة على أراضي معظم كردستان((14ولاية شرقية))وبلغ عدد الأكراد المنتفضين حوالي600ألف إلى جانب حوالي 100ألف من الشركس والعرب والأرمن والآشوريين.
وفرض الثوار الحصار على مدينة ديار بكر التي صمدت في وجههم حتى وصول القوات التركية المعززة بالأسلحة الثقيلة ولم يتمكن الثوار من السيطرة على المدينة رغم اقتحامهم لها،فأمر الشيخ سعيد قواته بالتراجع،وقد حاصرت القوات التركية الثوار ومنعتهم من دخول العراق وسوريا وإيران.
وفي أواسط نيسان تم اعتقال الشيخ سعيد مع عدد من قادة الانتفاضة التي خبت نارها شيئا فشيئا،وفي نهاية أيار تمت محاكمة الشيخ سعيد وقادة الانتفاضة الآخرين وبعد محاكمة صورية صدر الحكم بالإعدام بحقه مع47 من قادة الثورة ونفذ حكم الإعدام فيهم في 30أيار1925،وأمام حبل المشنقة قال الشيخ سعيد(( إن الحياة الطبيعية تقترب من نهايتها ولم آسف قط عندما أضحي بنفسي في سبيل شعبي،إننا مسرورون لأن أحفادنا سوف لن يخجلوا منا أمام الأعداء)).
وقد بلغت خسائر الكرد تدمير900 بيت وحرق وازالة210 قرية وعدد القتلى وصل الى15ألف بالإضافة إلى نهب ممتلكات وثروات كل من وصلت إليهم أيدي الجنود الأتراك.
أوصمان صبري الشخصية الكردية البارزة ناضل باستمائة منقطعة النظير في سبيل الدفاع عن القضية الكردية منذ أيام شبابه وحتى المراحل الأخيرة من شيخوخته، وقاوم مضطهدي شعبه الكردي بإرادة جبارة لا تلين، ودخل سجون جميع أنظمة الحكم في البلدان التي يتعرض فيها الشعب الكردي للاضطهاد، وفرضت عليه الملاحقة الشوفينية لتلك الأنظمة والضغوط والظروف القاسية أن ينتقل ما بين تركيا والعراق وسوريا....معانياً من التشرد والغربة والفقر في مسيرته النضالية الطويلة المريرة.
ولد أوصمان صبري عام 1905 في قرية نارنجه في منطقة كخته بولاية أدي يمان في كردستان تركيا، أكمل دراسته الابتدائية في المدارس الرشدية وترك الدراسة. تزوج مبكراً وأنجبت زوجته الأولى ثلاثة أبناء، وسرعان ما توفيت مع اثنين من أولادها في الطفولة، أما الثالث فقد قتل في السابعة والأربعين من عمره، وكان يدعى ولات، تزوج أوصمان ثانية وأنجب ثلاثة أبناء (هوشنك، هوشين، هفال) وبنتين (هنكور، هيفي) وتبنى ابنة أخيه(كوي).
خاض اوصمان صبري معظم أشكال النضال الثوري والجماهيري بصلابة فولاذية وجرأة فريدة، وجاهد في رفع مستوى الوعي الاجتماعي والسياسي لشعبه من خلال الانضمام إلى الأحزاب والتجمعات والأندية. ساهم في منظمة خويبون التي تأسست في أواخر العشرينات من قبل البدرخانيين وممدوح سليم وقدري جميل باشا، ومصطفى بوزان شاهين بك، وغيرهم من الزعماء الكرد التقليديين، كما ساهم في التنسيق النضالي بين منظمة خوبيون وثورة أكري داغ ، وساهم في تأسيس نادي كردستان بدمشق عام 1938 ، وساهم في تأسيس أول حزب كردي منظم في سوريا تحت اسم (البارتي) عام 1957 مع عبد الحميد درويش والشيخ محمد عيسى وحمزة نويران، ثم أصبح سكرتيراً لفصيل اليسار بعد الانشقاق الذي حصل في البارتي عام 1965.
ترك الحزب في عام 1969 ولكنه ظل متمسكاً بمبادئه النضالية وأهدافه القومية . لم يدخر أوصمان جهدا في خدمة اللغة الكردية والثقافة الكردية بوجه عام، تعليما ودراسة وتأليفا، وساهم في تنشئة أجيال كردية مثقفة في اللغة والأدب الكرديين ممن عايشهم. أما كتاباته فهي: باهوز، دردي مه، جارلهنك، أبجديتان كرديتان الأولى29 حرفاً مثل أبجدية بدرخان ، والأبجدية الثانية بزيادة أربع أحرف كانت تغفل في الأبجديات الكردية السابقة، مجموعة شعرية صدرت في أوروبا تحت عنوان ((أشعار ابو)) ومن الجدير بالذكر أن سبب تسمية اوصمان a p o يعود إلى نقمته على الزعامة الكردية التقليدية وكراهيته حتى لألقابها((أغا، بك ، باشا)) على الرغم من أن عائلته كانت تتزعم عشيرة ((مرديس)) حيث درجت زوجة المرحوم جلادت في فترة نشوء علاقة أوصمان مع البدرخانيين على مخاطبته بكلمة a p o لمعرفتها بكراهيته لألقاب الزعامة الكردية المستعملة بين الكرد.
