الشيخ عمر الكردي- مفتي الشافعية في المدينة المنورة

  • بادئ الموضوع بادئ الموضوع Kurd Day
  • تاريخ البدء تاريخ البدء

Kurd Day

Kurd Day Team
[FONT=times new roman,times]
clear.gif
[/FONT]
[FONT=times new roman,times][/FONT]​
[FONT=times new roman,times]
الدكتور محمد علي الصويركي اتحاد الكتاب والأدباء الأردنيين/عمان- الأردن
[/FONT]
[FONT=times new roman,times][/FONT]
[FONT=times new roman,times][/FONT]
اسمه الكامل هو عمر بن عبد المحسن بن محمد أبو الفضل الكردي الكوراني الشافعي المدني، من مواليد المدينة المنورة في أواخر القرن الثالث عشر الهجري.

نشأ في بيت علم وأدب ومعرفة وصلاح وتقوى، فبرز من عائلته الكثير من العلماء والمحدثين في الحجاز وبلاد الشام، ولا تزال عائلة الكردي الكوراني ساكنة إلى اليوم في المدينة المنورة، ويحملون لقب الكردي، أو بلقب أبو الطاهر أو طاهر نسبة إلى جدهم الشيخ أبو الطاهر بن ملا إبراهيم الكوراني.

من صفاته وطباعه:

كان مربوع القامة، عظيم الهامة، أدعج العينين، أقنى الأنف، أبيض اللون، منبسط الصدر، كث اللحية، يرتدي الزي المدني الخالص، من الجبة الفضفاضة، والعمامة المهندمة.

أما بخصوص أخلاقه وصفاته، فكان عيناً من عيون المدينة المنورة، وفارس من فرسان العلم والأدب المبجلين فيها، فيه سمت العلماء، ووقار الفضلاء، ذكي، لماح، شاعر أصالة وصدق، متبحر في العلوم، لقب بقاضي المدينة المنورة وشاعرها ومفتيها، فكان صاحب وقار وهيبة، مع الاعتزاز بالنفس بلا غرور أو كبرياء.

دراسته:

أول بداية تعليمه دخوله إلى الكُتَاب فحفظ القرآن الكريم وجوده، ثم اخذ العلوم على يد والده، ثم على يد خاله الشيخ مأمون بري مفتي المدينة المنورة، والتحق بحلقات العلم في المسجد النبوي الشريف، فالتحق بحلقة العلامة الشيخ عبد الجليل برادة، ودرس عليه أشهر المصنفات الدينية والأدبية والتراثية، ودرس أيضاً الحديث والفقه والتوحيد والصرف والمعاني والبديع والبيان.

ثم التحق بحلقات العلماء والشيوخ كثر كحلقة الشيخ حبيب الرحمن الكاظمي، وحلقة الشيخ أمين الحلواني في الروضة الشريفة، وحلقة الشيخ جعفر البرزنجي مفتي الشافعية ودرس عليه الفقه الشافعي، ثم درس على يد الشيخ حسين الفيض أبادي بعض العلوم الدينية، واخذ رواية الحديث عن الشيخ فالح الظاهري... لذلك كان الشيخ عمر – رحمه الله- كالنحلة تمتص الرحيق من كل زهرة ووردة، فكان الطالب المجتهد، فيناقش ويسأل حتى يفهم ما يجول بخاطره، ومن شدة ذكاءه أنه أخذ أجازة من كل شيخ تتلمذ على يديه، وبعد حين ذاع صيته، وعلت شهرته، مما دفع شيوخ عصره إلى السماح له بالجلوس والتدريس في المسجد النبوي الشريف ليفيد الخلق والعباد وطلبة العلم.

التدريس بالمسجد النبوي:

تصدر الشيخ عمر الكردي للتدريس في المسجد النبوي بالمدينة النورة وعمره لا يتعدى العشرين عاماً، فكان عالما متضلعاً ماهرا بارعا في شتى صنوف العلوم والمعرف لما منحه الله من الموهبة والنجابة والذكاء. لذلك التف حوله طلبة العلم واستفادوا منه، وكان مجلسه حافلاً بطلبة العلم ومن الناس كافة.

الكردي قاضي المدينة المنورة:

