مهاتفة من امرأة مجهولة

مهاتفة من امرأة مجهولة


يحيى السماوي


مَـنْ أنـتِ يامـجهــولـة َ الـمَـطـر ِ
زخّـتْ فـأوْرَقَ مـاؤهـا شَجَــري ؟

أيـقـظـت ِ قــنـديــلا ً وقـافــيــة ً
وأضأتِ كهـفي مَـطلعَ الـسَّحـَـر ِ ؟

أيـــكــونُ طـيـفـا ً ؟ أيُّ زائــرة ٍ
مـن قـبـلِ هـذا الـلـيـل ِ لم تَـزُر ِ ؟

أمْ تـلـك يـقظــة ُعاشـق ٍ تـَعِـبَـتْ
أحـداقـهُ مــن مِـرْوَد ِ الـضـجَــر ِ ؟

قـد كـان أيـقـظ َ مـن صَـبـابـتِـه ِ
وطـنـا ً وداعَـبَ مُـقـلـة َالـسَّـفـر ِ ؟

يسْـتعْـطِـفُ الماضي لعـلَّ رؤى ً
خضراء تُعْـشِـبُ جـثـة َ الـحَجَـر ِ !

وأطـالَ تـحـديــقــا ً بــنــافــــذة ٍ
شَـلـَّـتْ سِــتـارَتـَهـا يـــدُ الـقـدر ِ

وأنــا وأوراقــي يُـحـاصِــرنــا
لـيـلٌ يـتـيـمُ الـنجــم ِ والـقـمَــر ِ

مُتلازمان ِ رؤى ً فما افـتـرقــا
إلآ لِــيَـلـتـقـيـــا عـلـى خَـطـَـر ِ

ورثـا عــن (الضِلـيـل ِ) محـبَـرة ً(1)
ومـكــارمَ الأخلاق ِ عـن مُـضَـر ِ

واسْـتَـنـطـقا شـفـة َ الهوى لـغــة ً
تـشـدو بحـب الـبــدو ِ والـحَـضَـر ِ

مَـنْ أنـت ِ ؟ قـد أتعَـبتِ ذاكـرتي
لا تـحـرمـيـني نـشـــوة َ الـخَـدَر ِ !

طـحَنـتْ رُحى الأيام ِ أشـرعتي
هـلّا مَــدَدْت ِ يـدا ً لـمُـحْـتَـضِـر ِ ؟

إنْ تـسْـتـري الأزهارَ عن مُـقـلي
فـعـبـيـرُ زهـرِك ِغـيرُ مُــسْـتَـتِـر ِ !

خَـضَّـبْـت ِ بــالأشـذاء ِ أوردتــي
وبَـعَـثْـتِـنـي صَـبّـا ً عـلى كِــبَـــر ِ !

**

أخـطأتُ ـ قـالـتْ ـ رقـمَ مـنـزلِـنـا
فاقـبَـلْ ـ رجوتكَ ـ عـذرَ مُـعْـتَــذِر ِ !!

فأجَـبـتُـها : لا .. لـسـت ِ مُخـطِئـة ً
لا تــوصدي الأبوابَ .. فانتظري

لــك ِ مــنـزلٌ عـنـدي ومـنـــزلـة ٌ
ونـديـمُ صـوت ٍ ســاحِـر ٍ عَـطِـر ِ

فـيـمَ اعـتِـذارُك ِ؟ واصِـلي نَـغـمـا ً
لـيـطـيـبَ عـنـد ضَفافِـه ِ سَـهَـري

مَنْ أنتَ؟ قلتُ :صداكِ .. فارتبكتْ
شـفـتـانِ : مـن ورد ٍ ومــن خَـفَـر ِ

قـالـتْ :أراك ـ إذا رغِـبـْتَ ـ غدا ً
في الطيف ِ أو تـرنـيـمـة الـوتَـر ِ !

نجمي بعـيـدٌ .. فالـتمِـسْ لـهـوى ً
غـيري..أخافُ عليكَ من خُـسُـر ِ !

فــأجَـبـتُـها ـ وأنـا جـريــحُ منىً
طُـعِـنـتْ بمِـديــة ِ جاحِـد ٍ أشِــر ِ :

ماذا سأخـسَـرُ؟ قد أضعـتُ غـدي
ورضعتُ ثديَ الحزنِ من صِغَري

وخـسـرتُ بـدءَ يـفاعَـتي وطـنـا ً
قــد كـنـتُ فـيـه مُـجَـنَّـحَ الـفِـكَـر ِ

وُشِـمَـتْ بلون نـخـيـلِه ِ مُـقـلـي
ونـقـشـتُ فـوقَ جذوعِـه ِ أثـري

إنْ كـنـتُ في العـشّـاق ِ مُـبـتـدأ ً
فـهـواه يــا أختَ الهوى خَـبَـري

وُيـقـالُ : إنَّ مــيـاهَ ( سـاوتِـهِ )
غَـسَـلتْ جبينَ الأرضِ من كَـدَر ِ

أصْحَـرتُ من جيلين ِ وانطـفأتْ
رَوضي فـكوني شـهــقـة َ المطـر ِ

صَدَقَ ( البصيرُ ) عسى مُحَدّثتي (2)
تأتي لـيصـدُقَ هاجـسُ الـبَـصَـر ِ

الصّـمْـتُ كــاد يَـشِـلُّ حنجـرتي
لـــولا رنـيـنٌ غـيـرُ مُـــنـتَـظَـر ِ

ضَـحِكَـتْ وفاضَ عـبـيـرُها نـغـما ً
وتـنـهّـدتْ ... لكــنْ : عـلى حـذَر ِ

قـالتْ : عرفتُك َ ... فاستحيتُ وقد
فضَحَ الهوى سِـرّي عــلى كِــبَــر ِ !!

****

(1) الضليل : الشاعر امرؤ القيس
(2) إشارة إلى قول بشار بن برد : والأذن تعشق قبل العين أحيانا

 
رد: مهاتفة من امرأة مجهولة

اختيار رائع جدا
كل الشكر لالك اخي
 
هور يانعه في بساتين المنتدى نجني ثمارها من خلال الطرح الرائع لمواضيع اروع
وجمالية لا يضاهيها سوى هذا النثر البهي
فمع نشيد الطيور
وتباشير فجر كل يوم
وتغريد كل عصفور
وتفتح الزهور
اشكرك من عميق القلب على هذا الطرح الجميل
بانتظار المزيد من الجمال والمواضيع الرائعه
 
عودة
أعلى