تعرض اوصمان صبري للاعتقال 18 مرة تفاوتت فتراتها بين أيام وشهور وسنين بسبب نضاله القومي الدؤوب ومقاومته للأنظمة التي تضطهد الشعب الكردي، اعتقل في تركيا 1926_ 1928 وخرج من السجن بعفو عام ، ثم اعتقل ثانية في 1928 لمدة سبعة أشهر بتهمة الأعداد للانقلاب ولم تثبت عليه التهمة. واعتقل في العراق مرتين في 1930ـ 1931، وفي لبنان مرتين 1935، ومن لبنان نفي إلى جزيرة مدغشقر في نفس العام. أما في سوريا فقد تكرر اعتقاله 12 مرة أبرزها خمسة أشهر في عهد حسني الزعيم ، وتسعة أشهر في حلب 1959 ، وستة أشهر في سجن المزة في أواخر 1966 ، وأخيراً سنة ونصف في سجن القلعة هام 1971.
بعد هذه العطاءات السياسية والثقافية الكبيرة ، وبعد 88 عاماً من النضال الدؤوب في حياة زاخرة بالصلابة والمقاومة العنيدة في سبيل الدفاع عن القضية الكردية العادلة ـ رحل أوصمان صبري وترك إرثاً نضالياً وثقافياً خالداً يكفي لتخليده كعلم من أعلام النضال الكردي التحرري. وهنا بعضاً من توجيهاته:
من الكوادر المؤسسة لحزب العمال الكردستاني ، عضو المجلس المركزي لحزب العمال الكردستاني . ولد عام 1955 في قرية ( ته مان ) التابعة لناحية ( مزكير) / ديرسم ، بعد انتهاءه من دراسة معهد المعلمين في مدينة (باليك كسير ) التركية التحق بكلية الاقتصاد ، التحق بالمجموعة الإيديولوجية لحزب العمال الكردستاني عام 1976، واعتقل في 30 أيلول 1979. تعرض مظلوم دوغان لتعذيب قل مثيله في السجن المركزي في ديار بكر لكن الدولة التركية لم تتمكن من الحصول على أية معلومة منه ، كان مصدراً للمعنويات للمعتقلين الآخرين في السجن حيث غير مجرى الأحداث في السجن وهكذا أصبحت مقاومات سجن ديار بكر عاملاً لانتشار فكرة حزب العمال الكردستاني .
احتفل بعيد النوروز في سجنه عبر إشعال ثلاثة عيدان ثقاب ثم أضرم النيران بجسده حتى استشهد ( 21 آذار 1982 ). مظلوم دوغان شخصية تأثر بها كل المعتقلين السياسيين من اليسار التركي والاحزاب الكردية الاخرى الذين كانوا معتقلين في نفس السجن ، هم الذين رووا مقاوماته الجبارة و كانوا شهوداً على عجز إدارة وضباط السجن عن كيفية تعاملهم مع مظلوم دوغان . تسللت أخبار مقاومات مظلوم دوغان عبر الزوار والمفرجين عنهم وحراس السجن إلى شعب آمد ، بواسطة مقاومته علم شعب ديار بكر أنه يمكن للكردي أن يقاوم ضد دولة تركيا مرة أخرى ، وبعد أن أضرم النيران بجسده أدرك الشعب أنه يمكن للكردي أن يحتفل بعيد النوروز مرة أخرى ، شعب آمد ( ديار بكر ) كانوا يداولون مقاومات مظلوم دوغان سرّاً وانتشرت روايته سريعاً في كل المدن الكردية الأخرى.