أما بخصوص القضاء في العهد الهاشمي في الحجاز أيام الشريف حسين بن علي (1916-1925م)، فكان سجالاً بين الشيخ عمر الكردي الشافعي المذهب، والشيخ احمد كماخي الحنفي المذهب، وكانت المنافسة شريفة بين الجانبين، لا يشوبها الحقد والدسائس، فأحياناً يحظى الشيخ عمر الكردي بوثاقة صلته وشرف انتسابه إلى الملك حسين بن علي، وأحياناً يقوى مركز الشيخ الكماخي بنسبته لأمير المدينة الشريف علي بن الحسين، فكان يعزل هذا ويولي الثاني بلمح البصر، ومن تلك المواقف التي تذكر بينهما انه قويت شوكة الشيخ الكماخي عند الشريف علي بن الحسين فعزل الشيخ عمر الكردي من قضاء المدينة وولي الكماخي بدلا منه، وعزل الشيخ عبد الحفيظ من قضاء المستعجلة وولى مكانة آخر، وعزل الشيخ صالح الكردي الشقيق الأصغر لعمر الكردي من رئاسة ديوان الإمارة، فكانت ثلاثة أوامر عزل صدرت في يوم واحد عن ثلاثة مراكز دقيقة لأشقاء ثلاثة، وكان ذلك أمر مستغرباً لدى أهل المدينة المنورة، وهنا يأتي مجد الأدب والشعر الذي تميز به عمر الكردي عن منافسه الكماخي، فهو فقيه شاعر، وتأتي للفرصة لعمر الكردي ، فيطلبه الملك حسين إلى مدينة الطائف، ويتأهب الشيخ عمر لقنص الفرصة، ويعد قصيدة من النوع الذي يستهوي ذوق الملك ويداعب خياله، ويلامس أوتار قلبه، ويصدح أمامه بقصيدة طويلة مطلعها:

هي الدنيا قد اتسعت ولكن لشأوك لم تسع أزهارها اتساعا

فتلعب النشوة برأس الملك، ويلبي مقاصده، ويعيد الاعتبار له، ويرجو منه توكيل أخيه الشيخ عبد الحفيظ الكردي في تسلم المحكمة من الشيخ الكماخي، كما يرجو تبديل رئيس الكتاب لأنه من غير أنصاره، ويرشح شيخاً من أحلافه رئيساً للكتاب، وكانت هذه الحادثة نهاية التنافس الشريف حول خدمة المدينة المنورة بين هاذين الشيخين.

خطيب المدينة المنورة:

تصدر الشيخ عمر الكردي إمامة وخطابة المسجد النبوي الشريف زمناً طويلاَ من غير انقطاع. وكان في مواقفه الخطابية خطيباً مفوهاً كانت تدوي بنبراته جوانب المسجد النبوي في أسلوب رائع متجدد، ويتدرج في النصح والإرشاد والتوجيه، من اجل الإصلاح الديني والاجتماعي، ولم تكن الخطابة وظيفة وراثية شريفة فحسب، بل كان من الأئمة والخطباء والوعاظ المعدودين في المدينة المنورة.

وكان له مجلس أدب يلتقي فيه بصفوة رجال المدينة وخيرة رجالها، وكثيراً من الأدباء والعلماء، وكان يدور في مجلسه حوارات ونقاشات حول طرائف الأدب والحكمة، والقصص والحكايات، والحكم المأثورة، والشعر الجميل، ويناقش في لمجلس أحوال البلاد وشؤون المدينة وأهلها، وكان يكرم من يأتي مجلسه ويعنى به، فيقف للداخل إلى مجلسه وقوف التكريم والحب، وهذه من صفات الكرام والأفاضل.

الكردي الشاعر:

عرف الشيخ عمر الكردي بقرض الشعر والإبداع فيه، حتى غدى في مقدمة الشعراء المدنيين والحجازيين، فقد مارس نظم الشعر منذ وقت مبكر، فقد اطلع على روائع الشعر والأدب العربي القديم والحديث، وقلدهم حتى صار له منهج خاص في قول الشعر، ثم أخذ يقرض الشعر وينظمه في مختلف الاغراض والمناسبات، حتى أصبح شاعراٍ مرموقا في المدينة المنورة وبلاد الحجاز، واستحق بجدارة لقب " شاعر الشريف حسين" ملك الحجاز، وقد طارح شعراء عصره أمثال معروف الرصافي وجميل الزهاوي والشيبي والعشقي وغيرهم، وامتاز شعره بجزالة اللفظ، وسهولة المعنى.

وقد نشر له الكثير من قصائده في جريدة " القبلة" التي كانت تصدر في مكة المكرمة، وترك ديوان شعر كبير مخطوط، لو يقدر له إن يطبع فسوف يقع في ثلاثة مجلدات، وترك أيضاً آثاراً نثرية لا زالت مخطوطة مثل الكتب والخطب والمقالات، ويقال أن مخطوطة ديوانه موجودة لدى الشيخ ضياء الدين رجب – ابن أخت الشيخ عمر- وكان يأمل بطباعته ولم يطبعه، ونأمل من أحفاده طباعة آثار هذا الشيخ الجليل.

نماذج من شعره:

نظم لشيخ عمر الكردي قصيدة طويلة في ولادة النبي محمد عليه السلام، جاء فيها:

وِلادةُ خير الخلقِِ، ليلتُها الغـَرَّا هي العيد للإسلام، فاهنأ بها دهرا

وجدد بها في كل عامٍ مظاهـراً تعين على التاريخ من شرفٍ ذكرّا

أيا ليلة الميلاد عاد بك الهــنا على أمة الإسلام تُهدى لنا البشرى

ووافى ربيعُ جمـــالكِ زاهياً بأبهج نور فاقَ في حسِنهِ الزاهرا

يصور فيك الفكرُ أشرفَ مـولدٍ لأشرف مولودٍ يفوق الورى طرَّا

محمد أسمى الرسل من جاء رحمه إلى الناس حتى عمّم الفضل والبِِرَّا

محمد هذا شافع الخلق في غــدٍ محمد هذا من محا الشرك والكفرا

محمد سامي المعجزات ومن بـه من المسجد الأقصى المهيمن قد أسرى

فحقّ على الإسلام يبدي ابتهاجـه بليلة ميلاد الشفيع أبي الزهــرا

وقال الشيخ الكردي عندما كان بالشام سنة 1337هـ مشطراً أحد أبيات شعراء المدينة المنورة:

