Kurd Day
Kurd Day Team
شعراءٌ وتيوس
" اللحى زينةُ الرجل " قالها الرسول الكريم صلوات الله عليه قبل ألف وأربعمائة سنة .
من منا لم يجد جدَه أو أباه أو كبير عائلته ذا لحيةٍ طويلةٍ أطلقها في سبيلِ الله وعلى سنتِه ورسولِه , ففي ثقافتنا العامة هذه الأشعار التي تنبتُ على الوجه هي مبعثُ وقارٍ وعلامةُ رزانةٍ ومصدرُ حكمةٍ ودليلُ تقوىً وخاصة عندما تُطلق أو عندما يغزوها الشيب , حيث يشتاق الشاب إلى الانحناء أمامها وتقبيل يد صاحبها .
إلا أن الأمرَ مختلفٌ في بلاد فارس , فإن لِِلِحى آيات الله وظيفة مختلفة تماماً , هناك يُصنَع من اللحى أمراسٌ تستخدم لشنقِ الأبرياء طالبي الحرية .
شرُ حبلِ مشنقةٍ , هو ما ضُفِر من لحى رجال الدين , لا شك أنه أكثر ألما وإيلاما لأنه حبل غدر لا محالة .
وما دمنا في سيرة اللحى في بلاد فارس يحكى أنه في قديم الزمان وسالف العصر والأوان كان هناك شاعرٌ فارسي طليقُ اللحى يجمعُ اللطفَ ورهافةَ الحس ورقةَ المشاعر , زُجَّ به في السجن ينتظر إعدامه ظلما وأُدخِل في مهجع يعج بالسجناء المجرمين , وكان كل يوم , حين يغلي في داخله اشتياقه للحرية , يقوم بإلقاء شعر حزين جهارا على مسامع السجناء ويسكبُ الدموعَ دون أن يجد من السجناء من يصغي إليه أو يعره وشعرَه شيئا من الاهتمام إلا سجينا واحداً ذا ثياب رثة ووجه قبيح فإنه كلما وجد الشاعر في ذروة شاعريته أمطر الدموع مدراراً منتحبا بقلب حزين ونفس كئيبة , ساور الشاعر الفضول في معرفة هذا السجين ذي المشاعر الجياشة والعواطف الفياضة فلا بد أن هذا الشخص ذو شان في الأدب والعلم حتى ينوح لمجردِ ما يُلقى على مسامعِه بيتٌ حزينٌ من الشعر, فتقدم منه وسأله عن سبب بكائه وهو يتوقع أن يكون الجواب بديهيا , ولكن الجواب جاء عكس المتوقع عندما قال الرجل : أنا أبكي لأنني قبل مجيئي إلى هذا السجن كنت أرعى الماعز وكان لي تيس ضخم طويل اللحية , يثغو بصوت جهوري فتهتز لحيته كما تهتز لحيتك وأنت ترفع عقيرتك لتزعجنا بجنونك وهلوساتك , فأنت تذكرني بتيسي الذي اشتقت إليه كثيراً وليس لي غير الدموع في التعبير عن اشتياقي له .
مات الشعراء في بلاد فارس وظل التيوس ورعاتهم يرقصون على قبور حافظ شيرازي وعمر الخيام !
د.الان كيكاني