سماه القائد بـ ( المكتبة المتحركة ) لاتساع افقه وقابليته الكبيرة على التركيز والحفظ ، كان يقرأ 7 كتب يومياً ويحاضر على محتوياتها للكوادر في نفس اليوم، كان يحفظ كل كتاب قرأه عن ظهر قلب. سماه الشعب الكردي في ديار بكر بـ ( كاوا المعاصر ) نتيجة مقاوماته البطولية من جهة وكونه استهل مرافعته أثناء محاكمته بجملة : " سيظهر كاوا معاصر في كل مكان يشهد ضحاكين ظالمين " شعر: مظلوم دوغان مكتوب بالتركية ، الترجمة إلى العربية : ( 1 أيار 2008 – مركز الاتصال والإعلام )
وطني
كترابي وأصواتي وعشقي
لن تكون الخيانة كبيرة
ستكون كقبضة عصفور لا يملك أجنحة
لا يمكنه الطيران في طني
*******
عليّ كتابة قطيرات المطر
صوت الطفل ورفرفات عصفور طائرمن وطني
****
القلوب الجريحة للمعتقل
وما يسمعه الشاب قبل مقتله
وآخر ما ينطق به فم ميت
عليّ تسطيرها على ورقةٍ في وطني
******
بقدر تسلل أفعى هادئة
وبقدر الآثار التي تتركها على التربة
بقدر عقرب و وحش وكل السيئات المعروفة
عليّ كتابة الظلم
الخيانة
في وطني
مظلوم دوغان
.........................................................................................
قدري جان
ولد الشاعر قدري جان في ديريك في كردستان تركيا 1911. درس الابتدائية والمتوسطة في البلدة المذكورة وسافر بعدها إلى مدينة قونية للدراسة في دار المعلمين ولكنه فصل من المدرسة لمواقفه المناهضة لسياسة التتريك فاتجه هرباً من بطش الأتراك وخلال إقامته في سوريا تقدم للامتحان فحصل على شهادة تخوله التعليم في المدارس السورية ومنذ تخرجه عمل في سلك التعليم, وعين مديراً لمدرسة الغزالي في مدينة عامودا بين عام 1941 – 1942. لقد كان قدري جان ميلاً للأدب والأدباء ففي عام 1957 سافر إلى الاتحاد السوفيتي لحضور مهرجان الشباب في موسكو. لقد كتب قدري جان عدة قصائد خلال وجوده في الاتحاد السوفيتي منها قصيدة بعنوان (أنا ذاهب إلى موسكو), أما اللغات التي كان يتقنها فهي: الكردية, التركية, الفرنسية, العربية, والروسية والفارسية.
تبدو الصبغة السياسية والإيديولوجية في قصائده أقل حدة من معاصريه رغم النفس التقدمي الواضح في أعماله وقصائده, ويتميز شعره بالفطرة والبساطة في الأداء ورقة العبارة وسطحية الفكرة وله فضل في كتابه الشعر الحديث. وهو أكثر ميلاً إلى التمرد في قصائده القومية لقد حاول أن يصوغ إيقاعا حديثاً لنفسه من خلال بعض قصائده, وأنه أول من كتب الشعر الكردي الحديث حيث وضع حداً فاصلاً بين الشعر القديم والحديث.
توفي قدري جان في مدينة دمشق 1972 عن عمر ناهز الواحد والستين.
.........................................................................
1650-1708م
((أنا عطارٌ ولستُ جوهريّاً،قد غرست نفسي ولم يعن أحد بتجربتي أنا كردي جبلي، من هذه السفوح، وهذه الكلمات جئت بها من الصميم الكردي، فوقعوها بحسن ألطافكم، أصغوا إليها بسمع إصغائكم))، بهذه الكلمات يقدم أحمد خاني نفسه لقرّائه في ملحمته الخالدة((مم و زين)).
ولد أحمد خاني ابن الشيخ الياس في قرية((خان))بالقرب من مدينة((بيازيد))عام1650م ونسب إليها وقد نسبه البعض إلى عشيرة((خانيان)).تلقى خاني علومه الابتدائية في الكتاتيب والجوامع ثم في المدارس التي انتشرت في المدن الكبيرة مثل((بيازيد وتبريز وبدليس))وقد ظهرت عليه علائم النبوغ وهو لم يتجاوز الرابعة عشرة من عمره، وسعياً وراء المزيد من العلم والمعرفة ترك((بيازيد))وتنقل في المدن فزار عاصمة الدولة العثمانية((الآستانة))ومكث فيها فترة من الزمن يتلقى العلم من مشايخها ثم زار دمشق ومصر، فاطلع على علوم عصره ويلقفها فجمع بين الأدب، ولاسيما الشعر، والفقه الإسلامي والتصوف فذاعت شهرته مقرونة بالثقافة الواسعة والمعرفة العميقة في الأمور الأدبية والفلسفية والدينية.
قد أتقن أحمد خاني العربية والفارسية والتركية بالإضافة إلى لغته الكردية التي كان يعتز بها ويدعو الشبان الكرد إلى تعلمها والكتابة بها، ومن أجل ذلك راح يفتح المدارس ويتطوع للتعليم فيها بنفسه دون مقابل ومن أجل أن يحبب العلم بالطلاب أعد لهم كتاباً ليسهل عليهم التعلم سماه((نو بهارا بجوكان))أي الربيع الجديد للصغار مجسداً بذلك حبه لشعبه ولغته القومية.