دنوت وقد أبدى منه الكرى ما أبدى فبددت سجف الليل أقتطف الوردا

وقد ضمني عند الصباح معانقــاً فقبلته في الخـد تسعين أو إحدى

وأصرت في خديه ناراً وخضـرةً وتفاحةً أخطأ في عضـِـها العدا

وريحان روض بالعقيق قد انتشـى فما أملح المرعى وما أعذب الوردا

تلهب ماء الحد أو سـال جمــره هي الراح إلا أنها مزجـت شهدا

وبمناسبة تتويج الملك فيصل الأول ملكاً على عرش العراق يوم 10آب1921م، ألقى الشيخ عمر الكردي بين يدي جلالة الملك الحسين بن علي قصيدة بعنوان" هنئت هذا اليوم"، قال فيها:

حققت وحـدة أمـة عربيــــة لقد استقـر التاج فوق عــراق

لله اشرف مظـهر مــلأ الدنــا شرفاً ودام يضيء في الآفــاق

لك ما تشـا من همة الشرف الذي أبدى محيا البـدر بعد محــاق

نور من الحـرمين لاح وانـــه قد عم كل الكــون في الإشراق

هذا العراق وصــنوه في أثــره سيجد أقصى السير في الإلـحاق

مولاي دم ظل الإلـه فروعـــه تمتد في الآفـاق كالأعـــراق

وأضيء لعرش الهدى في حرم التقى وأمدد نطاق المــلك أي نطـاق

تتتوج التيــجان منك وإنــــها بسناك تصبـــح قـرة الآماق

هنئت هذا الـيوم انك نعمــــة مـن (منقـذ) هو نعمة الخـلاق

أبداك بالشــرف الذي قد زانــه عال التـقى ومكارم الأخــلاق

إن الآباء من الشريف حسامــه يعلو به متناهــــي الأعنـاق

لم يعد مبدأك العـظيم تغــــير عند اضطراب القـوم في الميثاق

للدين دم ولأمة فكلاهمـــــا لولاك ما نجيا من الإغـــراق

خروجه من الحجاز:

كان الشيخ عمر الكردي موالياً للهاشميين في الحجاز، وعندما انتهت مملكة الحجاز عام 1925م وآلت البلاد بعد ذلك إلى موحد الجزيرة العربية الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود – رحمه الله - قابل الشيخ عمر الكردي الملك عبد العزيز حين زار المدينة المنورة سنة 1344هـ /1925م وطلب منه السماح بالخروج من الحجاز، فأذن له الملك بذلك. وكان ذلك لولائه وحسن وفائه لولاته الهاشميين، فقد نزح حيث نزحوا وفارق وطنه الحجاز، لا كرهاً في الولاة القادمين، ولكنه تشبث بعاطفة الود للسالفين، وتلك هي الخلال التي كان يكبرها الملك الراحل عبد العزيز في الأوفياء؛ لأن من حرص على صديقه ووليه حري بأن يحرص تاليه، وتلك سجية الكبراء، ومبدأ الشرفاء.

فنزل الشيخ عمر الكردي إلى العراق لدى حكامه الهاشميين، ومكث بها حتى أدركته المنية هناك. وكانت وفاته في بغداد بعيداً عن أهله وذويه وعارفي فضله، وعن مدينته ومسقط رأسه، وكان ذلك سنة 1351هـ/1935م.

رحم الله الشيخ عمر الكردي، فقد كان من أعلام القضاء والشعراء في المدينة المنورة والحجاز وبلاد العرب. وكانت له حياة حافلة بالعطاء والعمل الصالح والعلم النافع.

مراجع المقال:

انس يعقوب الكتبي الحسني: أعلام من أرض النبوة، الجزء الثاني، المدينة المنورة،

م
بعض اعداد من جريدة القبلة.

محمد الصويركي: أعلام الكرد في الحجاز، الكرد والهاشميون، مقالان منشوران على الانترنت​
 
رد: الشيخ عمر الكردي- مفتي الشافعية في المدينة المنورة

كل الشكر لالك كوباني على تعريفنا بالشخصية الرائعه هي
دمت بالف خير
 
هور يانعه في بساتين المنتدى نجني ثمارها من خلال الطرح الرائع لمواضيع اروع
وجمالية لا يضاهيها سوى هذا النثر البهي
فمع نشيد الطيور
وتباشير فجر كل يوم
وتغريد كل عصفور
وتفتح الزهور
اشكرك من عميق القلب على هذا الطرح الجميل
بانتظار المزيد من الجمال والمواضيع الرائعه
 
عودة
أعلى