وعلى الرغم من تمكنه وإتقانه لهذه اللغات فقد آثر أن يكتب بلغة قومه ليؤكد بذلك مساهمة الأكراد في بناء الحضارة الإنسانية وإبرازاً لشعبه ولطاقاته الفكرية،أو كما يقول هو((...ولكي لا يقول أحد أن أنواعاً من الملل تملك الكتب ولا حساب للكرد وحدهم في هذا الميدان))، ولكي يشجع الأدباء الأكراد على الكتابة باللغة الكردية بدلاً من اللغات الأخرى فتصبح آثارهم وينسى أصلهم الكردي.
عاش أحمد خاني في النصف الثاني من القرن السابع عشر الذي كان حافلاً بالصراع بين الإمبراطوريتين الفارسية والعثمانية للسيطرة على كردستان وثرواتها والذي شهد أيضاً انهيار الإمارات الكردية الواحدة تلو الأخرى وآخرها إمارة تبليس، وانصراف الأمراء والحكام الأكراد إلى الاقتتال الداخلي، فكتب ملحمته الخالدة((مم وزين)) يدعو فيها الأمراء الأكراد إلى الاتحاد والتعاون بدلاً من الاقتتال والفرقة ويوضح لهم مرامي الإمبراطوريتين العثمانية والفارسية إذ أن كل همهما هو احتلال كردستان والتمتع بمواردها وبموقعها الإستراتيجي الهام والاستفادة من الشعب الكردي كرأس حربة ضد الإمبراطورية الأخرى أو كسد أمام هجوم الدولة المهاجمة. ولم يكتف خاني بدعوة الأمراء فقط للوحدة بل دعا الشعب أيضاً لليقظة والتنبه والاعتماد على الذات و كان يثق بطاقات شعبه الخلاقة فلم يترك فرصة إلا وكان يدعو الأكراد للتعلم والإتحاد والعمل، حيث كان يربط بين الازدهار السياسي والازدهار الاقتصادي والعلمي. وبالإضافة إلى فكره القومي الثاقب كان خاني متحرراً، وقف إلى جانب المرأة وأنصفها في شعره ودعاها إلى التعلم والتحرر كما كان معادياً للظلم ويكره اللهاث وراء جمع المال ورعاته. أما أهم أعماله بالإضافة إلى ملحمته ((مم وزين)) فهي : قاموس كردي – عربي للأطفال بعنوان((نو بهارا بجوكان)) و((عقيدة الإيمان)) وهي قصيدة شعرية باللغة الكردية نظمها في 70 بيتاً من الشعر وديوان شعر متنوع المواضيع .
توفي أحمد خاني في مدينة (بيازيد) سنة 1708م ودفن فيها
........
الأمير شرف خان البدليسي1543-1604
هو شرف بن شمس الدين بن شرف خان،ولد في قضاء(كرهرود)بإيران في 20ذي الحجة سنة949 هجري -5شباط1543م،(لأن والده نفي إلىإيران)وقد عرف بالبدليسي لأنأسرته حكمت ولاية(أيالة) بدليس لأكثر من سبعة قرونمتواصلة من غير إنقطاع.
درس الأمير شرف كأقرانه أول الأمر القرآن والفقه والاحكام الشرعية إلى جانب الفنون العسكرية،وعندما بلغ التاسعة من عمره أدخله الشاه الإيراني طهماسب في حرمه الخاص،ليتلقى مع أولاده وأمراء الدولة العلوم والآداب ومبادىء السياسة لمدة ثلاث سنوات،وقد كان شغوفا بالمطالعة والدراسة فأتقن إلى جانب لغته الكردية الفارسية والتركية والعربية،وعندما اعتزل والده حكم منطقة "سر آب" وإقطاعياته الأخرى،أسند الشاه منصبه لولده شرف،وعينه إضافة على ذلك حاكما على منطقة"ساليان ومحمود آباد".
واثر وفاة الشاه طهماسب الأول ووصول إسماعيل ميرزا إلى الحكم استدعاه الشاه الجديد إلى عاصمته قزوين ليكون قريبا منه وأسند إليه منصب ((أمير أمراء))الأكراد((الكردي الأول))على أن يكون ملازما له ليتولى تصريف شؤون أمراء وحكام كردستان ولرستان وكوران، وسائر العشائر الكردية.ونتيجة لمبالغة الشاه إسماعيل ميرزا في تكريمه وارتفاع شأنه في البلاط، تآمر عليه بعض الأمراء المقربين من الشاه إسماعيل ميرزا واتهموه بالتآمر عليه، وبعد أن وجدت تلك الوشايات مكانا لها في قلب الشاه أمر بإبعاد شرف خان عن العاصمة بتعيينه حاكما على منطقة نخجوان.وبعد أن أمضى في حكم نخجوان أكثر من سنة، ونتيجة لتوسط عدد كبير من الأمراء الأكراد في الدولة العثمانية "كخسرو باشا"(ميرميران)،وزينل بك حاكم هكاري، وحسن بك المحمودي لدى السلطان العثماني مراد الثالث وافق السلطان على إعادة أملاكه إليه وتعيينه حاكما على بد ليس.ومن ثم تم إضافة حكم منطقة "موش"إلى أملاكه، وكما كان في البلاط الفارسي أرتفع شأنه في البلاط السلطان العثماني،الذي منحه لقب((خان)).
وفي عهده عاد الأمن والاستقرار إلى ولايته،واستقرت الأوضاع، بفضل إهتمام الأمير شرف خان على أاوضاع وشؤون الناس في إمارته،وأهتم بشكل خاص ببناء المدارس التي كانت تعج بالطلاب والعلماء، ثم اعتزل الحكم لصالح ابنه أبوالمعالي شمس الدين ليتفرغ هو لكتابة تاريخ حكام كردستانتحت عنوان(شرف نامه)إذ كان شغوفا ومنذ شبابه بدراسة التاريخ وبمطالعة أخبار السلف من الملوك والسلاطين وأحوال الأمم والشعوب وعندما وجد أن الكرد يفتقدون إلى كتاب خاص عن تاريخهم، فأراد أن يضع كتابا مستقلا خاصا عن الأكراد وقبائلهم وأسرهم الحاكمة وتاريخ الدول والإمارات الكردية التي قامت في كردستان منذ بداية العهد الإسلامي وحتى نهاية القرن السادس عشر ميلادي. وقد جاء الكتاب كما أراد الؤلف شاملا وعاما وكأي مؤرخ معاصر وجد شرف خان أن كتابه قد يحوي نواقص لذا دعا الباحثين والعلماء إلى تصحيح الأخطاء فيه،وقد أنتشرت مخطوطات الكتاب بشكل واسع فهناك الآن سبعة عشر مخطوطة للكتاب إحداها بخط المؤلف نفسه موجودة في مكتبة بودلياني في اكسفورد ببريطانيا، وقد ترجم في القرن السابع عشر إلى اللغة التركية، وفي القرن التاسع عشر ترجم مرتين إلى الفرنسية،كما ترجم إلى الروسية والألمانية، وهناك ترجمتان عربيتان احداهما لمحمد علي عوني والأخرى لجميل روز بياني وكتبه الشاعر لترجمته إلى الأنكليزية.
وقد توفي الأمير شرف خان بدليسي في سنة1012 ه-1604 م في بدليس و دفن فيها
...........................
...........................
الشيخ سعيد بيران
1865 -1925
ولد الشيخ سعيد بن الشيخ محمود بن الشيخ علي ((البالوي ))في قضاء بالو بولاية "آلازغ" 1865 ،و كان جده الشيخ علي قد استقر في (بالو )و نسب إليها .تلقى الشيخ سعيد تعليمه الأولي على يد والده و بعض مريديه ،حيث تعلم أولاً حفظ القرآن و مبادئ القراءة و الكتابة ، ثم درس الفقه و الشريعة الإسلامية،وبعد أن أنهى دراسته ،أصبح عالما معروفا كان من حقه منح شهادات الإجازة والتدريس لطلاب العلم الذين يكملون دراستهم على يديه،وبعد وفاة والده انتقلت إليه الزعامة الدينية،وأصبح مرشدا للطريقة في بالو،وقد بلغ عدد مريديه وأتباعه حوالي اثنتي عشرة ألفا،كان من بينهم العديد من الترك،أما البقية فكانوا من الكرد.
لم يكن الشيخ سعيد شيخا كلاسيكيا قديما،بل كان عالما محدثا لبقا، لم يكن يؤمن بالخرافات والسخافات التي كان الناس يرددونها عن المشايخ،ولم يقبل بتقبيل يديه أو الانحناء له ،و كان مجلسه يعج بالمثقفين والعلماء والرجال الشجعان،وقد بذل جهودا كبيرة في سبيل نشر العلم والمعرفة في كردستان،وقد كان في نيته إنشاء جامعة في مدينة(وان)على غرار الجامع الأزهر ولكن الزعماء الدينيين الكلاسيكيين والحكام الأتراك وقفوا ضد محاولته هذه.
مارس الشيخ سعيد النشاط السياسي منذ تأسيس الجمعيات والمنظمات الكردية بين أعوام 1908-1923وكانت له صلات وثيقة مع العائلات الوطنية كعائلة بدرخان بك وعائلة الشيخ عبيد الله النهري، بالإضافة إلى الزعماء الكرد المعاصرين له.
وعندما تم اعتقال بعض قادة جمعية آذادي(خالد جبران،ويوسف زيا) في خريف عام1924،تم اختيار الشيخ سعيد رئيسا للجمعية التي عقدت مؤتمرا في تشرين الثاني1924في حلب حضره علي رزا ابن الشيخ سعيد ممثلا عن والده إلى جانب معظم القادة الأكراد في تركيا وسوريا وقرر المشاركون القيام بانتفاضة شاملة لنزع الحقوق القومية الكردية،على أن تبدأ في يوم العيد القومي الكردي(نوروز)21آذار1925،ولكسب الدعم والتأييد للانتفاضة قام الشيخ سعيد بجولة في كردستان وقام أثناء جولته بحل الخلافات بين العشائر الكردية وإزالة العداوات والدعوة إلى الوحدة والاتفاق،وقد وصل الشيخ سعيد في يوم 5شباط إلى قرية بيران برفقة مائة فارس وتصادف وصوله مع وصول مفرزة تركية جاءت لاعتقال بعض الأكراد،وعندما طلب الشيخ سعيد من قائد المفرزة احترام وجوده واعتقال من يشاء بعد أن يغادر القرية رفض الضابط التركي ذلك،فوقع اصطدام مسلح بين قوات المفرزة ورجال الشيخ قتل فيها بعض الجنود الأتراك وتم اعتقال الآخرين وكان ذلك في 8 شباط وعندما انتشر خبر تلك الحادثة ظن القادة الأكراد بأن الشيخ أعلن الانتفاضة وهاجموا القوات التركية وسيطر الشيخ عبد الرحيم أخو الشيخ سعيد على مدينة كينج التي اختيرت كعاصمة مؤقتة لكردستان،وانتشرت الانتفاضة بسرعة كبيرة ولفترة قصيرة على أراضي معظم كردستان((14ولاية شرقية))وبلغ عدد الأكراد المنتفضين حوالي600ألف إلى جانب حوالي 100ألف من الشركس والعرب والأرمن والآشوريين.
وفرض الثوار الحصار على مدينة ديار بكر التي صمدت في وجههم حتى وصول القوات التركية المعززة بالأسلحة الثقيلة ولم يتمكن الثوار من السيطرة على المدينة رغم اقتحامهم لها،فأمر الشيخ سعيد قواته بالتراجع،وقد حاصرت القوات التركية الثوار ومنعتهم من دخول العراق وسوريا وإيران.
وفي أواسط نيسان تم اعتقال الشيخ سعيد مع عدد من قادة الانتفاضة التي خبت نارها شيئا فشيئا،وفي نهاية أيار تمت محاكمة الشيخ سعيد وقادة الانتفاضة الآخرين وبعد محاكمة صورية صدر الحكم بالإعدام بحقه مع47 من قادة الثورة ونفذ حكم الإعدام فيهم في 30أيار1925،وأمام حبل المشنقة قال الشيخ سعيد(( إن الحياة الطبيعية تقترب من نهايتها ولم آسف قط عندما أضحي بنفسي في سبيل شعبي،إننا مسرورون لأن أحفادنا سوف لن يخجلوا منا أمام الأعداء)).
وقد بلغت خسائر الكرد تدمير900 بيت وحرق وازالة210 قرية وعدد القتلى وصل الى15ألف بالإضافة إلى نهب ممتلكات وثروات كل من وصلت إليهم أيدي الجنود الأتراك.
...................................
أوصان صبريأوصمان صبري الشخصية الكردية البارزة ناضل باستمائة منقطعة النظير في سبيل الدفاع عن القضية الكردية منذ أيام شبابه وحتى المراحل الأخيرة من شيخوخته، وقاوم مضطهدي شعبه الكردي بإرادة جبارة لا تلين، ودخل سجون جميع أنظمة الحكم في البلدان التي يتعرض فيها الشعب الكردي للاضطهاد، وفرضت عليه الملاحقة الشوفينية لتلك الأنظمة والضغوط والظروف القاسية أن ينتقل ما بين تركيا والعراق وسوريا....معانياً من التشرد والغربة والفقر في مسيرته النضالية الطويلة المريرة.
ولد أوصمان صبري عام 1905 في قرية نارنجه في منطقة كخته بولاية أدي يمان في كردستان تركيا، أكمل دراسته الابتدائية في المدارس الرشدية وترك الدراسة. تزوج مبكراً وأنجبت زوجته الأولى ثلاثة أبناء، وسرعان ما توفيت مع اثنين من أولادها في الطفولة، أما الثالث فقد قتل في السابعة والأربعين من عمره، وكان يدعى ولات، تزوج أوصمان ثانية وأنجب ثلاثة أبناء (هوشنك، هوشين، هفال) وبنتين (هنكور، هيفي) وتبنى ابنة أخيه(كوي).
خاض اوصمان صبري معظم أشكال النضال الثوري والجماهيري بصلابة فولاذية وجرأة فريدة، وجاهد في رفع مستوى الوعي الاجتماعي والسياسي لشعبه من خلال الانضمام إلى الأحزاب والتجمعات والأندية. ساهم في منظمة خويبون التي تأسست في أواخر العشرينات من قبل البدرخانيين وممدوح سليم وقدري جميل باشا، ومصطفى بوزان شاهين بك، وغيرهم من الزعماء الكرد التقليديين، كما ساهم في التنسيق النضالي بين منظمة خوبيون وثورة أكري داغ ، وساهم في تأسيس نادي كردستان بدمشق عام 1938 ، وساهم في تأسيس أول حزب كردي منظم في سوريا تحت اسم (البارتي) عام 1957 مع عبد الحميد درويش والشيخ محمد عيسى وحمزة نويران، ثم أصبح سكرتيراً لفصيل اليسار بعد الانشقاق الذي حصل في البارتي عام 1965.
ترك الحزب في عام 1969 ولكنه ظل متمسكاً بمبادئه النضالية وأهدافه القومية . لم يدخر أوصمان جهدا في خدمة اللغة الكردية والثقافة الكردية بوجه عام، تعليما ودراسة وتأليفا، وساهم في تنشئة أجيال كردية مثقفة في اللغة والأدب الكرديين ممن عايشهم. أما كتاباته فهي: باهوز، دردي مه، جارلهنك، أبجديتان كرديتان الأولى29 حرفاً مثل أبجدية بدرخان ، والأبجدية الثانية بزيادة أربع أحرف كانت تغفل في الأبجديات الكردية السابقة، مجموعة شعرية صدرت في أوروبا تحت عنوان ((أشعار ابو)) ومن الجدير بالذكر أن سبب تسمية اوصمان a p o يعود إلى نقمته على الزعامة الكردية التقليدية وكراهيته حتى لألقابها((أغا، بك ، باشا)) على الرغم من أن عائلته كانت تتزعم عشيرة ((مرديس)) حيث درجت زوجة المرحوم جلادت في فترة نشوء علاقة أوصمان مع البدرخانيين على مخاطبته بكلمة a p o لمعرفتها بكراهيته لألقاب الزعامة الكردية المستعملة بين الكرد.
تعرض اوصمان صبري للاعتقال 18 مرة تفاوتت فتراتها بين أيام وشهور وسنين بسبب نضاله القومي الدؤوب ومقاومته للأنظمة التي تضطهد الشعب الكردي، اعتقل في تركيا 1926_ 1928 وخرج من السجن بعفو عام ، ثم اعتقل ثانية في 1928 لمدة سبعة أشهر بتهمة الأعداد للانقلاب ولم تثبت عليه التهمة. واعتقل في العراق مرتين في 1930ـ 1931، وفي لبنان مرتين 1935، ومن لبنان نفي إلى جزيرة مدغشقر في نفس العام. أما في سوريا فقد تكرر اعتقاله 12 مرة أبرزها خمسة أشهر في عهد حسني الزعيم ، وتسعة أشهر في حلب 1959 ، وستة أشهر في سجن المزة في أواخر 1966 ، وأخيراً سنة ونصف في سجن القلعة هام 1971.
بعد هذه العطاءات السياسية والثقافية الكبيرة ، وبعد 88 عاماً من النضال الدؤوب في حياة زاخرة بالصلابة والمقاومة العنيدة في سبيل الدفاع عن القضية الكردية العادلة ـ رحل أوصمان صبري وترك إرثاً نضالياً وثقافياً خالداً يكفي لتخليده كعلم من أعلام النضال الكردي التحرري. وهنا بعضاً من توجيهاته:
.......................................
مظلوم دوغان
مظلوم دوغان ( 1955 – 1982 ) - كـــــــاوا المعاصر : مظلوم دوغان
من الكوادر المؤسسة لحزب العمال الكردستاني ، عضو المجلس المركزي لحزب العمال الكردستاني . ولد عام 1955 في قرية ( ته مان ) التابعة لناحية ( مزكير) / ديرسم ، بعد انتهاءه من دراسة معهد المعلمين في مدينة (باليك كسير ) التركية التحق بكلية الاقتصاد ، التحق بالمجموعة الإيديولوجية لحزب العمال الكردستاني عام 1976، واعتقل في 30 أيلول 1979. تعرض مظلوم دوغان لتعذيب قل مثيله في السجن المركزي في ديار بكر لكن الدولة التركية لم تتمكن من الحصول على أية معلومة منه ، كان مصدراً للمعنويات للمعتقلين الآخرين في السجن حيث غير مجرى الأحداث في السجن وهكذا أصبحت مقاومات سجن ديار بكر عاملاً لانتشار فكرة حزب العمال الكردستاني .
احتفل بعيد النوروز في سجنه عبر إشعال ثلاثة عيدان ثقاب ثم أضرم النيران بجسده حتى استشهد ( 21 آذار 1982 ). مظلوم دوغان شخصية تأثر بها كل المعتقلين السياسيين من اليسار التركي والاحزاب الكردية الاخرى الذين كانوا معتقلين في نفس السجن ، هم الذين رووا مقاوماته الجبارة و كانوا شهوداً على عجز إدارة وضباط السجن عن كيفية تعاملهم مع مظلوم دوغان . تسللت أخبار مقاومات مظلوم دوغان عبر الزوار والمفرجين عنهم وحراس السجن إلى شعب آمد ، بواسطة مقاومته علم شعب ديار بكر أنه يمكن للكردي أن يقاوم ضد دولة تركيا مرة أخرى ، وبعد أن أضرم النيران بجسده أدرك الشعب أنه يمكن للكردي أن يحتفل بعيد النوروز مرة أخرى ، شعب آمد ( ديار بكر ) كانوا يداولون مقاومات مظلوم دوغان سرّاً وانتشرت روايته سريعاً في كل المدن الكردية الأخرى.
سماه القائد بـ ( المكتبة المتحركة ) لاتساع افقه وقابليته الكبيرة على التركيز والحفظ ، كان يقرأ 7 كتب يومياً ويحاضر على محتوياتها للكوادر في نفس اليوم، كان يحفظ كل كتاب قرأه عن ظهر قلب. سماه الشعب الكردي في ديار بكر بـ ( كاوا المعاصر ) نتيجة مقاوماته البطولية من جهة وكونه استهل مرافعته أثناء محاكمته بجملة : " سيظهر كاوا معاصر في كل مكان يشهد ضحاكين ظالمين " شعر: مظلوم دوغان مكتوب بالتركية ، الترجمة إلى العربية : ( 1 أيار 2008 – مركز الاتصال والإعلام )
وطني
كترابي وأصواتي وعشقي
لن تكون الخيانة كبيرة
ستكون كقبضة عصفور لا يملك أجنحة
لا يمكنه الطيران في طني
*******
عليّ كتابة قطيرات المطر
صوت الطفل ورفرفات عصفور طائرمن وطني
****
القلوب الجريحة للمعتقل
وما يسمعه الشاب قبل مقتله
وآخر ما ينطق به فم ميت
عليّ تسطيرها على ورقةٍ في وطني
******
بقدر تسلل أفعى هادئة
وبقدر الآثار التي تتركها على التربة
بقدر عقرب و وحش وكل السيئات المعروفة
عليّ كتابة الظلم
الخيانة
في وطني
مظلوم دوغان
.........................................................................................
قدري جان
ولد الشاعر قدري جان في ديريك في كردستان تركيا 1911. درس الابتدائية والمتوسطة في البلدة المذكورة وسافر بعدها إلى مدينة قونية للدراسة في دار المعلمين ولكنه فصل من المدرسة لمواقفه المناهضة لسياسة التتريك فاتجه هرباً من بطش الأتراك وخلال إقامته في سوريا تقدم للامتحان فحصل على شهادة تخوله التعليم في المدارس السورية ومنذ تخرجه عمل في سلك التعليم, وعين مديراً لمدرسة الغزالي في مدينة عامودا بين عام 1941 – 1942. لقد كان قدري جان ميلاً للأدب والأدباء ففي عام 1957 سافر إلى الاتحاد السوفيتي لحضور مهرجان الشباب في موسكو. لقد كتب قدري جان عدة قصائد خلال وجوده في الاتحاد السوفيتي منها قصيدة بعنوان (أنا ذاهب إلى موسكو), أما اللغات التي كان يتقنها فهي: الكردية, التركية, الفرنسية, العربية, والروسية والفارسية.
تبدو الصبغة السياسية والإيديولوجية في قصائده أقل حدة من معاصريه رغم النفس التقدمي الواضح في أعماله وقصائده, ويتميز شعره بالفطرة والبساطة في الأداء ورقة العبارة وسطحية الفكرة وله فضل في كتابه الشعر الحديث. وهو أكثر ميلاً إلى التمرد في قصائده القومية لقد حاول أن يصوغ إيقاعا حديثاً لنفسه من خلال بعض قصائده, وأنه أول من كتب الشعر الكردي الحديث حيث وضع حداً فاصلاً بين الشعر القديم والحديث.
توفي قدري جان في مدينة دمشق 1972 عن عمر ناهز الواحد والستين.
.........................................................................